ما فضل إطعام الطعام عن المتوفى؟.. الإفتاء توضح

الإفتاء تصدر التوجيهات الشرعية التي تُوضح العديد من المسائل التي يلتبس فيها الأمر على كثير من المسلمين، ومنها سؤال هل «إطعام الطعام عن المتوفى» يصل ثوابه إليه أم لا، وهذا ما يوضحه القارئ نيوز هذا المقال مع الأدلة والنصائح.
مفهوم إطعام الطعام عن المتوفى
إطعام الطعام عن المتوفى يعني أن يُعطى الطعام للفقراء والمحتاجين نيّة أن يُهَدى ثواب هذا العمل لمن مات من الأهل أو الأصدقاء، فالمسلم ينوي أن يجعل هذا العمل الصالح صدقة جارية تصل للميت، وذلك بدلاً من أو بجانب إخراج الصدقة أو الدعاء له.
رأي الإفتاء في وصول الثواب للميت
أكدت دار الإفتاء المصرية في بيانها أن إطعام الطعام من الأعمال المحببة إلى الله تعالى وأن من نوى به أن يصل ثوابه إلى المتوفى فإن ذلك يُحتسب له بإذن الله، كما ورد في الحديث النبوي الشريف «أطعموا الطعام … تدخلوا الجنة بسلام» وهو حديث يدل على عظمة هذا الفعل
كما أشارت أمين الفتوى في دار الإفتاء أن هذا العمل يُعد من أفضل الصدقات التي تُهدى إلى الميت لأنها تضاعف حسناته وتكون سببًا في رفع درجاته إذا كانت النية مُخلصة.
ومن جهة أخرى فإن مركز الأزهر العالمي للفتوى – الذي يُعتبر مرجعًا شرعيًا معترفًا به في كثير من القضايا – أوضح بأن ما يخرجه الإنسان من صدقة من أي نوع ويُرِد بها أن تصل إلى الميت، فإن ثوابها يصل إليه بمشيئة الله، وأن النية الصالحة هي الأساس في هذا الإرسال.
أي الأعمال أولى.. الإطعام أم الصدقة النقدية؟
بينت الإفتاء أن الأفضل في الصدقة أن تُراعى حاجة المتلقي؛ فإذا كان الفقير بحاجة إلى طعام مباشر فإن إطعامه أولى، أما إذا كانت حاجته أكثر إلى المال فالصرف النقدي قد يكون أفضل وأكثر نفعًا، فالمقصد هو التخفيف عن الناس ونفعهم، لكلاِ الخيارين أجر كبير
كما نُصِح بأن تجمع المرأة بين الإطعام والصرف النقدي في حال ما إذا رأت أن الجمع يُحقق نفعًا أكبر، فتصرف جزءًا في الطعام وجزءًا في المال، ليكون لها أجران معًا: أجر الإطعام وأجر الإنفاق.
أنواع الصدقات الجارية التي يُمكن إهداؤها للميت
تشير الإفتاء إلى أن الصدقات الجارية التي تظل تنفع الناس بعد موت صاحبها، مثل حفر الآبار، أو بناء المساجد، أو نشر العلم، أو الصدقات التي تدفع الحاجة المستمرة، أعظم أجرًا عند الله، فهي تدوم لطفل في الدنيا وتعود نفعها إلى المتوفى، ومن بينها إطعام الطعام الذي يستفيد منه المحتاجون في وقت تنفيذ الصدقة
كما ذُكر من أقوال أهل العلم في تفسير الحديث أن أفضل الصدقة الجارية هي ما تُمنح للمحتاجين بشكل دائم، مثل مشروع دائم أو عمل تخدمه الأجيال، والإطعام المتكرر قد يُعد من تلك الأعمال إذا تُكرّر وتعود نفعه للمحتاجين مستمرًا.
شروط أن تُحتسب النية للمتوفى
لكي تصير نية إطعام الطعام عن المتوفى مقبولة ضمن ما تُوضحه الإفتاء يجب أن تُصاحبها بعض الضوابط منها أن تكون النية خالصة لله عز وجل، وألا يقصد بها الرياء أو المنّت، وأن يُذكر المتوفى في الدعاء والقصد عند الإخراج، فالنوايا هي التي تميّز الأعمال الصالحة وتُحدد من يُهـدَى إليه الثواب.
بعض الشبهات وردودها بحسب الإفتاء
قد يسأل البعض هل يُجزى الميت بأعمال الحي مثل الإطعام؟ فتُجيب الإفتاء بأن الله واسع الرحمة، وأن وجود الأدلة الشرعية يدل على جواز ذلك بشرط النية وجواز الإهداء، وهي من الأمور المقبولة عند جمهور الفقهاء
وأيضًا قد يُطرح تساؤل هل الصدقة المفروضة (كالزكاة) تنفع الميت؟ فتوضح الإفتاء أن الزكاة لها أحكامها وشروطها ونصابها، وهي ليست من النوع الذي يُهدي إلى الميت، بينما الصدقات التطوعية تُقبل ويُحتسب لها الإهداء إن نوى الإنسان ذلك.
أثر هذا التوجيه على حياة المسلم
إن التوجيه الذي تصدره الإفتاء في مثل هذه المسائل يعمّق فهم المسلم لعلاقته بالميت، فيعلم أن الحياة الآخرة لا علاقة لها بالخيال فقط، بل يمكن للحي أن يُشارك في رفعة درجات الميت بالأعمال الصالحة والإهداء، ويشجّعه على الانخراط في الأعمال الخيرية والدعاء للميت، فهي وسيلة لتكريم الذكر والتواصل معه بروح الخير.
نصائح عملية استنادًا إلى فتوى الإفتاء
لكي يستفيد المسلم من واجب إهداء ثواب إطعام الطعام للميت فعليه:
• أن يختار محتاجًا حقيقيًا ليُطعم، بحيث يُوحَّد النفع ولا يضيع
• أن يُقسّم الصدقة بين الطعام والمال إن رأت الحال ذلك لتحقيق الفائدة الأكبر
• أن ينوي عند الإخراج أن يُهدي الثواب إلى الميت مع الدعاء له بالرحمة والمغفرة
• أن يكون الإطعام مستمرًا أو غالبًا وليس لمرة واحدة فقط، إذا كان بالإمكان
• أن يوثّق هذا العمل في ذِكر المتوفى ويُذكره في الدعاء والصدقات
• أن لا يفتري على الدين أو يُضيف أشياء من غير دليل، بل يبقى في حدود ما يجيزه الشرع كما أوضحت الإفتاء
الإفتاء قد أوضحت أن «إطعام الطعام عن روح المتوفى» هو عمل محبوب إلى الله، وأن نية المهدي إليه تُحتسب إذا كانت خالصة، وأن جمع الإطعام مع الصدقة والنقد ممكن ومفيد، وإن الالتزام بالشروط يجعل هذا العمل صدقة جارية ربما تنفع المتوفى في الدار الآخرة، فليحرص المسلم على استثمار أفعاله في هذه الدنيا لتكون له ذخرا بعد الموت.