هل هناك فرق بين صلاة قيام الليل والتهجد؟

مع اقتراب العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وصلاة التهجد، يسعى المسلمون إلى زيادة الطاعات والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، إذ تُعد هذه الأيام فرصة عظيمة لنيل الرحمة والمغفرة، ومن أبرز العبادات التي يحرص المسلمون عليها خلال هذه الليالي المباركة قيام الليل وصلاة التهجد، حيث يكثر التساؤل حول الفرق بينهما، وهل هما عبادتان مختلفتان أم أن التهجد جزء من قيام الليل؟.
ما هو قيام الليل؟
قيام الليل هو عبادة تشمل جميع الأعمال الصالحة التي يؤديها المسلم بين صلاة العشاء وأذان الفجر، ويشمل ذلك الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله تعالى والدعاء، ويمكن أداؤه في أي وقت خلال هذه الفترة سواء قبل النوم أو بعده، وقد وردت العديد من الآيات والأحاديث النبوية التي تحث على قيام الليل وتبين فضله العظيم.
وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا” [الإسراء: 79]، مما يدل على مكانة هذه العبادة وأهميتها، حيث يُعد قيام الليل من أفضل القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وتزداد فضيلته في شهر رمضان وخاصة في العشر الأواخر لما فيها من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
متى يكون وقت قيام الليل؟
وقت قيام الليل يبدأ بعد صلاة العشاء ويستمر حتى أذان الفجر، ويجوز للمسلم أن يؤديه في أي وقت خلال هذه الفترة، إلا أن أفضل أوقاته هو الثلث الأخير من الليل، حيث يكون الدعاء أقرب للإجابة، وقد جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟” [صحيح البخاري ومسلم].
ما الفرق بين قيام الليل وصلاة التهجد؟
على الرغم من أن التهجد يُعد جزءًا من قيام الليل، إلا أنه يتميز ببعض الخصوصية، حيث يُؤدى بعد أن ينام المسلم لفترة قصيرة ثم يستيقظ للصلاة، أما قيام الليل بشكل عام فيشمل أي صلاة أو عبادة في الليل دون اشتراط النوم قبلها.
وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية أن صلاة التهجد هي أفضل أنواع قيام الليل لأنها تتطلب جهدًا أكبر، ويُستحب أن يؤديها المسلم في الثلث الأخير من الليل، ويكون ذلك بعد أن يأخذ قسطًا من النوم ثم يستيقظ لأداء الصلاة، ويصلي ركعتين خفيفتين ثم ما شاء من الركعات، ويُوتر في آخرها.
وقد استشهدت دار الإفتاء بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى” [متفق عليه]، مما يوضح أن صلاة التهجد لا تختلف في الكيفية عن قيام الليل، لكنها تتميز بأنها تُؤدى بعد نوم.
كيفية تحديد وقت الثلث الأخير من الليل
لتحديد الثلث الأخير من الليل، يتم حساب الوقت بين صلاة المغرب وأذان الفجر ثم يُقسم هذا الوقت إلى ثلاثة أجزاء متساوية، والجزء الأخير منها هو الثلث الأخير الذي يُستحب أداء صلاة التهجد فيه، لما في هذا الوقت من فضل عظيم واستجابة للدعاء.
ما هو حكم صلاة التراويح؟
أما صلاة التراويح فهي نوع من قيام الليل، لكنها تختص بشهر رمضان المبارك، وتُؤدى بعد صلاة العشاء وحتى وقت السحر، وقد أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن السلف الصالح كانوا يصلون التراويح 20 ركعة، وما يُصلى بعد ذلك في جوف الليل حتى الفجر يُسمى تهجدًا.
وأشار إلى أن قيام الليل يشمل كل صلاة أو عبادة تُؤدى بعد العشاء، بينما التهجد يُصلى بعد النوم، مؤكداً أن كليهما عبادة عظيمة يُؤجر عليها المسلم، ويُستحب الحرص عليهما خاصة خلال العشر الأواخر من رمضان.
فضل قيام الليل والتهجد في العشر الأواخر من رمضان
تزداد أهمية قيام الليل والتهجد في العشر الأواخر من رمضان، حيث يُضاعف الأجر وتكون فرصة المسلم أكبر لنيل المغفرة والعتق من النار، كما أن هذه الليالي تتضمن ليلة القدر، التي وصفها الله سبحانه وتعالى بأنها “خير من ألف شهر” [سورة القدر: 3].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر أكثر من غيرها، حيث ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله” [صحيح البخاري ومسلم].
لذلك يُستحب للمسلم أن يجتهد في الطاعة خلال هذه الأيام المباركة، وأن يحرص على قيام الليل وصلاة التهجد لما لهما من فضل عظيم، وأن يتزود من هذه الليالي بما يُثقل ميزانه يوم القيامة.