عناكب سوداء تتساقط من السماء في البرازيل تثير ذهول السكان

في مشهد غير مألوف ومثير للدهشة، انتشر مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر مئات العناكب تتساقط وكأنها تهبط من السماء في إحدى المناطق بالبرازيل، المقطع الذي أثار استغراب وذهول المشاهدين تم تصويره في مدينة ساو تومي داس ليترا بولاية ميناس جيرايس، حيث ظهر عدد هائل من العناكب يبدو وكأنها تتساقط من أعلى، مما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن السماء تمطر عناكب بالفعل، الفيديو سرعان ما أصبح حديث رواد الإنترنت، ووصفه الكثيرون بالظاهرة الغريبة التي لا تحدث كل يوم.

حقيقة مشهد العناكب

لكن ما حقيقة هذا المشهد؟ وهل السماء تمطر عناكب حقًا؟ وفقًا لخبراء الأحياء، فإن ما شاهده الناس ليس تساقطًا للعناكب من السماء، بل هو ظاهرة طبيعية تتعلق بطريقة حياة بعض أنواع العناكب التي تعيش في مجموعات كبيرة وتبني شبكات ضخمة بين الأشجار وأعمدة الكهرباء، مما يجعلها تبدو وكأنها تطفو في الهواء، عالم الأحياء كايرون باسوس.

وأوضح في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية أن هذه العناكب تنتمي إلى نوع يُعرف علميًا باسم Parawixia bistriata، وهو عنكبوت اجتماعي يعيش في مستعمرات ضخمة ويقوم ببناء شبكات هائلة تمتد بين الأشجار والهياكل المرتفعة، هذه الشبكات قد تكون غير مرئية من بعض الزوايا، مما يجعل العناكب تبدو وكأنها تتساقط من السماء بينما هي في الواقع معلقة بخيوطها الحريرية الدقيقة.

العناكب الأنثوية

وأضاف باسوس أن هذه العناكب الأنثوية لديها سلوك تكاثري فريد، حيث تحتفظ بالسائل المنوي للذكور المختلفة لتخصيب البيض لاحقًا، مما يزيد من التنوع الجيني لصغارها، وبعد أن تضع بيضها، تستمر في جمع السائل المنوي لاستخدامه في المستقبل.

ومع تزايد عدد العناكب الصغيرة، يصبح المشهد أكثر إثارة للدهشة، إذ تتجمع هذه الصغار بأعداد كبيرة على الشبكات التي تمتد بين الأشجار، وهو ما قد يجعل البعض يعتقد خطأً أنها تتساقط من السماء.

أنواع العناكب

عالمة العناكب آنا لوسيا تورينهو أكدت أن العناكب عادة لا تعيش معًا، لكنها أوضحت أن بعض الأنواع، مثل Parawixia bistriata، لديها سلوك اجتماعي مختلف. هذه العناكب تعيش في مجموعات كبيرة داخل مستعمرات، حيث تتعاون في بناء شبكاتها الضخمة، وأوضحت تورينهو أن هذا السلوك الجماعي يساعد العناكب على البقاء، إذ يؤدي العيش في مجموعات إلى زيادة فرص الحصول على الغذاء، كما يساهم في حماية الصغار من المفترسات.

كما أشار خبير آخر، وهو عالم متخصص في دراسة الحشرات الزاحفة منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، إلى أن هذه المستعمرات تتشكل سنويًا، وغالبية أفرادها هم أقارب، حيث تتكون عادة من أجيال متعددة من الأمهات والبنات، لكن بمجرد أن تنضج العناكب وتصل إلى مرحلة التزاوج، تبدأ في التفرق والبحث عن أماكن جديدة لإنشاء مستعمرات جديدة.

ورغم التفسيرات العلمية التي قدمها الخبراء، إلا أن مقطع الفيديو المتداول لا يزال يثير الدهشة والرهبة بين المشاهدين، فالعديد من الأشخاص عبروا عن خوفهم من مشاهدة مثل: هذه الظاهرة في الواقع، خاصة وأن البعض يعاني من رهاب العناكب، وقد زاد انتشار الفيديو من حالة الجدل حول هذه العناكب، حيث تفاعل معه المستخدمون عبر الإنترنت بتعليقات تتراوح بين الدهشة والخوف وحتى الفضول لمعرفة المزيد عن هذه الكائنات الغريبة.

التوازن البيئي

من الناحية البيئية، تلعب هذه العناكب دورًا مهمًا في التوازن البيئي، حيث تساعد في السيطرة على أعداد الحشرات الضارة التي قد تؤثر على المحاصيل والنباتات، كما أن طريقة حياتها الفريدة تجعلها نموذجًا مثيرًا لدراسة السلوك الاجتماعي في عالم الحشرات والعناكب.

وعلى الرغم من أن المشهد قد يبدو غريبًا، إلا أن هذه العناكب لا تشكل خطرًا على البشر، فهي ليست سامة، ولا تهاجم الإنسان، بل تفضل العيش في بيئتها الطبيعية بعيدًا عن التدخل البشري، لكن يبقى المشهد الذي التقطته الكاميرات في البرازيل واحدًا من أغرب الظواهر التي يمكن مشاهدتها، حيث يظل منظر مئات العناكب المعلقة في الهواء أشبه بمشهد من فيلم خيال علمي، إلا أنه في الواقع مجرد جزء من الطبيعة وسلوكياتها الفريدة.