ما حكم صلاة التهجد للنساء؟.. الإفتاء تجيب

تُعد صلاة التهجد من السنن المؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي عبادة عظيمة يُثاب فاعلها ولا يأثم تاركها، ولا تختلف في حكمها بين الرجال والنساء، حيث يجوز للمرأة أن تؤديها كما يؤديها الرجل، وتبدأ صلاة التهجد بعد أداء صلاة العشاء وتمتد حتى أذان الفجر، وأفضل أوقاتها يكون في الثلث الأخير من الليل، حيث يكون الدعاء أقرب للإجابة والرحمة أوسع.

وأوضحت دار الإفتاء المصرية أن صلاة التهجد للمرأة يُستحب أن تكون في بيتها، لما في ذلك من ستر وراحة، وهو ما يتماشى مع تعاليم الإسلام في مراعاة خصوصية المرأة، ومع ذلك يجوز للمرأة أن تصلي التهجد في المسجد إذا رغبت في ذلك وأمنت الفتنة، بشرط التزامها بالآداب الشرعية وارتداء الملابس الفضفاضة التي تستر جسدها بالكامل باستثناء الوجه والكفين.

كيفية أداء صلاة التهجد في البيت للمرأة

أكدت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي أن المرأة يمكنها أداء صلاة التهجد بنفس الكيفية التي يؤديها الرجال، مع مراعاة بعض الأمور الخاصة بها، ومن المستحب أن تختار مكاناً هادئاً ونظيفاً في بيتها، حيث يمكنها التركيز والخشوع في الصلاة والدعاء بعيداً عن أي تشويش، ويُفضل أن تُعدّ سجادة صلاة خاصة بها لهذا الغرض، مما يساعدها على الاستعداد النفسي والروحي لأداء هذه العبادة العظيمة.

وأشارت الإفتاء إلى أنه ينبغي للمرأة أن تتوضأ قبل الصلاة وأن ترتدي ملابس الصلاة التي تغطي جميع أجزاء جسمها عدا الوجه واليدين. ويجوز لها أداء الصلاة منفردة أو مع جماعة من النساء في البيت، وتبدأ الصلاة بنية خالصة لله تعالى، حيث تُصلى ركعتين فأكثر دون حدٍ أقصى لعدد الركعات، ويُستحب أن تُختم الصلاة بركعة الوتر، اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي أثناء الصلاة، يمكن للمرأة أن تقرأ ما تيسر لها من القرآن الكريم، وأن تُطيل في الركوع والسجود، حيث إن هذه الأوقات من أعظم لحظات القرب من الله تعالى، ويُستحب فيها الإكثار من الدعاء والتضرع لله سبحانه وتعالى.

وشددت دار الإفتاء على أهمية الخشوع في الصلاة والبعد عن العجلة، لما لذلك من أثر كبير في قبول الأعمال وبلوغ الدرجات العلى، وبعد الانتهاء من الصلاة، يُستحب الجلوس للذكر والدعاء حتى طلوع الفجر، ويمكن للمرأة أن تختم عبادتها بصلاة الوتر إذا لم تكن قد أدتها بعد.

وصية رسول الله في صلاة التهجد

أوضح الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية بدار الإفتاء المصرية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخر صلاة الوتر إلى آخر الليل إذا تمكن من ذلك، حيث يُعد هذا الفعل من سننه الشريفة، وأضاف أنه إذا كان المسلم أو المسلمة يخشى عدم الاستيقاظ لصلاة التهجد في وقت متأخر من الليل، فيمكنه أداء الوتر بعد صلاة قيام الليل مباشرة.

وبيّن أن من شروط صحة صلاة التهجد الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، وطهارة الثوب والبدن والمكان، مع ضرورة ستر العورة واستقبال القبلة وأداء الصلاة في وقتها المحدد الذي يبدأ بعد العشاء وينتهي عند أذان الفجر.

وأشار الشيخ عويضة إلى الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه”، مما يدل على عظمة هذه العبادة وما يترتب عليها من مغفرة ورحمة.

أدعية مستحبة في صلاة التهجد

يُستحب للمسلم والمسلمة أن يُكثروا من الدعاء أثناء صلاة التهجد، مستلهمين أدعية النبي صلى الله عليه وسلم وأدعية الصحابة رضوان الله عليهم، ومن أشهر الأدعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما، حيث قال:

“اللهم لك الحمد، أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك حق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله”.

كما يمكن للمرأة أن تردد أدعية قصيرة معبرة عن حاجاتها ورغباتها، مثل:

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني

اللهم ارزقنا الجنة وأجرنا من النار

اللهم اعتق رقابنا ورقاب والدينا من النار

اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين

وتتميز صلاة التهجد بأنها فرصة عظيمة للمسلم والمسلمة للتقرب من الله وطلب المغفرة والرحمة، فهي وقتٌ مبارك تُفتح فيه أبواب السماء ويُستجاب فيه الدعاء، ومن المهم أن يُخلص العبد نيته لله ويُحسن ظنه به، راجياً القبول والرضا.

أهمية المداومة على صلاة التهجد

المداومة على صلاة التهجد تُعد علامة على الإيمان القوي والحرص على التقرب من الله تعالى، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها ويحث أصحابه على ذلك، وأثبتت العديد من الأحاديث النبوية أن لصلاة التهجد فضل عظيم في الدنيا والآخرة، فهي سبب لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات وتحقيق الطمأنينة في القلب.