الإفتاء: زيادة عدد المصلين على الجنازة تعظم الأجر وتكريم للميت
تعد صلاة الجنازة من أهم الشعائر الإسلامية التي تعكس روح التعاون والتراحم بين المسلمين، وفي هذا الإطار تلقت دار الإفتاء المصرية استفسارات عدة تتعلق بفضل كثرة عدد المصلين على الجنازة، وحكمها، وآدابها، إضافة إلى الموقف الصحيح للإمام أثناء تأدية هذه الصلاة، وفيما يلي أبرز ما أوضحته الدار في هذا السياق.
فضل كثرة عدد المصلين على الجنازة
أكدت دار الإفتاء أن كثرة المصلين على الميت تعد من الأعمال التي ينال بها المسلم الشفاعة والمغفرة، سواء للميت أو للمصلين، واستشهدت الدار بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي رواه الإمام مسلم: “مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ”.
كما أوردت حديثًا آخر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لَا يَمُوتُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَبْلُغُوا أَنْ يَكُونُوا مِائَةً، فَيَشْفَعُوا لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ”.
موقف الإمام أثناء صلاة الجنازة
وفيما يتعلق بموقف الإمام أثناء صلاة الجنازة، أوضحت دار الإفتاء أن السنة النبوية توضح أن الإمام يقف عند رأس الرجل وعند وسط المرأة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يصلي على الرجال عند الرأس وعلى النساء عند الوسط، لكن الدار أكدت أن هذا الموقف مستحب وليس واجبًا، مما يعني أن الخلاف حوله بين الفقهاء يتعلق بالسنة وليس بصحة الصلاة.
كما شددت الدار على أهمية الابتعاد عن اللغط والمشادات أثناء صلاة الجنازة، وأوضحت أن الجنائز مقام يقتضي السكون والصمت، لما في ذلك من استحضار للموت والخشوع لله عز وجل، مشيرة إلى قول الصحابي قيس بن عباد: “كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي الْجَنَائِزِ”.
حكم صلاة الجنازة وثوابها
بيّنت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة فرض كفاية، أي إذا قام بها عدد كافٍ من المسلمين سقط الإثم عن الباقين، كما أوضحت أن لها ثوابًا عظيمًا، استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ وَلَمْ يَتْبَعْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ تَبِعَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ”. قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ”.
وذكرت أيضًا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل اتباع الجنازة من حقوق المسلم على أخيه المسلم، مؤكدة أهمية المشاركة في هذه الشعيرة لما تحمله من معانٍ إنسانية ودينية سامية.
الاختلاف بين الفقهاء حول موقع الإمام
استعرضت دار الإفتاء الاختلافات الفقهية حول موقع الإمام أثناء صلاة الجنازة، فبينما يرى الحنفية أن الإمام يقف عند صدر الميت، ذهب المالكية إلى الوقوف عند وسط الرجل ومنكب المرأة، أما الشافعية والحنابلة فيرون أن الإمام يقف عند رأس الرجل ووسط المرأة، مستندين إلى نصوص السنة النبوية.
وأكدت الدار أن هذا الخلاف لا يمس صحة الصلاة، وأن الأهم هو تحقيق الخشوع والتوجه لله عز وجل، بعيدًا عن الجدال أو الإنكار في المسائل المختلف فيها.
آداب الجنائز
أشارت دار الإفتاء إلى أهمية الالتزام بآداب الجنائز التي تشمل التزام الصمت والسكينة، وعدم رفع الصوت أو التشويش على المصلين، كما نبهت إلى أن رفع الصوت في مثل هذه المواقف يعكر صفو الخشوع المطلوب ويخالف هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أكدت دار الإفتاء المصرية أن صلاة الجنازة شعيرة عظيمة تعزز التراحم بين المسلمين، وأن كثرة عدد المصلين على الجنازة تجلب الخير للميت والمصلين معًا، كما دعت الجميع إلى الالتزام بالآداب الشرعية خلال الجنائز، وتجنب الخلاف واللغط، بما يحقق روح الإسلام السامية ويعبر عن التضامن الإنساني في أبهى صوره.