الأربعاء 25 ديسمبر 2024 الموافق 24 جمادى الثانية 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

محددات التجربة التنموية في ماليزيا : التخطيط في الفترات الزمنية المختلفة

WhatsApp Image 2023-02-26
WhatsApp Image 2023-02-26 at 8.07.45 PM

بقلم- ياسمين حمدي

في إطار مناقشة تخطيط الدولة الماليزية للتنمية يمكن الإشارة إلى نوعين من الخطط وهما :

أ‌. التخطيط قصير المدى

ظهر ذلك التخطيط في الخطط الخمسية والتي اعتنقتها ماليزيا بعد الحصول على الاستقلال عام 1957، ويتمثل جوهرها في سياسة التنمية الريفية وتنمية الصناعات صغيرة الحجم. وقد حددت ملامح هذه السياسة في كل من الخطة الخمسية الأولى (1956:1960)، وكذلك الخطة الخمسية الثانية (1961:1965). وبدأت هذه السياسة تحقق أهدافها بعد الخطتين الخمسيتين، كما بدأت الصناعات الموجهة للتصدير تحل محل الصناعات القائمة على الإحلال محل الواردات.

ب‌. التخطيط طويل المدى

وبعد حدوث الاضطرابات العرقية الشديدة في 13 مايو 1969، ومحاولة ماليزيا لاتخاذ الاستراتيجيات المختلفة للتعامل مع التعددية العرقية في المجتمع، وكذلك محاولة إعادة هيكلة المجتمع الماليزي، فبدأت تتحدث عن سياسات طويلة المدى. ومن أهم هذه السياسات ما يلي :

1- السياسة الاقتصادية الجديدة (1971: 1990)

تعد تلك السياسة الرؤية الطموحة التي جاء بها تون عبد الرازق ( رئيس وزراء ماليزيا الثاني)، وكانت تهدف لوضع حد للتمايز بين العرقيات المختلفة، وذلك من خلال إعادة هيكلة المجتمع الماليزي بما يحقق التوازن الاقتصادي بين العرقيات المختلفة. وكذلك توفير فرص التدريب والتعليم المتاحة للملايو، فضلا عن توفير درجة من التوافق بين الجماعات العرقية المختلفة، وتحقيق درجة من التجانس في أداء منظومة الحزب القائد. وقد تم الإعلان عنها في 1970. وتوصلت هذه السياسة إلى إرساء دعائم التنمية، وهو ما انعكس على استفادة كل العرقيات في المجتمع الماليزي، حيث ساعدت على تقليل الفجوة الاقتصادية بين الملايو والعرقيات الأخرى وخاصة من ذوي الأصول الصينية. وذلك من توزيع المكاسب من التنمية بين العرقيات المختلفة، وأدى ذلك إلى استفادة كل العرقيات ولكن بدرجات متفاوتة. ولكن على الرغم من أنها استطاعت إلى حد ما إنهاء ارتباط عرق معين بمستوى اقتصادي معين، إلا أنها لم تحقق الهدف الثاني لها والمتمثل في القضاء على الفقر المدقع.

2- سياسة التنمية القومية

جاءت هذه السياسة بمبادرة من من محاضير محمد بعد انتهاء السياسة الاقتصادية الجديدة، وكانت بمثابة استمرار لأهداف وغايات سابقتها، حيث هدفت إلى محاربة الفقر وتنمية الكوادر البشرية، بالإضافة إلى تنمية المجتمع الصناعي والتجاري. وبالتالي هدفت إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة مع استمرار معاملة تفضيلية للملايو في المجال الاقتصادي، كما هدفت إلى ضمان حصول جميع الماليزيين على التعليم حتى المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى تحديث المناهج التعليمية باستمرار. وذلك حتى يتسنى تحقيق التقدم الاقتصادي لماليزيا من خلال شبابها والذي يعد المحرك الرئيسي للتنمية بعرقياته المختلفة.

ومما سبق يتضح أن تركيز الدولة الماليزية في التسعينات تركز في محاولة انخفاض مستوى الفقر، وكذلك تحقيق التنمية السريعة والنمو الاقتصادي المتزايد. ومن ثم يمكن القول بأن سياسة التنمية القومية قد حققت الهدف المرجو منها رغم وجودها في إطار دولي يرفض لتطبيق دولة إسلامية ذات توجهات غير ليبرالية للتنمية اعتمادا على نفسها.

3- رؤية 2020

جاءت هذه الرؤية في إطار التوجه القومي الطموح الذي وضعه محاضير محمد خلال افتتاح اجتماع المجلس التجاري الماليزي في 28 فبراير 1991، وكانت تهدف للانتقال بماليزيا إلى مصاف الدول المتقدمة. وقدم محاضير محمد تصور في رؤية 2020 استراتيجية للتنمية في ماليزيا، وتتمثل عناصرها الأربعة فيما يلي :

1- القومية الماليزية التي تقوم على تقوية الشعور بالدولة الماليزية- لدى جميع الأعراق في المجتمع لكي يلتقي الجميع حول وعى واحد بالعيش المشترك بين عرقيات المجتمع الماليزي.

2- تقديم نموذج للتنمية الرأسمالية يشجع المشروعات الخاصة، ومن ثم يسعى إلى جذب الاستثمار الأجنبي ويتجه إلى التصنيع وتطوير تكنولوجيا المعلومات ويسعى للتحرك شرقاً لكي يمكن ماليزيا من الاستفادة من الخبرات اليابانية والكورية أيضا. وذلك لخلق جيل جديد من الشعب الماليزي قادر على مواكبة التطورات الصناعية الحديثة من خلال الالتزام بالأخلاقيات المهنية لقيمة العمل وأتباع السياسة المنهجية في التصنيع وإيجاد كفاءات اقتصادية متطورة متميزة، وفي الوقت نفسه وضع سياسات مالية ونقدية واقتصادية تراعي خصوصية الظروف الماليزية في كافة المجالات. وهو تحقق من خلال اعتبار اليابان بمثابة "الأب الروحي" لدول جنوب شرق آسيا والمدافع القوى عن حقوقها في مواجهة المواقف الغربية والأمريكية. وعلى الرغم من الفشل والانهيار الذي أصابا الحياة الاقتصادية في اليابان خلال فترة عنق الزجاجة، إلا أن ذلك لم يمنع ماليزيا من التواصل الاقتصادي والتكنولوجي مع اليابان، وذلك لأن اليابان تعتمد سياسة العمل وفق نظام المؤسسات، مما يؤهلها لتكون المرجعية والمحطة الأساسية.

3- الاهتمام بدور الإسلام باعتباره قوة دفع للتنمية في ماليزيا، والوصول إلى صياغة تحقيق التعايش بين الإسلام والتكنولوجيا المعاصرة من خلال تشجيع بناء مؤسـسات اقتصادية وتعليمية إسلامية.

4- التركيز على الدور القوى للدولة في الاقتصاد والسياسة، فالخصخصة لا تعنى عنده، انسحاب الدولة من النشاط العام ولكنها تعنى تحول دور الدولة لتكون الدولة الرشيدة القادرة على التخطيط. إذ ارتبط ذلك بمفهوم الدولة التنموية.

ومن ثم نجد أن محاضير محمد استطاع من خلال سياساته تقوية المركز المالي للدولة الماليزية، وبالتالي الموازنة بين سياسات التكيف الهيكلي التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية وبين المشروعات التنموية الخاصة بدولته. حيث قام بخصخصة القطاعات الصناعية والاقتصادية المهمة في الدولة، وقام ببيعها بإعفاءات وتسهيلات للماليزيين، ورفض بيعها للأجانب، لكنه لم يمانع المستثمرون من الأجانب إقامة مشروعات جديدة في الدولة الماليزية.

تم نسخ الرابط