برعاية رئيس الجمهورية.. انطلاق فعاليات الندوة الدولية الأولى لدار الإفتاء
في حدث استثنائي يجمع نخبة من العلماء بالإفتاء والمفتين من مختلف دول العالم الإسلامي، انطلقت اليوم الندوة الدولية الأولى التي تنظمها الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، وبرعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وذلك بمركز مؤتمرات الأزهر الشريف.
الفتوى وتحقيق الأمن الفكري
وتحمل الندوة عنوان “الفتوى وتحقيق الأمن الفكري”، وتُعقد على مدار يومين، من 15 إلى 16 ديسمبر الجاري، وسط حضور واسع يشمل علماء بارزين، وزراء، وكبار رجال الدولة، إلى جانب عدد من علماء الأزهر الشريف، في تأكيد على أهمية الحدث ومكانته في معالجة القضايا الفكرية الملحة.
تأتي هذه الندوة في توقيت حرج يشهد فيه العالم تحديات فكرية متزايدة، تتطلب تكاتف الجهود للتصدي للأفكار المتطرفة وتعزيز قيم الاعتدال والتسامح، دار الإفتاء المصرية، باعتبارها واحدة من أبرز المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، تقود هذا الحدث الدولي بهدف تسليط الضوء على الدور المحوري للفتوى في تحقيق الأمن الفكري ومواجهة التحديات الفكرية التي تهدد استقرار المجتمعات.
وتسعى الندوة، من خلال جلساتها المكثفة ونقاشاتها المعمقة، إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات الإفتائية والعلمية على مستوى العالم، كما تهدف إلى صياغة رؤى ومقترحات عملية لتطوير منهجية الإفتاء، بما يتناسب مع تطورات العصر وتحدياته، وهو ما يفتح الباب أمام بناء مجتمعات مستقرة قادرة على مواجهة الأزمات الفكرية والأيديولوجية بحلول مستنيرة وفعّالة.
دور المؤسسات الدينية في تحقيق الأمن الفكري
من جانبه، أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في كلمته الافتتاحية، أن الندوة تأتي في إطار رؤية شاملة لدور المؤسسات الدينية في تحقيق الأمن الفكري كجزء من منظومة الاستقرار المجتمعي والتنمية المستدامة، وأشار إلى أن الفتوى ليست مجرد أداة للإجابة على المسائل الفقهية، بل أصبحت أداة فعّالة في مواجهة الأفكار المتطرفة، وتوفير بيئة فكرية تحترم التنوع والتعددية الثقافية والدينية.
ويُشارك في الندوة كوكبة من العلماء والمفتين من دول مختلفة، حيث سيُلقون الضوء على تجارب دولهم في مجال الإفتاء، وكيف يمكن الاستفادة من تلك التجارب في صياغة رؤية موحدة لمواجهة الفكر المتطرف على المستوى الدولي، إلى جانب ذلك، يحضر نخبة من الوزراء وكبار رجال الدولة في مصر، في تأكيد على أهمية الدور المشترك بين المؤسسات الدينية والدولة في تحقيق الأمن الفكري والاستقرار.
دور الفتوى في محاربة التطرف
وتحظى الندوة باهتمام خاص لكونها تتناول محاور حيوية تتعلق بتطوير الخطاب الديني والإفتائي، وتقديم نماذج إيجابية تعزز قيم التعايش والسلام، وتشمل محاور النقاش موضوعات مثل “دور الفتوى في محاربة التطرف”، و”كيفية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في نشر الفتاوى الوسطية”، و”التحديات التي تواجه المؤسسات الإفتائية في العالم”، مع التركيز على ضرورة مواكبة التطورات المعاصرة دون المساس بجوهر الرسالة الدينية.
هذا الحدث الدولي يعكس الجهود الحثيثة التي تبذلها دار الإفتاء المصرية لتعزيز الفكر الوسطي، وترسيخ قيم الاعتدال والتسامح، في وقت أصبح فيه العالم بأمس الحاجة إلى مؤسسات دينية قادرة على مواجهة الأفكار المتشددة والخطاب المتطرف الذي يهدد المجتمعات.
ترسيخ ثقافة الحوار
وفي سياق متصل، أشار المشاركون إلى أهمية تعزيز التعاون بين المؤسسات الإفتائية والعلمية من مختلف دول العالم، من أجل صياغة استراتيجيات مشتركة تسهم في مواجهة التحديات الفكرية التي تواجه الشباب بشكل خاص، وتعزز من دور المؤسسات الدينية في نشر القيم الإيجابية وترسيخ ثقافة الحوار وقبول الآخر.
الندوة الدولية الأولى لدار الإفتاء ليست مجرد حدث عابر، بل خطوة هامة نحو تحقيق رؤية شاملة للأمن الفكري، بما يُسهم في بناء مجتمعات مستقرة، مزدهرة، ومتعايشة، وهي دعوة صريحة إلى جميع المؤسسات الدينية والعلمية للتكاتف والتعاون من أجل مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا للإنسانية.