أسباب شائعة للانتفاخ تهدد صحتك.. ليس سوء الهضم

الهضم هو العملية الأساسية التي يعتمد عليها الجسم لتحويل الطعام إلى طاقة وعناصر غذائية يحتاجها الإنسان باستمرار، لكن الكثير من الأشخاص يربطون أي شعور بالانتفاخ أو ثقل المعدة بوجود مشكلة في «الهضم» فقط، بينما تؤكد الدراسات الطبية الحديثة أن الانتفاخ قد يكون إشارة إلى مشاكل صحية خطيرة تتجاوز مسألة بطء أو ضعف عملية «الهضم»، وهو ما يفرض ضرورة الوعي بالمسببات المختلفة لهذه الحالة لتفادي المضاعفات التي قد تنعكس على الصحة العامة للجسم.

الانتفاخ بين العرض البسيط والخطر الكامن

يشعر البعض بالانتفاخ بعد تناول وجبة دسمة أو مشروبات غازية، وفي هذه الحالة يظن الكثير أن الأمر مجرد مشكلة عابرة مرتبطة بعملية «الهضم»، لكن الواقع الطبي يشير إلى أن استمرار الانتفاخ أو تكراره بشكل متواصل قد يكون دلالة على أمراض في الجهاز الهضمي أو خارج نطاقه أيضًا، مما يجعل من الضروري التفرقة بين الانتفاخ الناتج عن سوء «الهضم» والانتفاخ الذي يكشف أمراضًا مزمنة أو التهابات خطيرة.

القولون العصبي وتأثيره المباشر

من أكثر الأسباب الشائعة للانتفاخ ما يُعرف بمتلازمة القولون العصبي، وهي حالة مزمنة تصيب شريحة كبيرة من الناس، حيث يؤدي اضطراب حركة الأمعاء إلى شعور دائم بانتفاخ البطن وعدم الارتياح، ورغم أن البعض قد يظن أن الأمر مرتبط ببطء «الهضم»، إلا أن السبب الحقيقي يعود إلى تفاعل الأمعاء مع الضغوط النفسية أو أنواع معينة من الأطعمة، مما يستدعي متابعة طبية دقيقة ونظام غذائي متوازن للتقليل من الأعراض.

حساسية الطعام والانتفاخ غير المبرر

أحد أبرز الأسباب التي تهدد الصحة وتظهر في شكل انتفاخات متكررة هو «حساسية الطعام»، فقد لا يتمكن الجسم من التعامل مع بعض البروتينات أو مكونات غذائية بعينها، مثل منتجات الألبان أو الجلوتين، مما يؤدي إلى التهابات داخلية وشعور بانتفاخ البطن، وهذه الحالة تختلف كليًا عن عسر «الهضم» المعتاد لأنها ترتبط بخلل مناعي داخلي يحتاج إلى فحوصات واختبارات متخصصة لتشخيصه بدقة.

تراكم الغازات واضطراب الأمعاء

تراكم الغازات في الجهاز الهضمي أمر طبيعي عند الكثير من الأشخاص، لكن عند الإفراط أو استمرار الحالة قد يشير ذلك إلى وجود مشكلة في الأمعاء الدقيقة أو الغليظة، وفي حين قد يُفسر الشخص العرض على أنه مجرد مشكلة في «الهضم»، فإن الأطباء يرون أن استمرار الغازات بكميات مفرطة يتطلب تقييمًا شاملًا للتأكد من عدم وجود انسداد أو اضطراب في حركة الأمعاء.

العدوى البكتيرية والطفيليات

في بعض الحالات يكون الانتفاخ ناتجًا عن إصابة الجهاز الهضمي بعدوى بكتيرية أو طفيليات معوية، وهذه الحالات تسبب خللًا مباشرًا في امتصاص الطعام وتؤثر على كفاءة عملية «الهضم»، كما تؤدي إلى إسهال وفقدان الوزن أحيانًا، وهنا تكمن الخطورة لأن إهمال العلاج قد يضاعف المشكلة ويحول الانتفاخ إلى عرض دائم يرهق الجهاز الهضمي والجسم بأكمله.

تراكم السوائل وأمراض الكبد

من الأسباب التي لا تخطر على بال الكثيرين أن الانتفاخ قد يكون نتيجة تراكم السوائل في تجويف البطن، وهي حالة تُعرف بالاستسقاء، وغالبًا ما تكون مرتبطة بأمراض الكبد المزمنة أو فشل وظائفه، وهذه الحالة لا علاقة لها بسوء «الهضم»، بل تعكس أزمة صحية تحتاج إلى تدخل عاجل وفحوصات متقدمة، حيث أن تجاهلها قد يهدد الحياة.

الأورام كسبب غير متوقع

رغم ندرة هذا السبب إلا أن الأطباء يحذرون من أن الانتفاخ المستمر قد يكون مؤشرًا على وجود أورام في الجهاز الهضمي أو المبايض عند النساء، وفي مثل هذه الحالات لا يكون هناك علاقة مباشرة بعملية «الهضم»، بل يظهر العرض كإنذار مبكر يستوجب فحصًا شاملًا وصورًا تشخيصية متقدمة، لأن الكشف المبكر عن الأورام يساهم في نجاح العلاج بشكل أكبر.

كيف تفرق بين عسر «الهضم» والانتفاخ الخطير

من المهم أن يدرك القارئ أن عسر «الهضم» في الغالب يكون عرضًا مؤقتًا مرتبطًا بعادات الأكل مثل الإسراف في الدهون أو الأطعمة السريعة، بينما الانتفاخ المستمر أو المصحوب بأعراض إضافية مثل فقدان الشهية أو النزيف أو فقدان الوزن قد يكون دلالة على مرض أخطر، لذلك ينصح الأطباء بعدم تجاهل أي انتفاخ متكرر، واللجوء إلى الفحص الطبي عند استمرار الأعراض أكثر من أسبوعين.

نصائح للوقاية والحفاظ على صحة الجهاز الهضمي

ينصح الخبراء بضرورة اتباع أسلوب حياة صحي يساعد على تحسين عملية «الهضم» ويقلل من احتمالية الانتفاخ، وذلك من خلال تناول أطعمة غنية بالألياف، شرب كميات كافية من الماء، ممارسة الرياضة بانتظام، تجنب الأطعمة التي تسبب الغازات مثل البقوليات والمشروبات الغازية، بالإضافة إلى الاهتمام بالفحص الدوري خاصة عند وجود تاريخ عائلي لأمراض الجهاز الهضمي، وبهذا يمكن تقليل فرص الإصابة بالمضاعفات التي قد تبدأ بعرض بسيط مثل الانتفاخ وتنتهي بمشكلة كبيرة.

الانتفاخ ليس دائمًا نتيجة سوء «الهضم» كما يعتقد الكثير من الناس، بل قد يكون إنذارًا مبكرًا لمشاكل صحية خطيرة مثل القولون العصبي، حساسية الطعام، العدوى البكتيرية، تراكم السوائل أو حتى الأورام، ومن هنا تأتي أهمية الوعي وعدم التهاون مع الأعراض المتكررة، لأن الصحة الجيدة تبدأ من متابعة أي تغيرات بسيطة قد تخفي وراءها أمراضًا خطيرة.