الجمعة 21 فبراير 2025 الموافق 22 شعبان 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

رحمة الله بالعباد.. لماذا تؤخر الملائكة كتابة السيئات 6 ساعات؟

الذنوب
الذنوب

يعد الدعاء مطلوب في كل وقت، إلا أن لحظات السجود تعد من أعظم الأوقات يكون فيها العبد قريبًا من الله، إذ يستجيب الله لعباده ويغفر ذنوبهم إذا أخلصوا في توبتهم، وفي هذا السياق، أوضح الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، أن ملك السيئات ينتظر مدة ست ساعات قبل أن يكتب السيئة التي يرتكبها الإنسان، وذلك لعله يتوب أو يعود إلى الله، وهذه من رحمة الله بعباده، حيث يمنحهم الفرصة لمراجعة أنفسهم والتوبة قبل تسجيل الذنب عليهم.

المعصية واستهان بالذنوب

وأضاف الدكتور علي جمعة أن العبد إذا استمر في المعصية واستهان بذنوبه دون توبة أو رجوع، فإن السيئة تُكتب عليه، وتعرض أعمال العباد مرتين في الأسبوع على الله، يومي الإثنين والخميس، حيث تُرفع الصحائف إلى الله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُحب صيام هذين اليومين حتى تعرض أعماله وهو صائم، مما يدل على فضل الصيام في هذه الأيام المباركة، فقد كان النبي حريصًا على أن يكون في عبادة وطاعة حين تُرفع أعماله إلى ربه.

تسجيل السيئة

واستنادًا إلى الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، فقد جاء فيه أن الله عز وجل قال: “إذا همَّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة واحدة”، كما ورد أيضًا حديث آخر في صحيح مسلم يوضح أن الملائكة تستأذن الله عند تسجيل السيئة، حيث قالوا: “يا رب، ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة، وهو أبصر به”، فيقول الله: “ارقبوه، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة، إنما تركها من أجلي”، وهذا يدل على عظمة رحمة الله، حيث لا تُكتب السيئة على العبد بمجرد النية، بل تُمنح له الفرصة للتراجع، بل إنه إذا امتنع عن فعلها خوفًا من الله، كُتبت له حسنة، مما يشير إلى عظمة العفو الإلهي.

التوبة في الإسلام

من جانبه، أوضح الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، أن التوبة لها مفهوم عميق في الإسلام، حيث تقوم على نظريتين أساسيتين، الأولى هي إزاحة السيئات من الصحيفة من خلال التوبة، والثانية هي محو الذنوب وبناء الحسنات، وقد استدل بقول الله تعالى: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ”، حيث توضح هذه الآية أن الإكثار من الأعمال الصالحة يساعد في إزالة آثار الذنوب، مما يعكس مبدأ الرحمة الإلهية التي تدعو العبد إلى التعويض عن ذنوبه من خلال فعل الخير.

الندم والاستغفار

كما أشار الدكتور مجدي عاشور إلى أن التوبة لا تقتصر فقط على الندم والاستغفار، بل يجب أن تتبعها أفعال تعززها، مثل التصدق أو الإحسان إلى الناس أو صلة الرحم، وقد استشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “وأتبع السيئة الحسنة تمحها”، مما يدل على أن العمل الصالح يمحو أثر الذنوب، فالتوبة الصادقة لا تعني فقط الإقلاع عن الذنب، بل تتطلب جهدًا لتعويضه من خلال الحسنات.

وأضاف أن الله سبحانه وتعالى لا يقتصر على العفو عن التائبين، بل يمنّ عليهم بتبديل سيئاتهم إلى حسنات، كما جاء في قوله تعالى: “وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)”، وهذا يؤكد أن الله لا يكتفي فقط بالعفو عن التائب، بل يمنحه مكافأة عظيمة بتحويل ذنوبه إلى حسنات إذا أخلص في توبته.

يتجلى من خلال هذه الأحاديث والآيات أن الله سبحانه وتعالى يفتح باب الرحمة لعباده على مصراعيه، ويمنحهم الفرصة لمراجعة أنفسهم قبل أن تُكتب عليهم الذنوب، فمن استغل هذه الفرصة وبادر بالتوبة، نال المغفرة، ومن أصر على المعصية دون توبة، فإنه يتحمل وزرها، وهذا يعكس حكمة الله في التعامل مع عباده، فهو الرحيم الغفور الذي يدعو الجميع إلى العودة إليه دون يأس أو إحباط.

تم نسخ الرابط