الأعلى للإعلام يهيب بوسائل الإعلام الالتزام بضوابط نشر قضايا الأطفال

أهاب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة المهندس خالد عبدالعزيز، بجميع المؤسسات الإعلامية والصحفية والمواقع الإلكترونية، الالتزام التام بكود ضوابط وأخلاقيات نشر أخبار الجريمة والتحقيقات، وخاصة تلك المتعلقة بالأطفال، وذلك وفقًا للقانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام.
جاء ذلك في بيان رسمي أصدره المجلس، مؤكدًا فيه أن التناول الإعلامي لقضايا الأطفال - سواء كانوا مجني عليهم أو شهودًا أو متهمين، يجب أن يتم بأقصى درجات الحرص والاحترام للقواعد المهنية والإنسانية، وألا يتجاوز الأطر القانونية أو يضر بمصالح الأطفال وأسرهم أو يسبب لهم أذى نفسيًا أو اجتماعيًا.
احترام الوضع القانوني الخاص للأطفال
وشدد المجلس على ضرورة احترام الوضع القانوني الخاص للأطفال، كما نص عليه البند التاسع من المادة الأولى في كود ضوابط النشر الصادر بقرار المجلس رقم 22 لسنة 2022، الذي يوجب الالتزام بالأوضاع القانونية المقررة للتعامل مع الطفل في حالات الجريمة.
وأوضح البيان أن الطفل، وفقًا للقانون، هو كل من لم يبلغ سن الثامنة عشرة، وبالتالي فإن التعامل معه إعلاميًا ينبغي أن يتم بحذر بالغ، سواء كان الطفل متهمًا أو شاهدًا أو ضحية في جريمة ما.
وأكد المجلس أن كشف هوية الطفل بأي شكل من الأشكال يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون، سواء من خلال ذكر اسمه أو اسم ذويه، أو عرض صورته، أو تقديم معلومات تفصيلية يمكن أن تؤدي إلى التعرف على هويته.
التعامل المهني مع الأطفال.. استثناء وليس قاعدة
ونبّه المجلس إلى أنه إذا اقتضت الضرورة المهنية أو المجتمعية التعامل المباشر مع الطفل، فيجب أن يكون ذلك في أضيق الحدود، وعلى سبيل الاستثناء فقط، مع اتخاذ كل ما يلزم من تدابير لحفظ كرامة الطفل وكرامة أسرته.
وأشار المجلس إلى أن ما ورد في الكود يهدف إلى حماية الأطفال من الأذى النفسي والاجتماعي الذي قد ينتج عن التناول الإعلامي غير المهني، وهو أمر قد يترك آثارًا سلبية طويلة الأمد على حياة الطفل ومستقبله.
تأكيد على الحظر التام لنشر أي محتوى يكشف هوية الطفل
جدد المجلس تأكيده على منع نشر أو إذاعة أو عرض أي محتوى إعلامي أو صحفي من شأنه أن يكشف عن هوية الطفل، وأوضح أن ذلك يشمل كل أشكال المحتوى، سواء كانت مقالات مكتوبة أو تقارير مصورة أو محتوى رقمي على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإخبارية.
وحذر المجلس من أن مخالفة هذه الضوابط يعرض الوسيلة الإعلامية للمساءلة القانونية والعقوبات التأديبية التي حددها القانون، والتي قد تصل إلى الوقف المؤقت أو الدائم للوسيلة الإعلامية، بالإضافة إلى إحالة الصحفي أو الإعلامي المخالف للتحقيق.
دعوة للتوازن بين حق المجتمع في المعرفة وحق الطفل في الخصوصية
وأكد المجلس في ختام بيانه أن الحرية الإعلامية لا تعني بأي حال من الأحوال تجاوز الحقوق الأساسية للإنسان، وعلى رأسها حق الطفل في الخصوصية والحماية من الأذى، داعيًا المؤسسات الصحفية والإعلامية إلى تحقيق التوازن الواجب بين حق المجتمع في المعرفة وحق الطفل في الأمان.
كما طالب المجلس المؤسسات الإعلامية بضرورة تدريب الصحفيين والعاملين في غرف الأخبار على كيفية تغطية قضايا الأطفال وفق المعايير المهنية والأخلاقية، والتنسيق مع الخبراء في مجالات علم النفس والاجتماع والقانون لضمان تقديم محتوى مهني ومسؤول.
وفي السياق ذاته، أثنى عدد من الخبراء والإعلاميين على الخطوة التي اتخذها المجلس، واعتبروها بمثابة تأكيد جديد على التزام الدولة المصرية بحماية الأطفال وعدم الزج بهم في ساحات الإعلام دون مبرر مهني أو قانوني.
الأمثلة السلبية تستدعي وقفة
جدير بالذكر أن الأيام الأخيرة شهدت تداول بعض وسائل الإعلام لحوادث وقضايا تخص أطفالًا دون الالتزام بالمعايير الواردة في الكود، مما أثار ردود فعل غاضبة من نشطاء حقوق الطفل ومنظمات المجتمع المدني، وهو ما دفع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى إعادة التذكير بهذه الضوابط بشكل صريح ومباشر، في محاولة لضبط الأداء الإعلامي في هذا الملف الحساس.
وفي ظل تصاعد الاهتمام المجتمعي والإعلامي بقضايا الأطفال، يأمل المتابعون أن تترجم هذه التوصيات إلى التزام عملي صارم في غرف التحرير ومواقع النشر، حفاظًا على مستقبل الأطفال وحقوقهم الأساسية التي كفلها القانون والدستور.