الثلاثاء 29 يوليو 2025 الموافق 04 صفر 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

هل مجرد «لمس الكلب» يوجب إعادة الوضوء؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

أكدت دار الإفتاء المصرية أن «الكلب» لا يُعتبر ناقضًا للوضوء في جميع الأحوال كما يعتقد البعض، بل إن المسألة تخضع لاختلاف الفقهاء وتفصيل المذاهب، حيث صرّحت الدكتورة وسام الخولي أمين الفتوى، أن «تربية الحيوانات» داخل المنازل ليست محرمة شرعًا، بل هي جائزة ومباحة ما دامت تتم برحمة وتُراعى فيها قواعد «النظافة» العامة، وهو أمر لا خلاف عليه بين العلماء.

وأشارت الدكتورة وسام إلى أن «الكلب» يدخل في نطاق هذه المسائل التي تثير التساؤلات بين الناس، خاصة بين كبار السن أو من يعيشون بمفردهم، حيث يتخذ الكثير منهم «الكلب» أو القطط أو السلاحف أنيسًا ورفيقًا في حياتهم اليومية، وبيّنت أن هذه الصحبة لا تخالف تعاليم الدين إذا كانت مقترنة بالرحمة والرفق بالحيوان.

ملامسة الحيوانات الأليفة لا تفسد الوضوء

أوضحت دار الإفتاء أن جميع «الحيوانات» في أصلها «طاهرة» ولا يُعد لمسها مفسدًا للوضوء أو مبطلًا له، ويشمل ذلك القطط والطيور والسلاحف وما شابه، حيث أكدت الخولي أن مجرد الملامسة لهذه المخلوقات لا تؤثر على طهارة الإنسان، ولا تستوجب إعادة الوضوء.

لكن «الكلب» والخنزير كانا استثناءً في هذا الباب عند جمهور الفقهاء، الذين يرون أن «الكلب» يعتبر «نجس العين»، وبالتالي فإن ملامسته، خصوصًا إذا صاحبها لعاب منه، تستوجب تطهير موضع النجاسة وفق ما ورد في الحديث الشريف، وذلك بغسل الموضع سبع مرات إحداهن بالتراب.

المذهب المالكي يفتح باب التيسير

في المقابل، تناولت دار الإفتاء الرأي الفقهي الآخر الذي يتبناه مذهب «المالكية»، والذي يُعد من المذاهب المعتمدة والمعترف بها، حيث يرى علماء المالكية أن «الكلب» ليس «نجسًا» في ذاته، وبالتالي فإن لمسه لا يُبطل الطهارة ولا يوجب إعادة الوضوء.

وهذا الرأي يُعتمد عليه خاصة في حالات الضرورة أو المشقة، مثل امرأة مسنّة أو تعيش بمفردها وتتخذ «الكلب» صديقًا ومعينًا في حياتها اليومية، وهو ما أكدته أمين الفتوى بأن الأخذ بهذا الرأي في مثل هذه الظروف جائز شرعًا ولا حرج فيه.

لا إثم في الصلاة بعد لمس الكلب عند الحاجة

أضافت الخولي أن من يتّبع رأي المالكية في هذه الحالات الخاصة يكون وضوؤه صحيحًا وصلاته مقبولة بإذن الله، مشيرة إلى أن الشريعة الإسلامية قائمة على التيسير ورفع الحرج، لا سيما في المسائل التي ترتبط بالحاجات الإنسانية والظروف الخاصة، وأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها.

وأوضحت أن من اختار اتباع هذا الرأي الميسر من المالكية لا يُلام ولا يُؤثم، لا سيما إذا كان في وضع خاص لا يُمكنه فيه الاستغناء عن صحبة «الكلب»، فالشريعة لا تضيق على الناس ولكنها تفتح أبواب «الرحمة» و«الرفق» في كل ما يتعلق بضروراتهم اليومية.

الصحبة الطيبة مع الكلب لا تُخالف الشريعة

تابعت دار الإفتاء أن العلاقة بين الإنسان و«الكلب» إذا كانت مبنية على الرفق والرعاية والاحترام، فإنها لا تتعارض مع أحكام الشريعة، بل قد تكون سببًا في الأجر والثواب كما ورد في الحديث النبوي عن الرجل الذي سقى كلبًا فغفر الله له.

وأكدت أن الإسلام لا يدعو إلى النفور من الحيوانات أو معاملتها بجفاء، بل يدعو إلى «الرحمة» بها وتقديم الرعاية لها ما دامت لا تسبب أذى، مضيفة أن الكثير من الفتاوى القديمة تحتاج إلى فهمها ضمن سياقاتها وظروفها الخاصة، وألا تُؤخذ بشكل حرفي دون وعي بما فيها من رحمة وسعة. 

ضرورة التفريق بين الطهارة الفقهية والعملية

كما شددت أمين الفتوى على أهمية التفريق بين «الطهارة الفقهية» التي تتعلق بأداء العبادات مثل الصلاة، والطهارة العملية التي تتعلق «بالنظافة» الشخصية والعامة، وأن كثيرًا من الناس يخلطون بين هذين الجانبين، فليس كل ما يُعد غير نظيف في العُرف أو العادة يُعتبر ناقضًا للطهارة في الفقه.

وأكدت أن الشريعة الإسلامية جعلت الطهارة شرطًا للصلاة لكنها لم تضيّق الأمر على الناس، وإنما جاءت لتُراعي أوضاعهم وتخفف عنهم، موضحة أن ما يُبطل الوضوء في الفقه محدد ومعروف، و«الكلب» ليس ناقضًا بذاته إلا إذا أصابت لعابه اليد أو الثياب.

الكلب في الفقه بين التحريم والتيسير

وفي ختام التصريحات، أكدت دار الإفتاء المصرية أن «الكلب» ليس مخلوقًا محرمًا كما يتوهم البعض، وإنما هناك فقه في التعامل معه، يعتمد على الموازنة بين النصوص الشرعية والمقاصد الإنسانية، مشيرة إلى أن الرأي المتشدد الذي يُحرم كل أشكال التعامل مع «الكلب» لا يمثل روح الإسلام.

ودعت الناس إلى فهم الفتاوى ضمن إطارها الصحيح، وعدم إصدار الأحكام المطلقة على كل من يُربي «الكلب» أو يُخالطه، بل يجب النظر في ظروفه ومقصده، فالدين يُسر والتيسير منهج أصيل في الإسلام.

تم نسخ الرابط