الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 الموافق 22 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

حكم «لبس الأساور» للرجال.. الإفتاء توضح الرأي الشرعي

حكم لبس الأساور للرجال
حكم لبس الأساور للرجال

الإفتاء كشفت عن رأيها الشرعي الواضح في مسألة أثارت جدلاً بين الناس حول ارتداء الأساور من قبل الرجال، حيث أوضح الشيخ أحمد وسام أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية أن الأصل في الحُلي أنها من الأمور التي يرجع حكمها إلى «العرف والعادة والتقاليد» في المجتمع، ما لم يدخل في معناها التشبه بالنساء، مشيراً إلى أن الإسلام دين الوسطية الذي يراعي اختلاف الأعراف بين الشعوب والأزمنة، وأن الفقهاء أجمعوا على أن مناط الحكم في مثل هذه الأمور هو ما جرى به «العرف» بين الناس.

ارتداء الأساور بين «العرف» والتشبه

قال الشيخ أحمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء إن هناك أنواعاً مختلفة من الأساور والحُلي، منها ما يخص النساء فقط، ومنها ما يخص الرجال، ومنها ما هو مشترك بين الطرفين، موضحاً أن التمييز بين هذه الأنواع لا يكون بمحض الرأي أو الذوق الشخصي، وإنما بالرجوع إلى ما تعارف عليه الناس في مجتمعاتهم، فالعرف هو الحاكم في هذا الباب كما استدل بقوله تعالى: «خُذِ العفوَ وأْمُرْ بالعرفِ وأعرضْ عن الجاهلين»، أي أن ما قبله المجتمع ولم يعد تشبهاً بالنساء فهو جائز، أما ما كان خاصاً بالنساء فيُمنع على الرجال من باب سد الذرائع ومنع التشبه.

وأضاف أمين الفتوى أن الإفتاء تتعامل مع هذه القضايا بميزان دقيق، فالإسلام لا يحرم إلا ما فيه ضرر ظاهر أو تشبه مخالف للفطرة، موضحاً أن الحُلي للرجل إن كانت تُلبس بقصد الزينة المقبولة أو من باب الموضة الرجولية التي لا تُنافي المروءة فلا بأس بها، أما إذا كانت من خصائص النساء أو تحمل رموزاً مخالفة للعادات والتقاليد فيُستحب تركها.

الإفتاء.. العبرة بالعرف السائد

وشدد الشيخ أحمد وسام على أن الحكم الشرعي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعرف السائد في المجتمع، فإذا كان المجتمع لا يرى في ارتداء الرجل للأساور تشبهاً بالنساء فلا حرج فيها، ولكن إذا كان الناس ينكرونها ويستنكرونها، فتركها أولى وأفضل حتى لا يُتهم الرجل بالتشبه أو الخروج عن المألوف، لأن الإسلام دعا إلى حفظ صورة الإنسان وهيئته العامة بما يتناسب مع جنسه وهيبته.

وأكدت الإفتاء أن مراعاة العرف من مقاصد الشريعة، وأن الإسلام لا يسعى إلى التضييق بل إلى التنظيم والتوازن بين الحرية الشخصية واحترام القيم الاجتماعية، مضيفة أن اللباس والزينة من الأمور التي تختلف باختلاف الزمان والمكان، ولذلك لا يمكن وضع حكم واحد ثابت لها عبر العصور.

حكم لبس السلاسل الفضة للرجال

وفي سياق متصل، أوضح الدكتور أحمد ممدوح أمين الفتوى في دار الإفتاء أن بعض الفقهاء نصوا على أن لبس السلسلة الفضة للرجال أو التحلي بما هو زائد عن الحد يعد مكروها أو محرماً، لأنه من خصائص النساء، إلا أن هذا القول ليس متفقاً عليه بين العلماء، فهناك من يرى أن العرف له مدخل معتبر في الحكم الشرعي، فإذا كان الناس لا يعدّون لبس السلسلة تشبهاً بالنساء، فلا حرج في ذلك، خاصة إذا كان الغرض منها الزينة أو الذكر وليس التشبه.

وأشار إلى أن الإفتاء تتجنب إطلاق الأحكام القطعية على مثل هذه الأمور دون دليل واضح، لأن كلمة «حرام» ليست سهلة كما يظن البعض، مستشهداً بقوله تعالى: «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام»، مبيناً أن التحلي بما هو أليق بالنساء لا يعني بالضرورة أنه حرام بشكل قاطع، لكنه خلاف الأولى والأفضل تركه، خاصة إذا كان المجتمع لا يقبله من الرجال.

نصيحة الإفتاء للشباب

وروى الدكتور ممدوح موقفاً حدث مع أحد المشايخ حين جاءه رجل ومعه ابنه المراهق الذي كان يرتدي سلسلة بعد صلاة الجمعة، وسأله الأب هل لبس السلسلة حلال أم حرام، فأجابه الشيخ بقوله «السلسلة دي بتاعت البنات»، في إشارة لطيفة إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالحكم الشرعي وإنما بالذوق العام والتمييز الطبيعي بين مظهر الرجل والمرأة، وهو ما تؤكد عليه الإفتاء دائماً في إرشاداتها للشباب بأن يحرصوا على ما يليق بمقام الرجولة ويبتعدوا عن كل ما يثير اللبس أو الريبة.

وأكد أمين الفتوى أن المسلم ليس مطلوباً منه فقط أن يقف عند حدود الحلال والحرام، بل أن يسعى أيضاً إلى «الورع» والاحتياط في أموره الخاصة، وأن يختار لنفسه ما يرفع من مكانته ويحافظ على صورته أمام الناس، مشيراً إلى أن التزام الأخلاق والمروءة من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وأن الإفتاء تحث الشباب على التوازن بين المظهر الخارجي والجوهر الداخلي دون إفراط أو تفريط.

الإفتاء تدعو إلى فهم الدين بفكر معتدل

وفي ختام توضيحها، شددت الإفتاء على ضرورة أن يفهم الناس أحكام الدين بفكر متزن بعيد عن التشدد أو الانحلال، فليس كل ما اعتاده الناس في الغرب أو في بعض الثقافات يصلح لمجتمعاتنا الإسلامية، لأن لكل بيئة خصوصيتها، ولكل مجتمع ضوابطه، والإسلام أقرّ التنوع والاختلاف في إطار العرف السليم، داعية إلى الالتزام بالوقار والتعفف عن كل ما قد يُفهم على أنه تشبه بغير الجنس.

وأكدت دار الإفتاء أن الإسلام لم يأت ليمنع الجمال أو الزينة بل ليضبطها بما يتفق مع طبيعة الإنسان وفطرته، ولذلك فترك الأساور للرجال أولى وأفضل، خاصة إذا كانت تُحدث لبساً في المجتمع أو تعبيراً غير مناسب، لأن الوقار والرجولة من سمات المسلم الملتزم.

تم نسخ الرابط