التهاب المفاصل العنقي.. الأسباب الشائعة والأعراض المقلقة وطرق العلاج المتاحة

المفاصل العنقية تعد من أكثر «المفاصل» حساسية في الجسم نظرًا لأنها تتحمل عبء حركة الرأس والرقبة بشكل دائم، وقد يعاني البعض من ألم أو تيبس في هذه المنطقة دون معرفة أن السبب يعود في كثير من الحالات إلى «التهاب المفاصل العنقي»، وهو من الحالات الشائعة خاصة مع التقدم في العمر أو بعد الجلوس لفترات طويلة بوضعيات خاطئة، ويؤثر هذا الالتهاب بشكل مباشر على القدرة الحركية للشخص وجودة حياته اليومية، مما يستدعي فهم أسبابه وأعراضه وطرق الوقاية والعلاج الممكنة.
ما هو التهاب المفاصل العنقي؟
التهاب المفاصل العنقي هو حالة صحية تصيب «المفاصل» الموجودة بين فقرات الرقبة، وتحدث نتيجة تآكل الغضاريف أو التهابات مزمنة في النسيج المحيط بالمفصل، وهو جزء من مجموعة أمراض تُعرف باسم خشونة أو تآكل «المفاصل»، ويمكن أن يصيب هذا الالتهاب الأشخاص من مختلف الأعمار، إلا أنه يُلاحظ بشكل أكبر لدى من تجاوزوا سن الأربعين نتيجة التغيرات الطبيعية التي تحدث في تركيب المفصل مع مرور الوقت.
أسباب التهاب المفاصل العنقي
تتعدد أسباب الإصابة بهذا النوع من «التهاب المفاصل» وتتداخل فيها العوامل الوراثية والسلوكية والبيئية، ومن أبرز الأسباب الشائعة:
– «الشيخوخة» حيث يؤدي التقدم في السن إلى فقدان الغضاريف لمرونتها وقدرتها على امتصاص الصدمات
– «الجلوس الخاطئ» لفترات طويلة أمام شاشات الحاسوب أو الهاتف مما يضع ضغطًا إضافيًا على فقرات الرقبة
– «الحوادث أو الإصابات» التي قد تتسبب في تلف المفاصل أو الأربطة في منطقة العنق
– «الالتهابات المناعية» مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو الذئبة الحمراء
– «الإجهاد المتكرر» الذي يصيب العضلات والمفاصل في الرقبة بسبب الحركات المتكررة أو حمل أوزان ثقيلة بشكل خاطئ
الأعراض التي لا يجب تجاهلها
التهاب المفاصل العنقي قد يبدأ بأعراض خفيفة لكنها قد تتطور مع الوقت إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب، ومن أبرز الأعراض التي يشعر بها المريض:
– «ألم في الرقبة» يزداد مع الحركة أو بعد الاستيقاظ من النوم
– «تيبس المفاصل» خاصة في الصباح ويصعب تحريك الرأس بسهولة
– «الصداع» الذي يبدأ من مؤخرة الرأس وينتشر نحو الجبهة أو الأذنين
– «طنين الأذن أو الدوخة» نتيجة تأثر الأعصاب المرتبطة بمفاصل الرقبة
– «تنميل أو ضعف في الذراعين» بسبب الضغط على الأعصاب العنقية
– «ألم في الكتف أو بين لوحي الكتف» نتيجة انتشار الالتهاب إلى مناطق مجاورة
كيف يتم تشخيص التهاب المفاصل العنقي؟
يبدأ التشخيص عادة بأخذ التاريخ المرضي الكامل من المريض، ثم يقوم الطبيب بفحص حركية الرقبة وملاحظة أي تيبس أو ألم، وقد يُطلب إجراء بعض الفحوصات التصويرية مثل:
– «الأشعة السينية» للكشف عن تآكل المفصل أو ضيق المسافات بين الفقرات
– «الرنين المغناطيسي» لتقييم حالة الغضاريف والأربطة والعصب الشوكي
– «اختبارات الدم» لتحديد إذا ما كان السبب مناعيًا مثل وجود مؤشرات التهابية
خيارات العلاج المتاحة
علاج التهاب المفاصل العنقي يعتمد على درجة شدة الأعراض ونوع الالتهاب، وتتراوح الخيارات بين العلاجات التحفظية والدوائية والجراحية في بعض الحالات المتقدمة:
– «العلاج الطبيعي» يُعد من أهم الطرق لتقوية العضلات المحيطة بالمفاصل وتحسين الحركة
– «المسكنات ومضادات الالتهاب» تساعد في تخفيف الألم وتقليل الالتهاب مثل الإيبوبروفين أو النابروكسين
– «الأدوية المناعية» في حالات التهاب المفاصل الروماتويدي مثل الكورتيزون أو مثبطات المناعة
– «العلاج بالحرارة أو البرودة» لتخفيف التشنجات العضلية وتحسين الدورة الدموية
– «الحقن الموضعي» بمضادات الالتهاب في الحالات التي لا تستجيب للعلاج الفموي
– «الجراحة» في الحالات النادرة التي يحدث فيها ضغط على الحبل الشوكي أو الأعصاب ولا تنجح الوسائل الأخرى
نمط الحياة وتأثيره على المفاصل
العناية بنمط الحياة هو أمر جوهري في الوقاية من التهاب المفاصل العنقي والحد من تفاقمه، وينصح الأطباء بعدة خطوات منها:
– تجنب الجلوس لفترات طويلة مع ضرورة تغيير الوضعية كل نصف ساعة
– استخدام وسائد طبية مريحة أثناء النوم تدعم الرقبة بطريقة صحية
– أداء تمارين الرقبة البسيطة بشكل يومي لتحسين مرونة المفاصل
– تقليل استخدام الهاتف بوضعية الرأس المنخفضة
– ممارسة رياضات خفيفة مثل السباحة والمشي لتقوية عضلات الظهر والرقبة
متى يجب زيارة الطبيب فورًا؟
رغم أن الكثير من حالات التهاب المفاصل العنقي تكون بسيطة أو متوسطة إلا أن هناك بعض العلامات التي تستدعي التوجه للطبيب دون تأخير، مثل الشعور بضعف في الذراعين أو الساقين، فقدان القدرة على التحكم في المثانة أو الأمعاء، أو آلام لا تستجيب للأدوية التقليدية، فهذه الأعراض قد تشير إلى ضغط شديد على النخاع الشوكي أو تلف عصبي يتطلب تدخلاً فوريًا.