كيف أحقق الخشوع في الصلاة؟ توجيهات أمين الفتوى
في ظل انشغالات الحياة اليومية وضغوطها المتزايدة، يعاني الكثير من المسلمين من صعوبة تحقيق الخشوع في الصلاة وقراءة القرآن الكريم، وهو ما يدفعهم للبحث عن السبل التي يمكن أن تعيد إليهم حلاوة العبادة وروحانيتها، وفي مقطع فيديو مؤثر نشرته الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية عبر موقع "فيسبوك"، تناول الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، هذا الموضوع الشائك الذي يشغل بال الكثيرين.
أهمية المداومة على العبادة لتحقيق الخشوع
استهل الشيخ عويضة حديثه بالإشارة إلى أن الشعور بالخشوع في الصلاة لا يأتي بسهولة، وإنما يحتاج إلى صبر ومجاهدة مستمرة، وأوضح أن الوقوع في خطأ التوقف عن الصلاة أو قراءة القرآن بسبب عدم الإحساس بحلاوتهما هو أمر يجب الحذر منه، وقال الشيخ: "المداومة على الصلاة والتلاوة هي العلاج الأمثل"، مؤكدًا أن الاستمرار في أداء العبادات هو السبيل للوصول إلى حالة من السكينة والطمأنينة.
وأشار الشيخ إلى أهمية استلهام العبر من حياة الصالحين الذين كانوا يقدرون قيمة العبادة ويسعون إلى تحقيق الخشوع فيها، واستشهد بقصة الزاهد عتبة الغلام، الذي تطلب منه الأمر 20 عامًا ليعتاد قيام الليل، و20 عامًا أخرى ليشعر بلذته، وأضاف الشيخ أن هذه القصص تعكس حجم المجاهدة التي بذلها السلف الصالح في سبيل الوصول إلى هذا الشعور الروحي العميق.
كيف يمكن تحقيق الخشوع في الصلاة؟
وفي معرض إجابته عن هذا السؤال، لفت الشيخ عويضة عثمان إلى أن الشيطان يسعى دائمًا لتشتيت ذهن المسلم أثناء الصلاة، مما يجعله يفكر في أمور دنيوية بعيدة عن روح العبادة، لكنه أشار إلى قوله تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا"، مبينًا أن تحقيق الخشوع يتطلب جهدًا وتركيزًا دائمين.
ونصح الشيخ عويضة عثمان بأداء الصلاة وكأنها صلاة وداع، بحيث يضع المسلم في ذهنه أن هذه قد تكون آخر صلاة يؤديها في حياته، وقال: "مشكلتنا مع العبادة أننا نفعلها في سهو وغفلة، مما يجعل البعض لا يشعر بأنه يصلي حتى ينتهي منها"، وأكد على أهمية ترك مشاغل الدنيا جانبًا أثناء الصلاة، والتركيز الكامل على الوقوف بين يدي الله.
هل يؤثر عدم الخشوع على صحة الصلاة؟
وعن مدى تأثير غياب الخشوع على صحة الصلاة، أوضح الشيخ عويضة عثمان أن حديث النفس أثناء الصلاة لا يبطلها، لكنه مكروه وينقص من أجرها، وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إعادة الصلاة في يوم مرتين، مشددًا على أهمية الاستغفار بعد الصلاة لتعويض أي نقص في الخشوع.
وأكد الشيخ عويضة عثمان أن الخشوع في الصلاة هو العنصر الأساسي الذي يرفع من قيمة العبادة ويزيد من أجرها، ولفت إلى أن المطلوب من المسلم هو السعي المستمر نحو تحقيق الخشوع، من خلال التركيز في كل ركعة وسجدة، والتأمل في معاني الآيات التي يقرأها أثناء الصلاة.
رسالة دار الإفتاء إلى المسلمين
في ختام حديثه، وجه الشيخ عويضة رسالة ملهمة إلى المسلمين، داعيًا إياهم إلى المداومة على الصلاة والعبادة، حتى وإن غاب الخشوع في البداية، وأكد أن الاستمرار في العبادة مع استحضار النية الصادقة والصبر هو الطريق لتحقيق هذا الشعور الروحي، كما دعا إلى قراءة سير الصالحين، الذين كانوا يعتبرون العبادة غنيمة عظيمة، ليكونوا مصدر إلهام للمسلمين في حياتهم اليومية.
بهذا التوضيح، تسلط دار الإفتاء المصرية الضوء على أهمية المثابرة في العبادة وعدم الاستسلام لوساوس الشيطان أو فتور النفس، فالخشوع هو ثمرة الجهد والمجاهدة، وهو الوسيلة الأسمى للتقرب إلى الله والشعور بلذة الطاعة والإيمان.