الثلاثاء 20 مايو 2025 الموافق 22 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل الأضحية تكفي عن الفرد أم تشمل أسرته كاملة؟.. دار الإفتاء تجيب

الأضحية
الأضحية

الأضحية من أعظم الشعائر التي يحرص عليها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، ومع اقتراب أيام عيد الأضحى المبارك، تكثر الأسئلة التي تتعلق بـ«شروط الأضحية»، ومن أبرز هذه الأسئلة: هل تكفي الأضحية عن الشخص بمفرده أم تشمل أسرته معه؟، سؤال يتكرر كل عام وتحرص الجهات الدينية الرسمية مثل «دار الإفتاء» و«لجنة الفتوى بالأزهر الشريف» على توضيحه بما يتوافق مع روح الشريعة ومقاصدها، خاصة وأن الأضحية من الشعائر العظيمة التي تتجلى فيها معاني الطاعة والتضحية والتكافل.

الأضحية شعيرة إسلامية راسخة

لقد شرع الله تعالى ذبح «الأضحية» في قوله عز وجل: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾، حيث دل هذا الأمر الإلهي على أن النحر شعيرة من شعائر الإسلام، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ»، في إشارة إلى أهمية هذا العمل وقيمته، وأضاف: «وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا»، وهذا يدل على أن الأضحية عمل تعبدي عظيم يتقبله الله قبل أن تصل آثاره الأرضية.

أضحية النبي صلى الله عليه وسلم.. نموذج يُحتذى به

النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يترك الأضحية في حياته، بل كان يضحي بنفسه ويشرك أهل بيته في النية، فقد ورد في الحديث أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ»، وفي رواية أخرى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنه قال: «اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ»، وهو ما يؤكد أن «الأضحية» يمكن أن تكون عن الفرد وأسرته إذا شملتهم النية وشاركوه المسكن والنفقة.

فتوى دار الإفتاء بشأن الأضحية للأسرة

وفي توضيحها للرأي الشرعي، أكدت «دار الإفتاء المصرية» من خلال الدكتور أحمد وسام، أمين الفتوى، أن «الأضحية» تجزئ عن الشخص وعن أسرته طالما أنهم يعيشون معه في نفس المسكن وينفق عليهم، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الأضحية من الغنم مثل الخروف أو من البقر أو الإبل، فالمعيار في الاشتراك هو النفقة والإقامة المشتركة، وهذه الفتوى تتماشى مع ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إشراك أهل بيته في الأضحية.

أفضل طريقة لتوزيع لحم الأضحية

أما فيما يخص توزيع الأضحية، فقد أوضحت «دار الإفتاء» الطريقة المثلى التي يستحب للمضحي اتباعها، وهي أن يقسم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث، يأكل الثلث الأول، ويتصدق بالثلث الثاني، ويهدي الثلث الثالث، وقد استشهدت بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَكُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا»، وهو ما يؤكد البعد الاجتماعي والإنساني للأضحية الذي يحقق التكافل بين الناس ويُدخل السرور على الفقراء والمحتاجين.

عدد الأشخاص الذين يشتركون في الأضحية

وفي سؤال متكرر آخر يتعلق بـ«عدد المشتركين في الأضحية»، أكدت «لجنة الفتوى بالأزهر الشريف» أن الاشتراك جائز في الأضاحي من البقر والإبل، ويجوز أن يشترك فيها سبعة أشخاص، وذلك استنادًا إلى ما رواه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «نحرنا مع رسول الله ﷺ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة»، والبدنة تشمل البقرة والجمل، وهو ما يفتح الباب أمام المشاركة وتقليل التكاليف خاصة لمن لا يستطيع تحمل ثمن الأضحية وحده.

مشروعية الأضحية بين الكتاب والسنة

تستمد الأضحية مشروعيتها من «القرآن الكريم» و«السنة النبوية»، ففي الكتاب يقول الله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾، وفسر العلماء هذه الآية بأنها تتعلق بصلاة العيد وذبح الأضحية بعدها، كما ورد عن الإمام القرطبي وغيره من أئمة التفسير، أما في السنة النبوية فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يذبح بنفسه ويوجه النية عن نفسه وأهله، ومن ذلك ما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها حين قال لها النبي: «يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»، ثم قال: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، وأخذ الكبش وذبحه قائلا: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ»، مما يدل على أن «الأضحية» شعيرة لها مكانتها العظيمة ويُستحب الإكثار من ذكر الله وتكبيره عند ذبحها.

نية الأضحية وأثرها في الشمول

من الأمور التي أكد عليها الفقهاء أن «النية» في الأضحية تلعب دورًا مهمًا في تحديد من يشملهم الثواب، فإذا نوى المضحي أن تكون الأضحية له ولأهل بيته فإنهم يدخلون جميعًا في الأجر، حتى وإن لم يكونوا هم الذين دفعوا ثمن الأضحية، بشرط أن يكونوا ممن ينفق عليهم ويعيشون في كنفه، وقد اتفق جمهور العلماء على أن «أضحية واحدة» تكفي عن الرجل وأهل بيته إن اشتركوا في المعيشة، استنادًا إلى فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

الأضحية ليست مجرد ذبيحة

ينبغي ألا يُنظر إلى الأضحية على أنها مجرد ذبح لبهيمة، بل هي عبادة متكاملة تجمع بين تعظيم شعائر الله والتقرب إليه والتوسعة على النفس والأهل والغير، ولذا جاءت نصوص الشرع الحنيف بتفصيل أحكامها ومواقيتها وآدابها، من وقت الذبح إلى طريقة التوزيع إلى صفة الذبيحة وأوصافها، وكل ذلك ليحقق المسلم مقصود العبادة الكامل في هذه الشعيرة الموسمية التي ينتظرها الملايين.

«الأضحية» شعيرة تعبدية عظيمة تتسم بالمرونة في الأحكام والتيسير في التطبيق، فهي تجزئ عن الشخص وأسرته، وتقبل فيها النية الجماعية، ويجوز الاشتراك فيها عند الضرورة، وتوزيعها له ضوابط شرعية تهدف لتحقيق أكبر قدر من النفع الاجتماعي والروحي في آنٍ واحد.

تم نسخ الرابط