الأربعاء 05 مارس 2025 الموافق 05 رمضان 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

القرآن حذر منه.. الفساد يهلك الحرث والنسل ويهدد المستقبل

الفساد
الفساد

أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر السابق، أن القرآن الكريم حذّر من الفساد ونهى عنه بأشد العبارات، موضحًا أن الفساد من أخطر الظواهر التي تهدد استقرار المجتمعات وتؤدي إلى انهيارها، واستشهد بقول الله تعالى: “ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها”، حيث يوضح هذا النص القرآني ضرورة الحفاظ على الأرض بعد أن أودع الله فيها الخير وأمر الإنسان بإعمارها، مشيرًا إلى أن الفساد لا يقتصر فقط على الجوانب الاقتصادية والسياسية، بل يمتد إلى كل سلوك يخالف مبادئ الحق والعدل.

أوضح “الهدهد”، في تصريحات تلفزيونية، أن من آداب الشرع الحكيم أن يتخلى الإنسان عن الفساد قبل أن يتحلى بالإصلاح، فالإصلاح لا يكون مقبولًا من شخص يمارس الفساد أو يدعمه، واستشهد بقوله تعالى: “ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد”، مؤكدًا أن هذه الآية تعبر بوضوح عن نموذج من أخطر الفاسدين، وهم المنافقون الذين يزينون أقوالهم ليكسبوا ثقة الناس، بينما يضمرون في قلوبهم الشر والفساد.

النفاق.. أخطر أشكال الفساد

أشار رئيس جامعة الأزهر السابق إلى أن من أخطر أشكال الفساد هو النفاق، حيث يعتمد المنافقون على الكلام المنمق وكثرة الحلف باليمين لإقناع الناس بصدقهم، بينما تخفي قلوبهم نوايا خبيثة، موضحًا أن هذه الظاهرة من أكثر الأمور التي تهدد استقرار المجتمعات وتسبب انهيارها، وأضاف أن من علامات الكذب المبادرة بالحلف بالله دون أن يُطلب منه، حيث يلجأ الكاذب إلى القسم ليجعل يمين الله ستارًا لكذبه وخداعه، وهو ما حذر منه القرآن الكريم في عدة مواضع، مؤكدًا أن كثرة الحلف من علامات ضعف الصدق وانعدام النزاهة.

كما بيّن “الهدهد” أن المنافق يظهر أمام الناس بمظهر الساعي إلى الخير والإصلاح، لكنه في الحقيقة يكون أداة للفساد والخراب، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم كشف هذا السلوك بوضوح في قوله تعالى: “وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها”، موضحًا أن كلمة “سعى” في العادة تُستخدم في الأمور الخيّرة، لكنها جاءت هنا لتوضح زيف هؤلاء الذين يدّعون الإصلاح بينما هم في الحقيقة يسعون لإفساد المجتمعات وهدم القيم النبيلة.

الفساد يهلك الحرث والنسل

أكد الدكتور إبراهيم الهدهد أن الفساد لا يقتصر فقط على الضرر الذي يلحقه بالأفراد والمجتمعات، بل يمتد إلى تدمير البيئة والموارد الطبيعية التي وهبها الله للإنسان، حيث أشار إلى أن من أخطر نتائج الفساد هلاك الحرث والنسل، وهو ما ذكره الله صراحة في القرآن بقوله: “وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد”، موضحًا أن هذه الآية تلخص حجم الكارثة التي يسببها الفساد، إذ يؤدي إلى دمار الموارد الاقتصادية، واستنزاف الثروات، وانهيار القيم الأخلاقية، مما يؤثر على استقرار المجتمع ومستقبله.

وأوضح أن الله سبحانه وتعالى قدّر لكل مخلوق رزقه قبل أن يُخلق، مستشهدًا بقوله تعالى: “وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين”، مشيرًا إلى أن هذه الآية توضح أن الأرزاق مقسمة بعدل بين البشر، ولا يحق لأي شخص أن يستولي على حقوق غيره بغير وجه حق، داعيًا الجميع إلى الاعتماد على السعي والعمل والأخذ بالأسباب بدلاً من اللجوء إلى طرق الفساد والنفاق لتحقيق المكاسب الزائفة.

العمل الصالح هو الحل لمواجهة الفساد

شدد “الهدهد” على أن الحل الأمثل لمواجهة الفساد يكمن في الالتزام بالأخلاق والقيم الإسلامية، والابتعاد عن الكذب والخداع والنفاق، موضحًا أن المجتمعات التي تقوم على العدل والصدق هي التي تحقق الاستقرار والازدهار، بينما المجتمعات التي ينتشر فيها الفساد تواجه انهيارًا حتميًا، وأضاف أن الإسلام دعا إلى الإصلاح في كل المجالات، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وأمر بالعدل بين الناس وعدم استغلال النفوذ لتحقيق المصالح الشخصية.

ودعا الجميع إلى تحمل مسؤوليتهم في مواجهة الفساد، مؤكدًا أن كل فرد في المجتمع له دور في تحقيق العدل ونشر القيم النبيلة، سواء كان مسؤولًا أو مواطنًا عاديًا، مشيرًا إلى أن الصمت على الفساد يجعله يتمدد ويسيطر على المجتمعات، بينما مقاومته والعمل على مواجهته يساهم في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

القرآن وضع القواعد لمجتمع نقي من الفساد

أكد الدكتور إبراهيم الهدهد أن القرآن الكريم لم يكتفِ بالتحذير من الفساد فحسب، بل وضع القواعد التي تضمن بناء مجتمع خالٍ من الفساد، مشيرًا إلى أن الإسلام جعل العدل والمساواة أساسًا للحكم والمعاملات بين الناس، ونهى عن الظلم والغش والخداع، مؤكدًا أن العمل وفق هذه المبادئ يضمن استقرار المجتمع وتقدمه.

وأضاف أن من أهم القيم التي دعا إليها الإسلام هي الصدق في القول والعمل، وتجنب الحلف الكاذب، وحسن استغلال الموارد، وعدم الاعتداء على حقوق الآخرين، مشيرًا إلى أن هذه القيم إذا تمسك بها الأفراد، فإن المجتمع سينجو من الفساد وسينعم بالاستقرار والرخاء.

اختتم الدكتور إبراهيم الهدهد حديثه بالتأكيد على أن الفساد ليس مجرد مشكلة أخلاقية، بل هو مرض خطير يهدد استقرار الأمم، موضحًا أن التخلص منه يتطلب التمسك بالقيم الدينية والابتعاد عن النفاق والكذب والخداع، كما شدد على ضرورة أن يدرك كل فرد مسؤوليته في الحفاظ على مجتمعه، داعيًا الجميع إلى اتباع منهج القرآن الكريم في العدل والإصلاح، والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى الفساد وهلاك الحرث والنسل.

تم نسخ الرابط