صدمة لمهرجان الإسكندرية.. بعد سحب الدعم قبل أيام من انطلاقه

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية والفنية، أعلنت إدارة مهرجان الإسكندرية الدولي للفيلم القصير عن سحب الدعم المالي المخصص له من قِبل هيئة تنشيط السياحة، قبل انطلاق دورته الحادية عشرة المقررة خلال أيام قليلة، القرار المفاجئ جاء دون إبداء أسباب رسمية، مما وضع علامات استفهام كبيرة حول مستقبل المهرجان، خاصةً مع اعتباره واحدًا من أبرز الفعاليات السينمائية في العالم العربي وإفريقيا.
«الهيئة تسحب الدعم فجأة».. وإدارة المهرجان ترد بخيبة أمل
في بيان رسمي أصدرته إدارة مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، أكدت أن هيئة تنشيط السياحة قررت بشكل مفاجئ إيقاف الدعم الذي ظل يُقدم للمهرجان على مدار سنوات، دون تقديم مبررات واضحة، ووصفت الإدارة هذا القرار بأنه «محبط»، خاصة وأنه يأتي في توقيت حساس للغاية، حيث يجري التحضير المكثف لانطلاق الدورة الجديدة بمشاركة عدد غير مسبوق من الدول وصنّاع الأفلام.
وأشار البيان إلى أن الدعم الحكومي لطالما ساعد المهرجان على تنفيذ برامجه الفنية وتنظيم فعالياته المتنوعة، والتي تسهم بشكل مباشر في تنشيط السياحة الثقافية بمدينة الإسكندرية، وتعكس الوجه الحضاري لمصر على المستوى الدولي.
مهرجان دولي بميزانية محدودة وإنجازات كبرى
ورغم محدودية الموارد، نجح مهرجان الإسكندرية الدولي للفيلم القصير على مدار السنوات الماضية في تحقيق قفزات نوعية على مستوى المشاركة الدولية والإنتاج الفني، فالمهرجان الذي يُقام هذا العام بمشاركة أكثر من 40 دولة، أصبح معتمدًا لدى جوائز الأوسكار، ما يمنح الأفلام الفائزة به فرصة المشاركة في التصفيات المؤهلة لأهم جائزة سينمائية عالمية.
وتعكس هذه الإنجازات الطموحة الجهود الكبيرة التي تبذلها إدارة المهرجان رغم قلة الإمكانيات. وقد حرص القائمون عليه على تطوير برامجه الفنية عامًا بعد عام، مع الحفاظ على روح المهرجان باعتباره منصة لعرض الأفلام القصيرة المستقلة التي تحمل رسائل اجتماعية وإنسانية.
دعم السياحة والثقافة من بوابة الفن السابع
من بين أبرز أهداف المهرجان، تعزيز الحركة السياحية في مدينة الإسكندرية من خلال السينما، وهو ما يتحقق فعليًا مع توافد ضيوف من مختلف أنحاء العالم لحضور الفعاليات، وتتميز الدورة الجديدة بإقامة عروضها وندواتها في مواقع تاريخية مميزة، مثل ساحة الباثيو تحت تمثال «إيزيس» داخل المتحف اليوناني الروماني، ما يُضفي بعدًا ثقافيًا وجماليًا على التجربة السينمائية.
ويُعد المهرجان فرصة فريدة للتعريف بالتراث الثقافي المصري، وهو ما يجعله أحد الأدوات غير التقليدية لدعم السياحة المصرية، في وقت تسعى فيه الدولة لتوسيع نطاق السياحة الثقافية كأحد مصادر الدخل القومي.
المهرجان للأطفال أيضًا.. ورش تدريبية بدعم دولي
لا تقتصر أنشطة مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير على العروض السينمائية والندوات الفكرية، بل تشمل أيضًا برامج تعليمية موجهة للأطفال، من بينها ورشة عمل مخصصة تقام هذا العام بالتعاون مع مؤسسة «دروسوس» ومنظمة «اليونيسيف»، داخل متحف الإسكندرية القومي. وتهدف هذه الورشة إلى تنمية الحس الفني والبصري لدى الأطفال، وتعريفهم بعالم السينما كأداة للتعبير والإبداع.
وتعكس هذه المبادرات التربوية التزام إدارة المهرجان بتعزيز الثقافة السينمائية لدى الأجيال الناشئة، وترسيخ مفاهيم الفن كوسيلة للتواصل والتعبير عن الهوية.
رسالة فنية أقوى من التحديات
رغم التحديات والصعوبات المالية التي يواجهها، يؤكد القائمون على المهرجان أن رسالته ستستمر، فقد أصبح هذا الحدث منصة هامة لدعم المواهب الشابة، وتقديم أعمال تعبر عن قضايا العصر، وترسّخ مكانة مصر كعاصمة للثقافة والفنون في المنطقة.
ودعت إدارة المهرجان الجهات المعنية إلى إعادة النظر في قرار سحب الدعم، والتفكير في مستقبل هذه الفعالية التي باتت تمثل مصر في محافل سينمائية دولية، وتشكل قيمة مضافة على كافة المستويات.
الثقافة لا تنتظر التمويل
إن سحب الدعم المخصص للمهرجان قبل أيام من انطلاقه لا يقلل من قيمته، بل يُبرز حجم التحديات التي تواجه العمل الثقافي المستقل في مصر ورغم ذلك، يظل مهرجان الإسكندرية الدولي للفيلم القصير شاهدًا حيًا على أن الفن الحقيقي لا يتوقف عند العوائق المادية، بل يستمر برسالته وإرادة من يقفون خلفه، ومع بدء العد التنازلي لانطلاق الدورة الحادية عشرة، تتعلق الأنظار بما سيقدمه هذا الحدث من عروض وأفكار، وسط آمال بأن يعود الدعم إليه قريبًا، لينطلق من جديد بقوة أكبر في الأعوام القادمة.