الأربعاء 15 أكتوبر 2025 الموافق 23 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل الحديث عن الآخرين يبطل الوضوء؟.. الإفتاء توضح

الغيبة
الغيبة

الوضوء عبادة عظيمة وسبب لرفع الدرجات ومحو السيئات كما ورد في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، قالوا بلى يا رسول الله، قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط» ومن هنا يتبين أن الوضوء ليس مجرد غسل للأعضاء الظاهرة، بل هو طهارة للنفس والبدن والروح، وهو باب من أبواب القرب إلى الله تعالى.

«الوضوء» طريق الطهارة ورفعة الدرجات

إن الوضوء عبادة تتكرر في حياة المسلم مرات عديدة يوميًا، إذ يسبق كل صلاة مفروضة أو نافلة، وفي كل مرة ينال المسلم ثوابًا عظيمًا بإسباغ الوضوء على المكاره كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم، فالوضوء يطهر الجسد من الأدران ويغسل الذنوب مع كل قطرة ماء تسقط من الأعضاء، بل إن الوضوء يهيئ القلب والعقل للوقوف بخشوع بين يدي الله عز وجل، ولذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون على أن يكونوا على وضوء دائم، لما فيه من بركة وحفظ من الشيطان.

هل «الكلام على الآخرين» ينقض الوضوء؟

قد يتساءل البعض عن حكم «الحديث أو الغيبة» أثناء الوضوء أو بعده، وهل هذا الفعل يبطل الطهارة أو ينقص من الأجر، وقد أوضحت دار الإفتاء أن الغيبة والنميمة لا تنقضان الوضوء، لأن الوضوء لا ينتقض إلا بأسباب محددة تتعلق بخروج شيء من السبيلين أو زوال العقل أو ما شابه ذلك، أما الكلام على الغير وإن كان محرمًا فهو من «الذنوب القلبية واللسانية» التي تحتاج إلى توبة واستغفار، لكنها لا تؤثر على صحة الوضوء من الناحية الفقهية.

الغيبة والنميمة لا تبطلان «الوضوء» ولكن تفسدان القلب

الغيبة والنميمة كما قال العلماء من الكبائر التي حذر الله تعالى منها في كتابه الكريم إذ قال سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضًا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم»، فهذه الآية الكريمة تنهى عن الغيبة والنميمة لما لهما من أثر سيئ في المجتمع، ومع ذلك فإن ارتكابهما لا ينقض الوضوء، وإنما ينقص الأجر ويورث الإثم، ولهذا يجب على المسلم أن يحفظ لسانه بعد الوضوء كما يحافظ على طهارته، لأن المقصود من الوضوء هو الاستعداد للصلاة والطاعة لا أن يكون مجرد طقس مادي.

نواقض «الوضوء» التي أجمع عليها العلماء

بيّن الفقهاء أن نواقض الوضوء هي كل ما يرفع حالة الطهارة، ومنها خروج البول أو الغائط، وخروج الريح، والنوم الذي يزول معه التمكن من المقعدة، والجنابة، والاستحاضة، وزوال العقل بإغماء أو سكر أو جنون، وكذلك مس العورة بباطن الكف، وقد اختلف العلماء في لمس المرأة، فقال الإمام الشافعي إن لمس المرأة الأجنبية ينقض الوضوء مطلقًا، بينما قال الإمام مالك إن المس لا ينقض الوضوء إلا إذا كان بشهوة، فإذا خلا من ذلك فلا أثر له، وهذه الخلافات الفقهية تدل على سعة الشريعة ورحمتها بالناس.

هل «اللّغو واللمم» ينقضان الوضوء؟

في سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية حول ما إذا كان الكلام غير النافع أو المزاح أو اللغو ينقض الوضوء، أجاب الشيخ محمد وسام أمين الفتوى بأن الوضوء هو «تهيئة الجسد والعقل والروح للصلاة» وهو حالة من الطهارة الظاهرة والباطنة، واللغو لا ينقض الوضوء لكنه يتنافى مع «هيئة الخشوع والسكينة» التي ينبغي أن يكون عليها المسلم حين يقف بين يدي الله، وأضاف الشيخ أن من اعتاد الوضوء والمحافظة عليه يجد نفسه أكثر هدوءًا واتزانًا، لأن الوضوء يطهر الجوارح ويزكي النفس.

الوضوء عبادة روحية وجسدية

إن الوضوء ليس مجرد تنظيف للأعضاء بل هو عبادة روحية عميقة، فعندما يغسل المسلم وجهه يستحضر نية تطهير بصره من النظر إلى الحرام، وعندما يغسل يديه ينوي أن لا تمتد إلى ما يغضب الله، وعندما يمسح رأسه يستشعر بركة الرحمة والسكينة، وعندما يغسل قدميه ينوي أن تسير في طريق الخير، وهكذا يكون الوضوء عبادة متكاملة تجمع بين الطهارة الحسية والمعنوية، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم «الطهور شطر الإيمان»، أي أن الوضوء نصف الإيمان لما فيه من تهذيب للنفس وتربية للروح.

فضل المحافظة على «الوضوء»

من فضل الله على عباده أن جعل الوضوء وسيلة لمحو الخطايا، ففي الحديث الشريف قال النبي صلى الله عليه وسلم «من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره»، ولذلك فإن الحفاظ على الوضوء يجلب النور للوجه والطمأنينة للقلب، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن أمتي يُدعون يوم القيامة غُرًا محجلين من آثار الوضوء»، أي أن المؤمنين سيكون لهم نور في وجوههم وأيديهم وأقدامهم يوم القيامة جزاءً لهم على محافظتهم على هذه العبادة العظيمة.

دعوة إلى «إحياء سنة الوضوء»

تؤكد دار الإفتاء والعلماء أن على المسلم أن يحرص على الوضوء الدائم، وأن يجدد نية الطهارة في كل مرة، لأن الوضوء لا يقتصر على الصلاة فقط، بل هو عبادة قائمة بذاتها ترفع الدرجات وتمحو السيئات وتعين المسلم على صفاء القلب والابتعاد عن الغيبة والنميمة واللغو، فإذا كان اللسان طاهرًا والقلب نقيًا والجسد متوضئًا، فإن المسلم يكون في حال من القرب إلى الله تملؤه الطمأنينة والسكينة.

تم نسخ الرابط