دراسة تكشف خطورة الجلوس لفترات طويلة على صحة القلب حتى مع الرياضة
في الآونة الأخيرة، انتشرت العديد من الدراسات التي تركز على تأثير نمط الحياة بصحتنا العامة، وخاصة القلب، إحدى الدراسات الحديثة التي أثارت الكثير من الاهتمام أظهرت أن الجلوس لفترات طويلة يعد عاملًا خطرًا للإصابة بأمراض القلب، حتى في الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام، قد يظن البعض أن ممارسة الرياضة اليومية كافية للحفاظ على صحة القلب، ولكن هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية تقليل فترات الجلوس الطويلة في اليوم.
الدراسة وأهدافها
الدراسة التي أجرتها جامعة كوينز في بلفاست بالشراكة مع جامعة كارديف في المملكة المتحدة، ركزت على فحص تأثير الجلوس لفترات طويلة على صحة القلب والأوعية الدموية، تم متابعة أكثر من 100,000 شخص لمدة 6 سنوات والهدف من الدراسة كان تقييم ما إذا كانت ممارسة الرياضة اليومية يمكن أن تعوض الأضرار التي يسببها الجلوس لفترات طويلة، أو ما إذا كان الجلوس لفترات طويلة يمثل تهديدًا مستقلًا لصحة القلب.
نتائج الدراسة
أظهرت نتائج الدراسة أن الأشخاص الذين يجلسون لفترات طويلة خلال اليوم، حتى لو كانوا يمارسون التمارين الرياضية بشكل منتظم، يظلون عرضة للإصابة بأمراض القلب وفي المقابل، أولئك الذين قاموا بتقليص فترات الجلوس الطويلة (مثل الوقوف كل فترة قصيرة أو المشي لمدة دقائق عدة) كانوا أقل عرضة للإصابة بالأمراض القلبية، حتى إذا لم يمارسوا الرياضة بنفس الكثافة.
الدراسة أكدت أن الجلوس لفترات طويلة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى مشكلات صحية أخرى مثل السمنة، السكري، وارتفاع ضغط الدم، بينما كان هناك تحسن ملحوظ في صحة الأفراد الذين تجنبوا الجلوس لفترات طويلة، حتى لو كانت ممارستهم للرياضة ليست بنفس القدر المطلوب.
لماذا الجلوس لفترات طويلة ضار؟
يعزو الخبراء الأضرار الناتجة عن الجلوس لفترات طويلة إلى تأثيره على الجسم بشكل عام، عندما نكون جالسين لفترات طويلة، يتباطأ معدل التمثيل الغذائي، مما يقلل من قدرة الجسم على حرق الدهون والسعرات الحرارية، كما أن الجلوس المطول يزيد من الضغط على الأوعية الدموية، مما يمكن أن يؤدي إلى تراكم الدهون والشحوم حول الأعضاء الداخلية، خاصة في منطقة البطن، هذا النوع من الدهون يمكن أن يساهم في حدوث التهابات وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
من جهة أخرى، يؤدي الجلوس لفترات طويلة إلى ضعف تدفق الدم إلى الأطراف السفلية، مما يزيد من احتمالية تكون جلطات دموية في الساقين (وهي حالة تعرف بالتجلط الوريدي العميق) وبالتالي، يمكن أن يكون الجلوس المطول عاملًا مؤثرًا في زيادة خطر الإصابة بالأمراض القلبية.
تأثير الرياضة على صحة القلب
بالرغم من أن الرياضة تلعب دورًا مهمًا في تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية، إلا أن الدراسات تشير إلى أن تأثير الجلوس لفترات طويلة يظل مضرًا حتى مع ممارسة التمارين الرياضية، التمارين الرياضية تسهم في تحسين وظيفة القلب، وتقليل الدهون الزائدة، وتحسين مستويات الكوليسترول، لكنها لا تكفي وحدها لمواجهة الأضرار التي يسببها الجلوس لفترات طويلة.
وفقًا للدراسة، فإن فترات الجلوس الطويلة تظل تؤثر على الجسم سلبًا حتى عند الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية بانتظام، على سبيل المثال في حالة الأشخاص الذين يمارسون الرياضة لمدة 30 دقيقة يوميًا ولكنهم يقضون بقية اليوم جالسين لفترات طويلة، فإن ممارسة الرياضة لا تعوض تمامًا الأضرار الناتجة عن قلة الحركة.
توصيات للوقاية
من أجل تقليل الأضرار الناتجة عن الجلوس لفترات طويلة، يقدم الخبراء عدة توصيات يمكن أن تساعد في الوقاية من الأمراض القلبية:
1. الوقوف والتحرك بشكل متكرر: ينصح الخبراء بأن يأخذ الشخص فترات راحة قصيرة كل 30 دقيقة من الجلوس، يمكن أن يكون الوقوف أو المشي لبضع دقائق مفيدًا لتحفيز الدورة الدموية.
2. ممارسة تمارين رياضية منتظمة: من الضروري ممارسة الرياضة بانتظام، مثل المشي أو الجري أو السباحة، توصي المنظمات الصحية بممارسة 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل أسبوعيًا.
3. استخدام مكاتب الوقوف: يمكن للأشخاص الذين يعملون لفترات طويلة على المكاتب استخدام مكاتب وقوف أو ترتيبات أخرى تسمح لهم بالتحرك والوقوف بشكل متكرر أثناء العمل.
4. التركيز على تمارين القوة: إلى جانب التمارين الهوائية مثل المشي أو الجري، يمكن أن تساعد تمارين القوة مثل رفع الأثقال في تعزيز صحة القلب والعضلات.
إن الجلوس لفترات طويلة هو عامل خطر لا ينبغي تجاهله عند التفكير في صحة القلب والأوعية الدموية، كما كشفت الدراسة، فإن ممارسة الرياضة بانتظام لا تعني بالضرورة أن الشخص محصن ضد المخاطر المرتبطة بالجلوس لفترات طويلة، لذا من الضروري أن يتبنى الأفراد نمط حياة نشط يشمل تقليل فترات الجلوس الطويلة.