قصور الغدة الدرقية عند الكبار والأطفال.. الأعراض والمضاعفات الصامتة

تُعد «الغدة الدرقية» من أهم الغدد الصماء في جسم الإنسان، إذ تلعب دورًا محوريًا في تنظيم عملية الأيض وإنتاج الطاقة ونمو الخلايا، وتقع هذه «الغدة» الصغيرة في مقدمة العنق على شكل فراشة، ومع صغر حجمها إلا أن أي خلل في نشاطها يؤثر على العديد من أجهزة الجسم، ويُعتبر «قصور الغدة الدرقية» من أكثر اضطراباتها شيوعًا، إذ يحدث عندما تقل قدرتها على إنتاج ما يكفي من الهرمونات، ما يؤدي إلى ظهور أعراض متدرجة قد لا يلاحظها المريض في بدايتها، وفى هذا المقال يسلط القارئ نيوز الضوء على أبرز أعراض القصور سواء لدى البالغين أو الأطفال، مع شرح المضاعفات المحتملة وطرق التشخيص والتعامل المبكر مع المرض.
ما هو قصور الغدة الدرقية؟
«قصور الغدة الدرقية» هو حالة مرضية يحدث فيها انخفاض في إنتاج هرمونَي «الثيروكسين T4» و«الثيرونين T3» واللذين يلعبان دورًا رئيسيًا في تنظيم العمليات الحيوية، وتؤدي قلة هذه الهرمونات إلى تباطؤ شديد في وظائف الجسم، ما يسبب أعراضًا مثل الإرهاق وزيادة الوزن وضعف التركيز، ويعد هذا القصور أكثر شيوعًا لدى النساء خاصة فوق سن الأربعين، لكنه قد يصيب الأطفال أيضًا، مما يجعل التعرف على الأعراض أمرًا بالغ الأهمية.
أعراض قصور الغدة الدرقية لدى الكبار
عند البالغين قد يظهر «قصور الغدة» بشكل تدريجي وغير ملحوظ في البداية، لكن مع الوقت تبدأ الأعراض في التفاقم لتشمل عدة جوانب من الصحة العامة، ومن أبرزها:
الشعور المستمر بالتعب والخمول رغم الحصول على نوم كاف، وزيادة غير مبررة في الوزن رغم عدم تغيير النظام الغذائي، مع ملاحظة بطء في الحركة والحديث، واضطرابات في التركيز وضعف الذاكرة، إضافة إلى «جفاف الجلد» و«تساقط الشعر» و«تغير نبرة الصوت».
كما تعاني النساء من «اضطرابات الدورة الشهرية» وقد تصل إلى العقم المؤقت، بينما يشكو الرجال من «ضعف في الرغبة الجنسية»، إلى جانب مشكلات في الجهاز الهضمي أبرزها الإمساك المزمن، و«عدم تحمل البرودة» حتى في الأجواء المعتدلة.
أعراض قصور الغدة الدرقية عند الأطفال
تُعد مراقبة الأطفال أمرًا حيويًا لاكتشاف قصور «الغدة الدرقية» في مراحله المبكرة، إذ قد تبدأ الأعراض منذ الولادة وتُعرف حينها بــ«قصور الغدة الخلقي»، وتشمل هذه العلامات ضعف الرضاعة، اليرقان المطوّل، الإمساك، وبرودة الأطراف.
أما في سن الطفولة فقد يظهر تأخر واضح في النمو الجسدي والعقلي، حيث يعاني الطفل من «تأخر في التسنين» و«ضعف الطول»، إضافة إلى بطء في المهارات الحركية واللغوية، كما يعاني الأطفال المصابون من «تورم الوجه» و«خشونة الصوت» وصعوبة التركيز في المدرسة.
إذا تُركت الحالة دون تشخيص أو علاج فإن القصور قد يؤدي إلى «تأخر ذهني دائم»، مما يبرز أهمية الفحص الدوري و«التدخل المبكر».
الأسباب الشائعة لقصور الغدة الدرقية
هناك عدة أسباب لحدوث القصور في نشاط «الغدة الدرقية»، من أبرزها «التهاب الغدة المناعي المزمن» المعروف باسم «هاشيموتو»، والذي يحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي الغدة نفسها ويضعف قدرتها على إنتاج الهرمونات.
كما أن بعض العلاجات الطبية مثل العلاج الإشعاعي أو استئصال جزء من «الغدة» أو كلها بسبب أورام قد تؤدي إلى قصورها، كذلك قد يكون السبب نقصًا حادًا في عنصر «اليود» وهو مكون أساسي لهرمونات الغدة، أو خللاً خلقياً عند الأطفال منذ الولادة.
كيف يتم التشخيص؟
يتم تشخيص «قصور الغدة» من خلال تحليل الدم لقياس مستويات الهرمونات مثل «TSH» و«T4»، فإذا كانت النتيجة تُظهر ارتفاعًا في هرمون TSH وانخفاضًا في T4، فإن ذلك يشير إلى وجود القصور، وقد يُطلب إجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية لتحديد حجم الغدة وشكلها، خاصة في حالات الاشتباه بوجود عقيدات أو التهابات.
مضاعفات القصور عند التأخر في العلاج
إذا تُرك «قصور الغدة» دون علاج فقد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، مثل «قصور عضلة القلب»، و«ارتفاع الكوليسترول»، و«الاكتئاب المزمن»، وقد يصل في بعض الحالات إلى «غيبوبة الميكسيديما» وهي حالة طبية طارئة تهدد الحياة.
بالنسبة للأطفال فإن إهمال علاج «الغدة» قد يؤدي إلى «تأخر عقلي دائم»، وتراجع شديد في التحصيل الدراسي والنمو البدني، مما يجعل التشخيص المبكر والعلاج المناسب أمرًا لا يحتمل التأجيل.
العلاج والمتابعة المستمرة
يتم علاج «قصور الغدة الدرقية» عادةً باستخدام هرمون «الليفوثيروكسين» وهو بديل صناعي لهرمون T4، ويُعطى بجرعات يومية تُحدد حسب حالة المريض، ويحتاج المريض إلى متابعة مستمرة لمستوى الهرمونات في الدم كل بضعة أشهر لضبط الجرعة بدقة.
ويُنصح بتناول العلاج على معدة فارغة صباحًا لتسهيل الامتصاص، كما يجب إبلاغ الطبيب عن أي أدوية أو مكملات تُؤخذ بالتزامن لأنها قد تؤثر على امتصاص الهرمون.
من المهم نشر الوعي بأعراض «قصور الغدة الدرقية» بين فئات المجتمع كافة، وتشجيع الفحص الدوري خاصة للنساء في سن الأربعين وما فوق، كما يُنصح بمتابعة نمو الأطفال في المدارس واكتشاف علامات الخمول أو ضعف التركيز، بالإضافة إلى الاهتمام بالتغذية الصحية الغنية باليود مثل الملح المدعم والمأكولات البحرية.