«حروق الدرجة الثانية».. كيف تحدد نوعها وطرق علاجها

حروق الدرجة الثانية تعد من أكثر أنواع «الحروق» شيوعًا بين الناس، وغالبًا ما تنتج عن التعرض للحرارة الشديدة أو الماء المغلي أو اللهب المباشر أو حتى المواد الكيميائية، وهي تختلف عن غيرها من «الحروق» في شدتها ومدى عمقها داخل الجلد، حيث تمتد عبر طبقة البشرة لتصل إلى الأدمة، ما يجعلها مؤلمة وتحتاج إلى «عناية طبية دقيقة»، ويعتبر فهم طبيعتها ومعرفة كيفية التعامل معها من الأمور الضرورية لتجنب تفاقم الإصابة أو حدوث التهابات.
التعرف على «حروق الدرجة الثانية»
من المهم أن يتمكن الشخص من التعرف على حروق الدرجة الثانية عند حدوثها، إذ إن شكلها ومظاهرها تختلف عن «الحروق السطحية» أو العميقة، فهذه «الحروق» عادة ما تظهر بشكل فقاعات مملوءة بالسوائل مع احمرار واضح وتورم في الجلد، كما يشعر المصاب بألم شديد عند لمس المنطقة أو تعرضها للهواء، وتعتبر هذه العلامات من الدلائل الواضحة على أن الجلد قد تأثر في طبقاته السفلية وليس فقط في الطبقة الخارجية، ما يستدعي التعامل معها بعناية كبيرة.
التمييز بين أنواع «الحروق» يساعد بشكل كبير في اتخاذ القرار الصحيح بشأن العلاج، فـ حروق الدرجة الثانية تحتاج إلى معالجة فورية بطريقة مختلفة عن «الحروق» الخفيفة، إذ إن التعامل الخاطئ معها قد يؤدي إلى تدهور الحالة أو ترك آثار دائمة على الجلد، ولذلك فإن الوعي بكيفية تمييزها هو الخطوة الأولى في طريق الشفاء.
الأسباب الشائعة لحدوث «حروق الدرجة الثانية»
تحدث حروق الدرجة الثانية نتيجة أسباب متعددة تتعلق بالتعرض المباشر لمصادر الحرارة، فقد تنجم عن سكب سوائل مغلية على الجلد أو ملامسة سطح ساخن مثل أدوات المطبخ أو المكواة، كما يمكن أن تنشأ عن «التعرض الطويل لأشعة الشمس» أو نتيجة احتكاك الجلد بمواد كيميائية حارقة مثل الأحماض، وفي بعض الحالات تحدث بسبب التيار الكهربائي أو اللهب المباشر من الحرائق، لذا فإن تجنب هذه المسببات قدر الإمكان يعتبر وسيلة فعالة للوقاية من «الحروق».
كيفية تحديد نوع الحرق بدقة
يستطيع الشخص معرفة إن كانت الإصابة من حروق الدرجة الثانية من خلال ملاحظة مجموعة من العلامات الواضحة التي تميزها، فإضافة إلى الألم الشديد والاحمرار وظهور الفقاعات، قد يلاحظ أن الجلد يبدو رطبًا ولامعًا نتيجة فقدان السوائل من الأنسجة، وفي بعض الأحيان يظهر تغير في لون الجلد إلى الأبيض أو الوردي الفاتح، كما أن منطقة «الحروق» قد تتقشر بعد عدة أيام أثناء عملية الشفاء، وفي حال كانت المساحة المصابة كبيرة أو تغطي مفاصل رئيسية كالكوع أو الركبة فيجب التوجه فورًا إلى الطبيب.
من الجدير بالذكر أن حروق الدرجة الثانية تنقسم إلى نوعين هما السطحية والعميقة، حيث تصيب السطحية الجزء العلوي من الأدمة وتلتئم خلال أسبوعين تقريبًا، بينما تصل العميقة إلى الطبقات الأعمق وقد تحتاج إلى وقت أطول للعلاج، وأحيانًا يتطلب الأمر تدخلًا طبيًا مثل الترقيع الجلدي أو استخدام مراهم متخصصة.
طرق علاج «حروق الدرجة الثانية» في المنزل
يمكن التعامل مع حروق الدرجة الثانية البسيطة داخل المنزل إذا كانت محدودة المساحة ولم تصب الوجه أو المفاصل أو الأعضاء الحساسة، وتبدأ الخطوة الأولى في «تبريد الحرق» بوضع المنطقة المصابة تحت ماء جارٍ فاتر لمدة لا تقل عن عشر دقائق، فهذا يساعد في تقليل الألم وإيقاف امتداد الضرر داخل الجلد، وينبغي تجنب استخدام الثلج مباشرة لأنه قد يسبب تلفًا في الأنسجة.
بعد التبريد يمكن تنظيف المكان بلطف باستخدام ماء وصابون معتدل، ثم وضع مرهم مضاد حيوي خفيف لتجنب الالتهابات، كما يُنصح بتغطية «الحروق» بضمادة معقمة وغير لاصقة للحفاظ على نظافتها، ويجب تغيير الضمادة يوميًا أو عند اتساخها، مع مراقبة العلامات التي قد تشير إلى التهاب مثل زيادة الاحمرار أو خروج إفرازات.
متى تحتاج «حروق الدرجة الثانية» إلى الطبيب
رغم أن بعض حالات حروق الدرجة الثانية يمكن التعامل معها منزليًا، إلا أن هناك مواقف تستدعي التدخل الطبي الفوري، مثل إصابة مساحة واسعة من الجسم أو وجود الحرق في الوجه أو اليدين أو القدمين، أو إذا كان المصاب طفلًا أو مسنًا، كما أن الحروق الناتجة عن الكهرباء أو المواد الكيميائية تحتاج إلى تقييم متخصص، وفي حال ظهور أعراض العدوى كالحمى أو القيح أو الألم المفرط يجب مراجعة الطبيب دون تأخير.
الأطباء قد يستخدمون كريمات طبية تحتوي على مواد مسكنة أو مضادات حيوية قوية، وأحيانًا توصف مسكنات للألم عن طريق الفم، وفي بعض الحالات قد يتم اللجوء إلى تغطية الجروح بضمادات متطورة تساعد على التئام الجلد بشكل أسرع وتقلل من احتمالية ظهور الندوب.
الوقاية من «حروق الدرجة الثانية»
الوقاية تبقى خيرًا من العلاج، ولهذا يجب اتباع إجراءات السلامة في كل مكان، سواء في المنزل أو العمل، مثل الانتباه أثناء الطبخ وعدم ترك السوائل الساخنة في متناول الأطفال، واستخدام أدوات واقية عند التعامل مع المواد الكيميائية، كما يُنصح بوضع واقٍ شمسي عند التعرض الطويل للشمس لتجنب «حروق» الجلد، والالتزام بالإرشادات الخاصة بالأجهزة الكهربائية، فهذه الخطوات البسيطة قادرة على منع معظم الحوادث.
استعادة الجلد بعد التعافي
بعد شفاء حروق الدرجة الثانية يجب الاهتمام بالجلد الجديد الذي يتكون في مكان الإصابة، فهو يكون حساسًا جدًا، لذا يجب تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ويمكن استخدام كريمات مرطبة تساعد على استعادة «مرونة الجلد» وتخفف من آثار الندوب، كما يُفضل تناول أطعمة غنية بفيتامين C وE للمساعدة في تجديد الخلايا وتحفيز التئام الأنسجة.
حروق الدرجة الثانية ليست مجرد إصابة سطحية بل حالة تحتاج إلى «وعي طبي وسلوك وقائي»، فمعرفة أسبابها وطرق تمييزها تساعد على التصرف السليم في اللحظات الأولى، والعناية الصحيحة تسهم في شفاء سريع دون مضاعفات، لذلك يبقى الوعي والتصرف الهادئ هما السلاح الأقوى ضد آثار «الحروق».