متى يجوز الإفطار ومتى يكون واجبًا للحامل في رمضان؟.. الإفتاء توضح

مع حلول شهر رمضان المبارك، تواجه العديد من النساء الحوامل تساؤلات حول إمكانية الصيام ومدى تأثيره على صحتهن وصحة الجنين، فبين الرغبة في أداء فريضة الصيام والحرص على اتباع التوجيهات الطبية، يبقى القرار صعبًا بالنسبة لكثير من الحوامل، خاصة إذا نصحهن الطبيب بعدم الصيام، ومن هنا يبرز التساؤل حول الحكم الشرعي لصيام الحامل، وما إذا كان يجوز لها الإفطار دون إثم، وما هي الكفارة التي يجب عليها أداؤها في حال تعذر الصيام بشكل نهائي.
حكم صيام الحامل في رمضان
أكدت دار الإفتاء المصرية أن المرأة الحامل يجوز لها الإفطار إذا شعرت بالخوف على صحتها أو صحة جنينها، حيث إن الشريعة الإسلامية تحث على الحفاظ على النفس وعدم الإضرار بها، فإذا أشار الطبيب المختص إلى ضرورة الإفطار بسبب تأثير الصيام السلبي على الأم أو الجنين، فإنه يجب عليها الامتثال لذلك حتى لا تتعرض لأي ضرر صحي، كما أوضحت دار الإفتاء أن الحامل التي تتجاهل نصيحة الطبيب وتصر على الصيام رغم المخاطر الصحية التي قد تواجهها، فإنها تأثم بذلك، لأن الحفاظ على النفس مُقدَّم على أداء العبادات في حال وجود تعارض بينهما.
متى يجب على الحامل قضاء الصيام أو دفع الفدية؟
ذكرت دار الإفتاء المصرية أن المرأة الحامل التي تُمنع من الصيام لأسباب صحية مؤقتة، عليها قضاء الأيام التي أفطرتها بعد انتهاء العذر الصحي وقدرتها على الصيام مجددًا، أما في حالة استمرار الظروف الصحية التي تمنعها من الصيام بشكل دائم، سواء بسبب مرض مزمن أو ضعف عام لا يُرجى تحسنه، فإنها تكون غير مطالبة بالقضاء، ولكن يجب عليها إخراج فدية بدلاً عن الصيام.
تم تحديد مقدار الفدية التي يجب دفعها عن كل يوم إفطار بحوالي 510 جرامات من القمح أو ما يعادلها من الطعام أو المال، وقد حددتها دار الإفتاء لهذا العام بمبلغ 30 جنيهًا عن كل يوم إفطار، ويتم توزيعها على الفقراء والمحتاجين.
آراء الفقهاء في حكم صيام الحامل والمرضع
يختلف الحكم الشرعي لصيام المرأة الحامل أو المرضع وفقًا لرأي الفقهاء في المذاهب الإسلامية، حيث يتفق جمهور العلماء على أن الحامل أو المرضع إذا أفطرت خوفًا على صحتها أو على صحة الجنين، فإن عليها القضاء فقط بعد انتهاء العذر، وذلك قياسًا على حكم المريض الذي يُرخص له الإفطار في رمضان ثم يقضي ما فاته لاحقًا.
لكن في حالة الإفطار خوفًا على الجنين فقط دون وجود ضرر مباشر على الأم، فقد اختلفت آراء الفقهاء حول وجوب الفدية، وكانت آراؤهم كما يلي:
رأي المذهب المالكي
يرى المذهب المالكي أن المرأة الحامل عليها قضاء الصيام فقط دون الحاجة إلى إخراج فدية، حيث تعتبر في حكم المريض الذي يُرخَّص له الإفطار ثم يقضي، أما بالنسبة للمرضع، فإذا أفطرت خوفًا على رضيعها وليس على نفسها، فإنه يجب عليها القضاء بالإضافة إلى إخراج الفدية عن كل يوم إفطار.
رأي المذهب الحنفي
يذهب المذهب الحنفي إلى أن المرأة الحامل أو المرضع إذا أفطرت خوفًا على صحتها أو على صحة الجنين أو الطفل الرضيع، فإن عليها القضاء فقط دون الحاجة إلى دفع الفدية، حيث يعتبر الجنين جزءًا من جسد المرأة، ولذلك فإن الحكم يكون مماثلًا لحالة المرض، فلا يُطلب منها سوى القضاء عند القدرة.
متى يكون الإفطار واجبًا على الحامل؟
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن هناك حالات معينة يكون فيها الإفطار واجبًا على المرأة الحامل، وليس مجرد رخصة لها، ومن أبرز هذه الحالات:
إذا نصحها الطبيب المختص بعدم الصيام بسبب وجود خطر على صحتها أو صحة الجنين
إذا شعرت الحامل بالإرهاق الشديد أو أعراض الجفاف نتيجة الصيام، مما قد يؤثر على الجنين
في حالة المعاناة من مشكلات صحية مثل انخفاض ضغط الدم أو مرض السكري، حيث قد يؤدي الصيام إلى مضاعفات خطيرة
إذا كان الحمل في مراحله الأخيرة وكانت الحامل بحاجة إلى تغذية جيدة وسوائل كافية للحفاظ على صحتها وصحة الجنين
في هذه الحالات، يجب على الحامل الإفطار والالتزام بتوجيهات الأطباء، وذلك لأن الشريعة الإسلامية تحرم الإضرار بالنفس وتُقدِّم الحفاظ على الصحة على أداء العبادات التي قد تسبب ضررًا للمكلف بها.
كيفية تعويض الصيام بعد الحمل
بعد انتهاء فترة الحمل والولادة، يمكن للمرأة الحامل التي أفطرت في رمضان قضاء الأيام التي أفطرتها بشكل تدريجي حسب قدرتها، حيث يجوز لها توزيع الأيام على مدار العام قبل حلول شهر رمضان التالي، أما إذا كان لديها عذر صحي يمنعها من القضاء بشكل دائم، فيمكنها دفع الفدية بدلًا من ذلك.
في حالة إفطار المرأة الحامل بسبب مخاوف على صحة الجنين فقط دون أن يكون هناك ضرر مباشر على صحتها، فقد تختلف الأحكام الشرعية بين المذاهب، فبعض الفقهاء يرون أنه يجب عليها القضاء فقط، بينما يرى آخرون أنه يجب عليها القضاء والفدية معًا، ولذلك يُفضَّل الرجوع إلى العلماء أو دار الإفتاء لمعرفة الحكم الشرعي الأنسب لحالتها.
صيام الحامل في رمضان يعتمد على حالتها الصحية وتقدير الأطباء، فإذا كان الصيام يشكل خطرًا على صحتها أو صحة جنينها، فإنه يجوز لها الإفطار وعليها القضاء لاحقًا عند القدرة، أما إذا كانت غير قادرة على الصيام بشكل دائم، فإنها تُخرج الفدية بدلًا عنه، وقد اختلف الفقهاء حول حكم الفدية في حالة الخوف على الجنين فقط، لكنهم أجمعوا على أن حفظ النفس مُقدَّم على أداء العبادات عند وجود ضرر محتمل، لذلك يجب على المرأة الحامل الاستماع إلى نصائح الأطباء واستشارة أهل العلم لضمان الحفاظ على صحتها وصحة جنينها دون التعرض لأي مشكلات صحية.