تأثير الإفراط في تناول الحلويات على صحة الكبد.. حقائق طبية يجب معرفتها
يُعد «الكبد» من الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان والذي يلعب دورًا محوريًا في العديد من الوظائف الأساسية مثل تنقية السموم وهضم الدهون وتنظيم مستوى السكر في الدم، إلا أن هذا العضو الحساس يمكن أن يتأثر بشكل كبير بسبب أنماط التغذية غير الصحية وعلى رأسها «الإفراط في تناول الحلويات»، حيث تشير الدراسات الطبية الحديثة إلى أن الكميات الزائدة من السكريات قد تكون سببًا مباشرًا في حدوث خلل بوظائف «الكبد» تصل أحيانًا إلى الإصابة بما يعرف بـ «تشحم الكبد غير الكحولي» وهي حالة بدأت تتفشى بشكل ملحوظ خاصة في الفئات العمرية الصغيرة.
دور الكبد وأثر السكريات عليه
يعمل «الكبد» كمصفاة طبيعية للجسم حيث يقوم بمعالجة الكربوهيدرات وتحويلها إلى جلوكوز يُخزن للاستخدام عند الحاجة، ولكن عند تناول كميات كبيرة من الحلويات والسكريات المكررة فإن الجسم لا يستطيع الاستفادة من كل هذه الطاقة مما يدفعه إلى تخزين الفائض على شكل دهون داخل خلايا الكبد، ومع مرور الوقت تتراكم هذه الدهون محدثة ما يسمى بـ «الكبد الدهني» والذي قد يتطور إلى التهابات مزمنة أو حتى تليف في «الكبد» إذا لم يتم التدخل الغذائي والطبي المناسب.
الحلويات والكبد الدهني غير الكحولي
من أبرز آثار الإفراط في استهلاك الحلويات هو زيادة فرص الإصابة بـ «مرض الكبد الدهني غير الكحولي» والذي يحدث نتيجة تراكم الدهون في الكبد دون وجود سبب كحولي واضح، وتكمن خطورة هذا المرض في أنه غالبًا لا تظهر له أعراض في مراحله الأولى، حيث يظل الشخص غير مدرك للخطر الكامن حتى تبدأ الأعراض المتأخرة مثل الإرهاق وآلام الجزء العلوي من البطن والشعور بالثقل بعد الأكل، وقد تؤدي هذه الحالة في بعض الأحيان إلى تليف «الكبد» أو ما يُعرف بـ «تشمع الكبد» الذي يمثل تهديدًا حقيقيًا للحياة.
السكر الخفي في الأغذية المصنعة
من التحديات الكبرى في هذا الصدد أن كثيرًا من السكريات التي يتناولها الأفراد لا تأتي فقط من الحلويات المباشرة كالكعك والبسكويت والحلوى، بل أيضًا من «السكريات الخفية» الموجودة في الأغذية المصنعة مثل صلصات الطعام والمشروبات الغازية وعصائر الفاكهة المعلبة والخبز الأبيض، وهذه السكريات تعمل بطريقة غير مباشرة على إجهاد «الكبد» عبر رفع معدلات الفركتوز في الدم وهو أحد أنواع السكر التي يتعامل معها الكبد بشكل مختلف عن الجلوكوز، حيث يتم استقلاب الفركتوز بشكل كامل داخل خلايا الكبد مما يؤدي إلى زيادة الدهون الداخلية بشكل أسرع.
مخاطر أخرى تهدد الكبد بسبب السكريات
لا تقتصر التأثيرات السلبية للسكريات على الدهون فقط بل إن «الإفراط في تناول الحلويات» يساهم كذلك في رفع مستويات الالتهاب داخل الجسم مما يُضعف خلايا الكبد ويقلل من كفاءتها في أداء مهامها، كما ترتبط السكريات العالية بزيادة مقاومة الإنسولين وهي الحالة التي تجهد الكبد وتجعله غير قادر على ضبط نسبة السكر في الدم، بالإضافة إلى أن بعض الأبحاث أشارت إلى أن الكميات الكبيرة من الفركتوز قد تسهم في تكوين ألياف تؤدي لاحقًا إلى تليف «الكبد».
هل هناك حل لتقليل تأثير الحلويات على الكبد؟
تتمثل الخطوة الأولى في الحد من تناول الحلويات الصناعية قدر الإمكان والاعتماد على البدائل الصحية مثل الفواكه الطازجة التي تحتوي على سكريات طبيعية وألياف تساعد في إبطاء امتصاص السكر، كما أن ممارسة النشاط البدني بانتظام وتناول كميات كافية من الماء يسهم في تنشيط «الكبد» وتحفيز حرق الدهون الزائدة، ويُنصح أيضًا بمتابعة الفحوصات الدورية لوظائف «الكبد» خاصة للأشخاص الذين يعتمدون في غذائهم على السكريات المصنعة بكثرة.
نمط حياة صحي لحماية الكبد
لحماية «الكبد» من الأضرار الناجمة عن السكريات يجب على الأفراد تبني نمط حياة متوازن يشمل التغذية السليمة والنوم المنتظم وتقليل التوتر النفسي، كما يُفضل تجنب الأغذية السريعة والمعلبة التي تحتوي على نسب عالية من «السكر المضاف» والتركيز على تناول الحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون، وقد ثبت أن بعض المكونات الطبيعية مثل «الكركم» و«الشاي الأخضر» و«الزنجبيل» تساهم في دعم صحة الكبد وتقليل التهاباته عند تناولها بانتظام.
«الكبد» عضو لا يمكن تعويضه بسهولة وأي إهمال في العناية به قد يقود إلى مضاعفات صحية كبيرة يصعب علاجها في مراحلها المتقدمة، لذا فإن تقليل استهلاك الحلويات ليس رفاهية بل هو ضرورة للحفاظ على سلامة الكبد وضمان استمراره في أداء وظائفه الحيوية بكفاءة، ويجب على الجميع أن يدرك أن الاعتدال في تناول السكريات هو المفتاح الحقيقي لصحة الكبد وجودة الحياة بشكل عام.
