مركز الأزهر يوضح أحكام زكاة القمح مع بدء موسم الحصاد

كشف مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عن عدد من الأحكام الشرعية المتعلقة بزكاة القمح، تزامنًا مع بدء موسم الحصاد، مؤكدًا أن القمح من المحاصيل التي تجب فيها الزكاة بإجماع العلماء، وذلك متى بلغ المحصول النصاب الشرعي.

نصاب زكاة القمح.. كم يساوي بالكيل والوزن؟

وأوضح المركز في بيانه، أن نصاب زكاة القمح مقدَّر بـ"خمسة أوسق"؛ استنادًا إلى الحديث الشريف عن النبي ﷺ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». [متفق عليه]

وأشار المركز إلى أن الوسق الواحد يعادل ستين صاعًا، والصاع أربعة أمداد، أي أن النصاب يُقدَّر بالكيل المصري بـ 50 كيلة تقريبًا، وبالوزن يساوي 612 كيلو جرامًا.

مقدار الزكاة حسب طريقة السقي

وتابع الأزهر للفتوى أن مقدار الزكاة الواجب إخراجه من القمح يتوقف على وسيلة سقي الزرع، وذلك وفقًا للحديث النبوي الشريف: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ». [أخرجه البخاري]

وبناءً عليه: إذا كان الزرع يُروى بماء المطر أو بالعيون الجارية تجب فيه الزكاة بواقع العشر (10%).

أما إذا كان يُروى باستخدام الآلات أو المضخات، فيُخرج نصف العشر (5%).

من المسؤول عن إخراج الزكاة؟

وفيما يتعلق بالمزارع المؤجرة، أكد المركز أن المستأجر هو المسؤول عن إخراج زكاة المحصول، وليس صاحب الأرض (المؤجر)، وفقًا لما عليه جمهور الفقهاء، وهو المعتمد في الفتوى.

وأشار المركز إلى أن المؤجر يُطالب بإخراج الزكاة فقط على المال الذي يحصل عليه من الإيجار، وذلك إذا بلغ مال الإيجار النصاب الشرعي بنفسه أو بضمه إلى غيره من الأموال، وحال عليه الحول الهجري.

لا خصم للمصاريف قبل إخراج الزكاة

وشدد الأزهر على أنه لا يجوز خصم المصروفات الزراعية من المحصول قبل إخراج الزكاة، سواء كانت تلك المصاريف تتعلق بالبذور، أو الأسمدة، أو أجرة الفلاحين، أو حتى إيجار الأرض، في حال كانت مستأجرة.
وأكد أن الزكاة تُخرج من عموم المحصول، وذلك بحسب الرأي المختار للفتوى.

متى تخرج الزكاة؟.. لا مجال للتأخير

وفيما يخص توقيت إخراج الزكاة، أشار البيان إلى وجوب تعجيل إخراجها عقب الحصاد والدرس مباشرة، ولا يجوز تأخيرها إلا لعذر معتبر.
واستدل المركز بقوله تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 41]

كما نبه إلى أن الأصل في الزكاة أن تُخرج من عين المحصول نفسه، إلا إذا اقتضت مصلحة الفقير إخراجها نقدًا أو مالًا، فيجوز حينها إخراج القيمة.

توزيع الزكاة.. الأصل في بلد المزكي

وختم المركز بيانه بتوضيح أن مصارف الزكاة الثمانية هي المستحق الأول لما يُخرج من زكاة القمح، وأن الأصل أن تُصرف الزكاة داخل بلد المزكي، ولا تُنقل إلى بلد آخر إلا إذا وُجدت مصلحة معتبرة، مثل انعدام الفقراء أو وجود كارثة إنسانية في بلد آخر.

وأكد المركز أن هذه الأحكام تأتي في إطار نشر الوعي الديني الصحيح، ومساعدة المزارعين على أداء واجبهم الديني بطريقة صحيحة وميسرة، وبما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحة.

أهمية الزكاة في دعم التكافل الاجتماعي

وأوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن زكاة الزروع والثمار من أعمدة التكافل الاجتماعي في الإسلام، فهي تؤدي دورًا مهمًا في إعادة توزيع الثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية، خصوصًا في المجتمعات الريفية والزراعية، حيث تمثل المحاصيل الزراعية المصدر الأساسي للرزق.

وأشار إلى أن الزكاة تسهم في سد حاجات الفقراء والمحتاجين، وتخفف من آثار الفقر، وتوفر لهم الحد الأدنى من الكفاية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

التنبيه على الفلاحين والمزارعين

وناشد المركز في ختام بيانه جميع المزارعين والفلاحين بضرورة الحرص على أداء الزكاة في موعدها، وعدم التهاون في هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، موضحًا أن إخراج الزكاة ليس تفضلًا من المزكي، وإنما هو حق للفقراء، كما قال الله تعالى:{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19]

خطوات عملية لحساب الزكاة

ولتسهيل المهمة على المزراعين، عرض المركز خطوات مبسطة لحساب زكاة القمح:

وزن المحصول الكلي بعد الحصاد والدرس مباشرة.

تحديد النصاب (612 كجم).

إذا بلغ المحصول أو تجاوزه، يتم حساب الزكاة:

العشر (10%) إذا كان السقي طبيعيًا أو بمياه الأمطار.

نصف العشر (5%) إذا كان السقي بآلات أو مضخات.

إخراج الزكاة فورًا دون تأخير، ومن نفس المحصول أو بما يعادل قيمته.

توزيع الزكاة على المستحقين داخل المجتمع، أو نقلها لمناطق أشد احتياجًا بموجب مصلحة شرعية.

الفتوى عبر الإنترنت والهاتف

وأتاح المركز خدماته للمواطنين الراغبين في الاستفسار عن كيفية حساب زكاة القمح أو توزيعها، عبر:

الموقع الرسمي لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.

الخط الساخن للفتوى.

صفحات المركز على مواقع التواصل الاجتماعي.

وشدد على أن الهدف من هذه التوضيحات هو رفع الوعي الشرعي بين المزارعين وأصحاب الأراضي الزراعية، حتى يتمكنوا من تأدية الزكاة على الوجه الأكمل، بما يحقق الرضا الإلهي، ويبارك في أرزاقهم ومحاصيلهم، ويضمن استقرار المجتمعات الفقيرة والمحتاجة.