كيفية حساب «زكاة الأنشطة التجارية» بخطوات بسيطة وواضحة
زكاة الأنشطة التجارية تعد «زكاة الأنشطة التجارية» من الفرائض العظيمة التي فرضها الإسلام على كل مسلم يملك مالًا أو تجارة تدر الربح، فهي ليست مجرد عبادة مالية بل هي وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتكافل بين الناس، وقد اتفق العلماء على أن كل نشاط تجاري يدر دخلًا أو ربحًا يجب أن تُؤدى عنه الزكاة متى بلغ النصاب وحال عليه الحول، وتسمى هذه الأموال في الفقه الإسلامي باسم «عروض التجارة»، وهي تشمل كل ما يُعد للبيع أو الاستثمار من سلع أو بضائع أو ممتلكات تجارية.
حكم «زكاة الأنشطة التجارية» ودليل مشروعيتها
أوضح الفقهاء أن «زكاة الأنشطة التجارية» واجبة في كل تجارة يملكها المسلم إذا بلغت النصاب المقدر شرعًا، ودليل ذلك قوله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ» أي مما تحصلون عليه من أموال ومكاسب، كما ورد عن الصحابي سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع»، وهذا نص صريح في وجوب الزكاة في «عروض التجارة»، فهي تشمل كل نشاط تجاري يهدف إلى الربح سواء كان صغيرًا أو كبيرًا.
وتكمن أهمية «زكاة الأنشطة التجارية» في كونها تنظّم الثروة داخل المجتمع وتحفظ المال من الفساد، كما تمنع الاحتكار وتعين الفقراء والمحتاجين على سد حاجاتهم، فهي من أهم العبادات التي تُظهر التكافل الاقتصادي والاجتماعي بين أفراد الأمة، وتجعل الغني يشعر بمسؤولية تجاه من حوله.
خطوات حساب «زكاة الأنشطة التجارية» بالتفصيل
يبحث الكثير من التجار عن الطريقة الصحيحة لحساب «زكاة الأنشطة التجارية» لضمان أدائها بالشكل الصحيح، ويمكن تلخيص الخطوات كما يلي:
1- تقييم البضاعة المعدة للبيع عند التاجر بسعر الجملة في نهاية الحول، حيث يتم تحديد قيمتها الإجمالية وقت إخراج الزكاة
2- إضافة الأموال النقدية التي يملكها التاجر إلى قيمة البضائع، وتشمل أيضًا ما لديه من ذهب أو فضة أو ديون ثابتة الأداء لدى الغير
3- خصم الديون المستحقة عليه من مجموع الأموال السابقة، لأن الزكاة لا تجب إلا على المال الصافي الخالي من الالتزامات المالية
4- إخراج الزكاة الواجبة عن صافي رأس المال متى بلغ النصاب الشرعي
5- تحديد نصاب الزكاة في «زكاة الأنشطة التجارية» بما يعادل قيمة 85 جرامًا من الذهب عيار 21، فإذا بلغت الأموال هذا المقدار وجبت الزكاة بنسبة ربع العشر أي 2.5%
6- اشتراط مرور الحول وهو عام قمري كامل على المال أو البضاعة المملوكة ملكًا تامًا قبل إخراج الزكاة
7- تقييم البضائع حسب سعر السوق وقت إخراج الزكاة لا وقت شرائها
8- إخراج الزكاة من النقود حسب رأي جمهور العلماء، لأن ذلك أسهل وأنفع للفقراء والمستحقين
مصارف «زكاة الأنشطة التجارية»
بيّن الله سبحانه وتعالى مصارف الزكاة في قوله تعالى «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ»، فلا يجوز صرفها لغير هؤلاء الأصناف الثمانية الذين حددهم القرآن الكريم، ويجب على المسلم أن يتحرى عند إخراج «زكاة الأنشطة التجارية» أن تصل إلى مستحقيها، فهي لا تُعطى لغني ولا لقوي مكتسب كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي».
كما لا يجوز إخراج «زكاة الأنشطة التجارية» إلى الأصول مثل الوالدين أو الأجداد أو الفروع كالابن والابنة أو الزوجة، لأن نفقتهم واجبة على المزكي نفسه، ويُستحب أن تكون الزكاة سرًا بين العبد وربه، فهي عبادة مالية يبتغي بها وجه الله تعالى لا رياءً ولا سمعة.
زكاة الأموال المودعة والأرباح البنكية
تدخل الأموال المودعة في البنوك ضمن الأموال التي تجب فيها الزكاة متى بلغت النصاب ومر عليها الحول، وتشمل كذلك أرباح دفاتر التوفير والعوائد البنكية، إذ تُحسب «زكاة الأنشطة التجارية» أو المالية هنا بنسبة 2.5% من أصل المال مع الأرباح المضافة إليه، بشرط أن يكون المبلغ قد حال عليه عام هجري كامل، ويُحتسب النصاب بناءً على قيمة 85 جرامًا من الذهب عيار 21 وقت إخراج الزكاة.
إن إخراج «زكاة الأنشطة التجارية» عن الأموال المودعة يطهر المال من الشبهات ويزيده بركة، كما أنه يساعد على تدوير الأموال في المجتمع بدلًا من تجميدها في الحسابات، وهو ما ينسجم مع مقصد الشريعة في تحقيق التكافل المالي والاجتماعي.
فضل إخراج «زكاة الأنشطة التجارية»
تؤدي الزكاة إلى إكمال إسلام الإنسان لأنها ركن أساسي من أركان الدين، وطاعة لله تعالى الذي أمر بها عباده، كما أن إخراجها طواعية وبرغبة يُعد دليلًا على صدق الإيمان، وهي أيضًا وسيلة لتقوية الروابط بين الأغنياء والفقراء، إذ تزرع المحبة وتزيل الحقد من النفوس، وتطهر القلب من البخل والشح، وتربي المسلم على الجود والكرم والعطاء.
وقد وعد الله تعالى من يؤدي «زكاة الأنشطة التجارية» بالخير والبركة في ماله، فقال سبحانه «وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين»، كما أن الزكاة سبب في زيادة الرزق ودفع البلاء، وهي وقاية للنفس من الحرص والطمع، وسبب من أسباب دخول الجنة والنجاة من عذاب يوم القيامة، فهي عبادة مالية روحية تجمع بين صلاح النفس وإصلاح المجتمع.
أثر الزكاة في بناء مجتمع متكافل
إن «زكاة الأنشطة التجارية» ليست عبادة فردية فحسب، بل هي نظام اجتماعي متكامل يُعيد توزيع الثروات بين طبقات المجتمع، فيرحم القوي الضعيف ويعين الغني الفقير، وبها يسود العدل وتختفي مظاهر الحرمان، فهي تضمن حياة كريمة لكل إنسان وتجعل الأمة جسدًا واحدًا يشعر بعضه بألم البعض الآخر، كما أن الزكاة تقي المجتمع من التفكك والانقسام، وتزيد من تماسكه وتضامنه.



