الأربعاء 09 أبريل 2025 الموافق 11 شوال 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

الكساح.. مرض صامت يضعف العظام اكتشف أسبابه الخفية وأعراضه المبكرة

الكساح
الكساح

يُعد مرض الكساح من الأمراض الصامتة التي تصيب الهيكل العظمي وتؤثر بشكل مباشر على نمو العظام وصلابتها، وعلى الرغم من أنه مرض معروف منذ قرون، إلا أن كثيرًا من الناس لا يزالون يجهلون أسبابه الحقيقية وأعراضه التي قد تظهر مبكرًا على المصاب دون أن يلتفت لها أحد، ويصيب هذا المرض في الغالب الأطفال في مراحل النمو، لكنه قد يظهر أيضًا لدى البالغين بنسب متفاوتة ودرجات مختلفة، وتتجلى خطورته في كونه قد يترك أثرًا دائمًا على بنية الجسم إذا لم يُكتشف ويُعالج في الوقت المناسب.

ما هو الكساح وما الذي يسببه؟

الكساح هو حالة مرضية تنتج عن خلل في تمعدن العظام، أي نقص في قدرة العظام على امتصاص الكالسيوم والفوسفور الضروريين لتكوينها بشكل سليم، ويؤدي هذا الخلل إلى ليونة العظام وضعفها، مما يجعلها أكثر عرضة للتشوه والانحناء، ويحدث هذا غالبًا في فترة الطفولة، حيث تكون العظام لا تزال في طور النمو والتطور.

وترجع الأسباب التقليدية للكساح في معظم الحالات إلى نقص فيتامين “د”، هذا الفيتامين الذي يلعب دورًا أساسيًا في تسهيل امتصاص الكالسيوم من الجهاز الهضمي إلى الدم، ومن ثم إلى العظام، ولكن في السنوات الأخيرة، كشفت الأبحاث عن وجود أسباب أخرى غير شائعة لهذا المرض، منها مشكلات في الكلى، واضطرابات في التمثيل الغذائي، أو أمراض وراثية تؤثر على كيفية معالجة الجسم للمعادن الأساسية، كما أن عدم التعرض الكافي لأشعة الشمس، خصوصًا في المناطق الباردة أو في المجتمعات التي تعتمد على تغطية الجسم بشكل مفرط، قد يؤدي إلى ظهور الكساح حتى مع تغذية جيدة نسبيًا.

أعراض الكساح التي قد تمر دون ملاحظة

تكمن خطورة الكساح في أن أعراضه قد تبدأ بشكل تدريجي ولا تكون واضحة منذ البداية، ومن العلامات التي قد تظهر على الطفل المصاب، تأخر في النمو، وتأخر في المشي أو الزحف، إضافة إلى ضعف في العضلات، وبمرور الوقت تبدأ العظام في اتخاذ أشكال غير طبيعية، مثل تقوس الساقين أو انحناء العمود الفقري، كما يمكن أن تظهر نتوءات على القفص الصدري تعرف باسم “مسبحة الكساح”، وهي نتيجة لتورم في مناطق اتصال الأضلاع بالغضاريف.

وفي بعض الحالات قد يُلاحظ تضخم في مفاصل الرسغ أو الكاحل، ويصبح الطفل سريع التعب، وغير قادر على ممارسة الأنشطة البدنية كأقرانه، أما عند البالغين فيأخذ الكساح صورة مختلفة قليلًا، ويُعرف في هذه الحالة بـ “لين العظام”، حيث يشكو المريض من آلام في العظام والعضلات، ويشعر بتعب مزمن وضعف عام وقد يصاب بكسور متكررة نتيجة ضعف البنية العظمية.

من الأكثر عرضة للإصابة بالكساح؟

هناك عدد من العوامل التي ترفع من احتمالية الإصابة بالكساح، من بينها نقص التعرض لأشعة الشمس، حيث تعتبر الشمس المصدر الرئيسي لفيتامين “د”، وتحديدًا الأشعة فوق البنفسجية التي تحفز الجلد على إنتاج الفيتامين بشكل طبيعي، كما أن الأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية فقط دون مكملات فيتامين “د”، وخاصة في الأشهر الأولى من العمر، يكونون عرضة أكبر للإصابة إذا لم يتم تعويض هذا النقص.

أيضًا، يعاني الأطفال الذين يولدون لأمهات تعانين من نقص فيتامين “د” خلال الحمل من احتمالية أكبر للإصابة بالمرض، كما أن بعض الأمراض الوراثية النادرة تؤثر على قدرة الجسم على معالجة الفوسفور والكالسيوم، مما يؤدي إلى ظهور الكساح حتى في وجود مستويات جيدة من فيتامين “د”.

الوقاية خير من العلاج

يمكن الوقاية من مرض الكساح بسهولة إذا ما تم الانتباه إلى التغذية السليمة والتعرض الكافي لأشعة الشمس، ويُنصح بتناول الأطعمة الغنية بفيتامين “د”، مثل الأسماك الدهنية كالسلمون والتونة، وصفار البيض، ومنتجات الألبان المدعمة، كما يمكن للطبيب وصف مكملات فيتامين “د” في الحالات التي يُلاحظ فيها وجود نقص، أو في الفترات التي تكون فيها أشعة الشمس ضعيفة.

أما بالنسبة للأطفال فينبغي مراقبة مراحل نموهم بعناية، والانتباه لأي علامات غير طبيعية في العظام أو تأخر في المهارات الحركية، ويجب على الأمهات الحرص على تناول مكملات الفيتامين أثناء الحمل، لا سيما في المناطق التي يقل فيها التعرض للشمس، وذلك لحماية صحة الجنين من بداية تكوينه.

العلاج والتعامل مع الحالات المصابة

علاج الكساح يعتمد في الأساس على تشخيص السبب، فإذا كان السبب نقصًا في فيتامين “د”، يكون العلاج عن طريق تعويض هذا النقص بالمكملات الغذائية، إلى جانب تحسين التغذية والتعرض للشمس، أما في الحالات المرتبطة بمشاكل وراثية أو أمراض في الكلى، فيتطلب الأمر تدخلًا طبيًا متخصصًا، قد يشمل استخدام أدوية خاصة لتنظيم نسبة الفوسفور أو الكالسيوم في الجسم.

وفي بعض الحالات المتقدمة، قد يحتاج الطفل إلى تدخل جراحي لتصحيح التشوهات العظمية، خاصة إذا أثرت على الحركة أو سببت تشوهًا واضحًا في شكل الأطراف أو العمود الفقري، ومن المهم المتابعة المستمرة مع الطبيب، وإجراء تحاليل دورية لمراقبة مستويات فيتامين “د” والمعادن في الدم، لضمان تحسن الحالة بشكل منتظم.

الكساح ليس مجرد مرض في العظام بل هو مؤشر على وجود خلل في التغذية أو الصحة العامة، وقد يكون صامتًا في بدايته، لكنه يترك أثرًا طويل الأمد إذا لم يتم التعامل معه مبكرًا، لذلك من الضروري أن يكون لدى الأهل وعي كافٍ بأعراضه وأسبابه، والحرص على اتخاذ خطوات الوقاية، لأن العظام القوية تبدأ من خطوات صغيرة لكنها مؤثرة، مثل التعرض لأشعة الشمس وتناول غذاء صحي ومتوازن.

تم نسخ الرابط