السبت 07 يونيو 2025 الموافق 11 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

كم يجب أن يتصدق المسلم من الأضحية؟.. تعرف على آراء الفقهاء الأربعة

أضحية العيد
أضحية العيد

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تجدد الأضحية التساؤلات الفقهية التي تشغل بال الكثيرين من المسلمين، ومن أبرزها: ما مقدار اللحم الذي يجب التصدق به من الأضحية؟ وهل يُشترط أن يكون ثلثًا كما يشاع في بعض الأقوال؟ وما هو الرأي الراجح بين المذاهب الفقهية الأربعة؟

في هذا التقرير نستعرض ما ورد عن فقهاء الإسلام في هذه المسألة، استنادًا إلى أقوالهم الموثقة في كتب التراث الإسلامي، وما استُنبط من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهّرة.

الصدقة من الأضحية.. سنة أم واجبة؟

أمر النبي محمد ﷺ بالتصدق من لحوم الأضاحي، فقد ورد في الحديث الشريف: «فكلوا وادخروا وتصدقوا»، ما يشير إلى أن هناك نصًا يحث على توزيع جزء منها.

 لكن الفقهاء اختلفوا في تحديد مقدار هذا الجزء، بل وفي أصل وجوبه.

الشافعية والحنابلة.. الصدقة واجبة ولو بجزء يسير

يرى جمهور الشافعية، ومنهم الإمام النووي، أن التصدق من الأضحية واجب إذا كانت تطوعًا، ولو بجزء يسير يطلق عليه اسم اللحم، أي أقل كمية ممكنة تحقق المعنى. 

وأوضح النووي في كتابه «المجموع شرح المهذب» أن جمهور الشافعية يرون أن المقصود من الأضحية هو إراقة الدم وإرفاق الفقراء، فإن أكل المسلم أضحيته كاملة دون أن يتصدق بشيء منها، لزمه ضمان ما يساوي الجزء الذي فات التصدق به.

ويستحب في مذهب الشافعية تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث: ثلث للأكل، وثلث للصدقة، وثلث للإهداء، وهذا هو أدنى مراتب الكمال، لكنه ليس شرطًا في صحة الأضحية.

المالكية والحنفية.. التصدق سنة وليس فرضًا

أما في مذهب الإمام أبي حنيفة، فقد ورد في كتاب «بدائع الصنائع» أن التصدق من لحم الأضحية مستحب وليس واجبًا، مستندين إلى قوله تعالى: ﴿فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير﴾، وحديث النبي ﷺ: «إذا ضحى أحدكم فليأكل من أضحيته ويطعم منها غيره».

ويرى الحنفية أن الأضحية قربة في ذاتها بإراقة الدم، وأما التصدق بلحمها فهو تطوع، يجوز فعله ويثاب عليه، ولا يأثم من تركه.

 كما يجوز للمضحي أن يحتفظ بلحم أضحيته لنفسه، وأن يدخره أكثر من ثلاثة أيام، بعد أن نُسخ النهي الذي كان في بداية الإسلام.

أما المالكية، فهم على نفس الرأي القائل بعدم الوجوب، بل يرون التصدق مستحبًا أيضًا، ولا حرج في أن يأكل المضحي منها كله، ويكون بذلك قد أدى القربة بإراقة الدم فقط.

الخلاصة.. ما الأفضل فعله؟

في ضوء ما سبق، يمكن القول إن التصدق من الأضحية مستحب في جميع المذاهب، ومقدار الثلث ليس شرطًا، بل هو من الكمال، ويكفي أن يخرج المضحي جزءًا يسيرًا يُطلق عليه «لحم» لتحقيق المستحب، وفقًا للشافعية، والواجب عندهم أيضًا.

ويظل الأفضل، بحسب جمهور الفقهاء، أن يُقسم المضحي أضحيته إلى ثلاثة أقسام: ثلث يأكله مع أهله، وثلث يهديه إلى أقاربه وأصحابه، وثلث يتصدق به على الفقراء والمساكين، امتثالًا لقوله تعالى: ﴿فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر﴾.

كما يُستحب أن يُظهر المسلم شعيرة الأضحية أمام أهله وأولاده ليغرس فيهم معاني الرحمة والتكافل الاجتماعي، ويعلّمهم أن الإسلام دين احتفاء ومشاركة، لا ينسى فيه الفقير والمحتاج. 

ويوم الأضحى هو يوم فرحة وعطاء، يتقرب فيه المسلمون إلى الله بنحر الأضاحي، ويوزعون لحومها على المحتاجين، فيتجلى المعنى الحقيقي للأخوّة الإسلامية. 

وتؤكد النصوص أن أفضل ما يُقدّم فيه هو ما كان خالصًا لله، وابتُغيت به وجهه الكريم. وعليه، فإن المقصد ليس فقط الذبح، بل الإحسان والتوسعة على الغير، وهو ما يجعل التصدق من الأضحية شعيرة روحية واجتماعية في آنٍ واحد.

تم نسخ الرابط