الأحد 16 مارس 2025 الموافق 16 رمضان 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الإفتاء تحسم الجدل حول حكم ترك العمل للتفرغ للعبادة في رمضان

العبادة
العبادة

أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد إليها من أحد المتابعين حول مدى جواز الانقطاع عن العمل خلال شهر رمضان للتفرغ للعبادة، حيث جاء السؤال عبر بث مباشر على الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” وتناول فيه السائل رغبته في التفرغ الكامل للعبادة خلال الشهر الفضيل وترك مهامه العملية.

رمضان شهر العمل والاجتهاد

أوضح الشيخ أحمد بسيوني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في رده على هذا السؤال أن شهر رمضان هو شهر العمل والجد والاجتهاد، مشيرًا إلى أن الشهر الفضيل لم يكن في تاريخه شهر كسل أو خمول، بل شهد أعظم الانتصارات في تاريخ الأمة الإسلامية، ومن بينها غزوة بدر الكبرى وفتح مكة، بالإضافة إلى انتصار العاشر من رمضان الذي يحتفل به المصريون كل عام، مؤكدًا أن هذه الأحداث العظيمة دلالة واضحة على أن رمضان هو شهر السعي والنشاط وليس التوقف عن العمل.

وأشار الشيخ بسيوني إلى أن المصريين قديمًا كانوا يجسدون هذه الفكرة عمليًا، حيث كان الجميع يخرجون يوم استطلاع هلال رمضان، بمن فيهم العلماء والصالحون وأصحاب الحرف والمهن المختلفة مثل النجارين والحدادين وغيرهم، وكأنهم يؤكدون من خلال هذا المشهد الجماعي على أن العمل في رمضان هو جزء من العبادة ولا يتعارض مع أداء الطاعات.

العمل عبادة والأجر مضاعف في رمضان

أكد الشيخ بسيوني أن الإنسان إذا نوى بعمله إعفاف نفسه وأسرته وأبنائه وابتغى من خلاله رضا الله، فإن عمله يُحتسب عبادة، ويُضاعف أجره في رمضان، حيث يكون الأجر على قدر المشقة، موضحًا أن السعي في طلب الرزق الحلال هو من أعظم الطاعات، ولا ينبغي التوقف عنه بحجة التفرغ للعبادة، فالإسلام دين التوازن بين العمل والعبادة، ويحث الإنسان على القيام بمسؤولياته الدنيوية جنبًا إلى جنب مع تأدية الفرائض والعبادات.

وأضاف أن من يتخذ من العمل وسيلة لإعالة أسرته ويخلص في أداء وظيفته يُثاب على ذلك، وأن ترك العمل دون حاجة ملحة بدعوى التفرغ للعبادة ليس أمرًا مشروعًا، بل الأفضل أن يجمع المسلم بين أداء مهامه العملية وعباداته، خاصةً في هذا الشهر الذي يُعد فرصة عظيمة للتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة.

حكم تأخير الصلاة بسبب ظروف العمل

وفيما يتعلق بتأخير الصلاة بسبب ظروف العمل، شددت دار الإفتاء المصرية على أن تأخير الصلاة عن وقتها بدون عذر شرعي لا يجوز، مؤكدة أن الصلاة فريضة محددة بوقت لا يجوز تأخيرها إلا لعذر قهري مثل النوم غير المتعمد أو النسيان، واستشهدت بقول الله تعالى في كتابه العزيز: “إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا”، مما يدل على وجوب أداء الصلاة في وقتها وعدم التهاون في ذلك.

وأوضحت الدار أن المسلم الذي ينام عن صلاة الفجر دون قصد عليه أن يؤديها فور استيقاظه، استنادًا إلى حديث النبي ﷺ: “مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا”، أما من يتعمد تأخير الصلاة لانشغاله بالعمل أو لأي سبب آخر فهو آثم شرعًا، وعليه التوبة والحرص على أداء الصلوات في أوقاتها.

العمل ليس عذرًا شرعيًا لتأخير الصلاة

أكدت دار الإفتاء أن العمل ليس مبررًا شرعيًا لتأخير الصلاة، حيث شدد فريق من العلماء على ضرورة الالتزام بأداء الصلاة في أوقاتها مهما كانت الظروف، مشيرين إلى أن المسلم يمكنه اتخاذ تدابير لتنسيق وقته بما يسمح له بأداء الصلاة دون تأخير، مثل الاتفاق مع صاحب العمل للحصول على استراحة قصيرة أو أداء الصلاة في المكان المتاح داخل بيئة العمل.

وأوضحت الدار أن من اعتاد النوم عن صلاة الفجر بسبب الإرهاق الناتج عن العمل عليه أن يبذل وسعه للاستيقاظ في الوقت المحدد للصلاة، من خلال استخدام المنبهات أو الاستعانة بأحد أفراد الأسرة لتنبيهه، أما من يستيقظ ثم يعيد النوم ويتعمد تأخير الصلاة فهو يأثم وعليه أن يعيد النظر في التزاماته.

الصلاة صلة بين العبد وربه

وفي سياق متصل، شددت دار الإفتاء على أن الصلاة ليست مجرد فريضة يؤديها المسلم بشكل روتيني، بل هي صلة مباشرة بين العبد وربه، وأداؤها في وقتها يعكس مدى التزام المسلم بطاعة الله وحبه للقرب منه، لافتة إلى أن الله تعالى لا يُكلف نفسًا إلا وسعها، ولكن على المسلم أن يسعى لتوفيق أوضاعه بحيث يتمكن من أداء العبادات دون تقصير.

ودعت الدار إلى أهمية ترتيب الأولويات خلال شهر رمضان، بحيث لا تؤدي مشاغل الحياة إلى التفريط في أداء العبادات الأساسية، مشيرة إلى أن الإسلام دين يسر، ويتيح للمسلم الجمع بين الصلوات في حالات الضرورة القصوى وفق ضوابط شرعية معينة.

وختمت دار الإفتاء المصرية تأكيدها بأن رمضان ليس مبررًا للتوقف عن العمل أو الانعزال عن الحياة العامة، بل هو فرصة لتحقيق التوازن بين أداء الواجبات الدنيوية والعبادات، وأن المسلم الذي يُخلص في عمله ويبتغي به وجه الله، ينال أجرًا مضاعفًا في هذا الشهر الفضيل، سواء كان ذلك من خلال أداء مهامه الوظيفية أو المشاركة في خدمة المجتمع وأعمال الخير، أو الاجتهاد في العبادة والطاعات.

تم نسخ الرابط