هل يجوز للمعتمر الإفطار في نهار رمضان للتقوي على أداء المناسك؟

أكدت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز للمعتمر الذي يصل إلى مكة وهو صائم أن يفطر إذا كان ذلك يخفف عنه أثناء أداء مناسك العمرة، حيث يُعد السفر من الأعذار الشرعية التي تُبيح الفطر في نهار رمضان، وأوضحت الدار أن هذه الرخصة تشمل كل من يسافر مسافة تُقصر فيها الصلاة، طالما لم ينوِ الإقامة لأكثر من أربعة أيام.
وأشارت إلى أنه حتى لو بدأ المسافر صيام رمضان، فإنه يجوز له الإفطار أثناء سفره، وكذلك بعد وصوله إلى مكة إذا احتاج إلى ذلك من أجل التخفيف عن نفسه خلال أداء المناسك، مؤكدةً أنه لا حرج عليه في الإفطار، ولا يلزمه دفع كفارة، بل يُطلب منه فقط قضاء الأيام التي أفطرها بعد انتهاء شهر رمضان.
خلاف فقهي حول جواز الإفطار للمعتمر
أوضحت دار الإفتاء أن هناك خلافًا بين الفقهاء حول جواز إفطار المعتمر عند وصوله إلى مكة، حيث يرى بعض العلماء أن المسافر إذا وصل إلى وجهته يجب أن يستكمل الصيام ما لم يكن عليه مشقة كبيرة، بينما ذهب رأي آخر إلى أنه يجوز للمسافر الإفطار بمجرد تحقق نية السفر، دون الحاجة إلى وجود مشقة فعلية.
واستندت دار الإفتاء في رأيها المختار إلى ما ثبت عن النبي ﷺ في فتح مكة، حيث بدأ النبي الصيام ثم أفطر أثناء السفر في رمضان، مما يدل على أن الرخصة متاحة لمن يكون في حكم المسافر، وأكدت أن هذا الحكم يهدف إلى التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، خصوصًا في أوقات المشقة مثل أداء مناسك العمرة.
مدة السفر المبيحة للإفطار
أكدت دار الإفتاء أن الشخص يظل في حكم المعتمر ويتمتع برخص السفر طالما لم ينوِ الإقامة في مكان معين لمدة تزيد على أربعة أيام، حيث إذا تجاوزت مدة الإقامة هذه الفترة، فإنه يُصبح في حكم المقيم، وبالتالي يُلزمه الصيام الكامل مثل باقي المسلمين.
وأوضحت أن الرخصة تشمل من يسافر مسافة تُقصر فيها الصلاة، وهي ما يعادل تقريبًا 83 كيلومترًا، وأكدت أن الإفطار في هذه الحالة ليس عليه كفارة، وإنما يُطلب من الشخص قضاء اليوم الذي أفطره في وقت لاحق.
رأي مفتي الجمهورية في الإفطار للمعتمر
من جانبه، أوضح الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، في تصريح له أن هذه المسألة تُعد من القضايا الخلافية بين العلماء، مشيرًا إلى أنه لا حرج في أن يفطر المسافر إذا كان ذلك للتخفيف عليه أثناء أداء مناسك العمرة، لكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى التقصير في أولويات أخرى تتعلق بفقه الواقع ومتطلبات الحياة اليومية.
وأشار فضيلته إلى أن الإنسان يمكنه أن يوازن بين العبادات التي تخصه وتلك التي تعود بالنفع على الآخرين، مؤكدًا أن الأعمال الصالحة متنوعة ومتعددة، ويمكن للمرء أن يجمع بينها لتحقيق التكامل في العمل الخيري، واستشهد بقول النبي ﷺ: “والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه”، مما يدل على أهمية مساعدة الآخرين بجانب أداء العبادات الشخصية.
التوازن بين العبادات الشخصية والعمل الخيري
أكد مفتي الجمهورية أن من يُكثر من أداء العمرة يمكنه أيضًا أن يُنوع في أعماله الخيرية، مثل مساعدة المحتاجين أو المساهمة في مشروعات اجتماعية تخدم الفقراء والمحتاجين، موضحًا أن الجمع بين العبادات المختلفة يُحقق التكامل في العمل الصالح ويُضاعف الأجر والثواب.
وأضاف أن بعض العلماء ذكروا أن من حج مرة فقد أدى فرض الله، ومن حج مرتين فقد وفّى دين ربه، ومن حج ثلاثًا فقد منع الله جسده عن النار، مشيرًا إلى إمكانية القياس على العمرة في هذا السياق، حيث يُمكن أن تكون وسيلة لتعزيز العمل الصالح والإحسان إلى الآخرين.
وأشار المفتي إلى أن التوازن في العبادات يُعد مبدأً إسلاميًا مهمًا، حيث يُحث المسلم على تنويع أعماله الصالحة وعدم التركيز على جانب واحد فقط، مما يُعزز مفهوم التكافل الاجتماعي ويُساهم في تحقيق الخير للمجتمع بأكمله.
خلاصة الحكم الشرعي في إفطار المعتمر
في ختام توضيحها، أكدت دار الإفتاء أن الإفطار في نهار رمضان للمسافر الذي يؤدي العمرة جائز شرعًا إذا احتاج إليه للتخفيف على نفسه، واستندت في هذا الحكم إلى الأدلة الشرعية الثابتة عن النبي ﷺ، كما شددت على أن هذه الرخصة تُمنح للتيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، مشيرةً إلى أن الدين الإسلامي يتميز بالمرونة التي تراعي أحوال المسلمين وظروفهم المختلفة.
وأوضحت أن المسلم إذا اضطر إلى الإفطار أثناء أداء العمرة، فإنه لا يأثم بذلك، لكن عليه أن يقضي ما أفطره بعد انتهاء الشهر الفضيل، وأكدت أن هذه الرخصة ليست مشروطة بوجود مشقة شديدة، بل يكفي تحقق نية السفر ليجوز الإفطار وفقًا للرأي المختار للإفتاء.
وأشارت دار الإفتاء إلى أهمية فهم الأحكام الشرعية بطريقة متوازنة تُراعي روح التشريع الإسلامي الذي يهدف إلى التيسير والرحمة، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالفرائض دون إفراط أو تفريط، مما يُساعد المسلم على أداء عباداته بسهولة ويُسر دون مشقة أو عناء.