الإرهاب الإلكتروني وأثره علي الأمن القومي المصري- الجزء الثاني
بقلم- د.ياسمين حمدي أبو عيشة
رابعا وسائل الإرهاب الإلكتروني: يمكن القول بأن من أهمها ما يلي
1-البريد الإلكتروني: حيث يعد أهم الوسائل التي يستخدمها الإرهابيين، وذلك لأنه يسهل التواصل ما بين الإرهابيين وتبادل المعلومات.
كما يمكن استغلاله لنشر أفكارهم والترويج لها وجذب المتعاطفين معهم من خلال الرسائل الإلكترونية.
2- إنشاء مواقع علي الإنترنت: حيث يتم فيها نشر أفكارهم والدعوة إلي مبادئهم، وكذلك تعليم الطرق والوسائل التي تساعدهم على القيام بالعمليات الإرهابية ومنها مواقع لتعليم صناعة المتفجرات.
واختراق وتدمير المواقع والبريد الإلكتروني، وكيفية الدخول إلى المواقع المحجوبة ، وطريقة نشر الفيروسات، وصناعة الصواعق بتفاصيل دقيقة ومكونات يمكن الحصول على الكثير منها من أي مكان دون شك ، ومن هذه المواقع : النداء ، ذروة السنام، صوت الجهاد، التبار.
3- تدمير المواقع : وذلك من خلال تسريب البيانات الرئيسية والرموز الخاصة ببرامج شبكة الانترنت، والتدمير يقصد به الدخول غير المشروع علي نقطة ارتباط أساسية أو فرعية متصلة بالانترنت من خلال نظام ألي أو مجموعة نظم مترابطة شبكيا بهدف تخريب نقطة الإتصال أو النظام.
خامسا أسباب ظهور الإرهاب الإلكتروني:يمكن القول بأن هناك العديد من الأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتكنولوجية.
والتي سيتم التركيز عليها بشكل كبير لأهميتها- ولعل من أهم هذه الأسباب ما يلي
-استبداد النظام السياسي وعدم وجود مشاركة شعبية.
- حرمان القوي السياسية من حرية العمل.
- اعتماد الدولة أساليب قهرية في التعامل مع المواطنين.
- غياب الحوار الوطني حول القضايا المصيرية.
- فشل وعجز الحكومات عن تلبية الواجبات الأساسية للمواطن كالعمل والسكن.
- البطالة.
- تبعية النظام السياسي للخارج.
- الأزمة الحضارية والهوية.
أما الأسباب التكنولوجية فمن أهمها ما يلي:
- ضعف بنية الشبكات المعلوماتية وقابليتها للاختراق، ومن ثم سهولة تدميرها نتيجة انفتاح شبكات المعلومات وغياب القيود والحواجز الأمنية.
- غياب الهوية الرقمية، حيث يقوم الإرهابي بشن هجمات إلكترونية بهوية وشخصية وهمية دون مخاطرة.
- سهولة الاستخدام وقلة التكلفة.
- غياب الأليات القانونية للسيطرة والرقابة علي الشبكات المعلوماتية.
- صعوبة اكتشاف وإثبات الجريمة الإلكترونية الإرهابية.
- إمكانية إلحاق الضرر بعدد أكبر من الأفراد مقارنة بالهجمات التقليدية.
سادسا أثر الإرهاب الإلكتروني على الأمن القومي المصري: في هذا الإطار نجد أن الإرهاب الإلكتروني يؤدي إلى تهديد أمني ، سياسي، اقتصادي، اجتماعي ..... وغيرها ولكن سيتم التركيز علي التهديدات السالف ذكرها وذلك علي النحو التالي:
1-التهديدات الأمنية : يمكن القول بأن من أهمها التسلل الإلكتروني إلى الأنظمة الأمنية وشلها، وفك الشفرات السرية للتحكم في تشغيل منصات إطلاق الصواريخ الاستراتيجية والأسلحة الفتاكة ، وتعطيل مراكز القيادة والسيطرة العسكرية ووسائل الإتصال بالجيوش.
بهدف عزلها عن قواتها والنفاذ إلي النظم العسكرية واستخدامها لتوجيه الجنود إلي نقطة غير أمنة قبل قصفها أو تفجيرها، وتعطيل أنظمة الدفاع الجوي.
ونجد أن هناك العديد من المحاولات والتي يقوم بها الإرهابيين للقيام بمثل هذه الأعمال في مصر وهو ما يؤدي إلى استشهاد العديد من الجنود والضباط والمدنيين في كل محاولة منهم.
2- التهديدات السياسية الأمنية: ومن أهمها تهديد شخصيات سياسية بارزة في المجتمع بالقتل أو القيام بتفجير منشأت وطنية، نشر فيروسات لإلحاق الضرروالدمار بالشبكات المعلوماتية.
الاختراق الإلكتروني لرؤساء الدول وكبار الشخصيات السياسية وكشف أسرارهم والاطلاع علي معلوماتهم وبياناتهم والتجسس عليها لمعرفة مراسلاتهم ومخاطباتهم والاستفادة منها في عملياتهم الإرهابية، ولقد حدث ذلك بالفعل في 1998.
عندما تعرضت عدة وزارات وجهات حكومية ومؤسسات مالية إيطالية لهجوم من جماعات الألوية الحمراء، وكذلك ما حدث فيما يعرف "بإعصار ويكيليكس".
حيث تم تسريب وثائق تتضمن معلومات سرية ما بين الإدارة الأمريكية وقنصلياتها الخارجية بدول العالم، وكذلك في 2014 عندما هاجمت مجموعة سايبربيركوت الأوكرانية المواقع الإلكترونية لحلف الناتو، مما أدي لتعطيل المواقع لعدة ساعات.
3- التهديدات الاقتصادية: ومن أهمها اختراق النظام المصرفي وإلحاق الضرر بأعمال البنوك وأسواق المال، وتعطيل عمليات التحويل المالي مما يؤثر بدوره بالسلب علي الاستثمار الأجنبي والثقة فيه خاصة.
وأن مصر في الفترة الحالية تسعي لجذب الاستثمار الأجنبي وكسب الثقة، وإلحاق الأذي بالاقتصاد الوطني، وتعديل ضغط الغاز عن بعد في أنابيب الغاز لتفجيرها ونظم السلامة في المصانع الكيماوية لإحداث الضرر بالناس.
4- التهديدات الاجتماعية: حيث نجد أنه يؤثر علي حياة المدنيين ورفاهيتهم وثقافتهم، حيث توجه رسائلها للإعلام والجمهور وذلك بهدف شن حملات نفسية ضد الدولة.
وكذلك عرض الأفلام المفزعة عن الرهائن والأسري أثناء إعدامهم مما يؤثر علي المدنيين بالزعر، ومن أشهر أمثلة ذلك الفيلم الذي تم عرضه عن داعش وهي تذبح المصرييين الأقباط في ليبيا.
مما قد سبب بدوره استياء المصريين والفزع والرعب، ويظهر أيضا التأثير علي المدنيين في حالة اختراق صفحة إلكترونية لمستشفي وتهديد حياة المرضي فيها عن طريق التلاعب بأنظمة العلاج عن بعد بهدف قتل المرضي، وأيضا في مصانع غذاء الأطفال لتغيير مستويات نسب المواد الغذائية بهدف قتلهم، وكذلك شن عمليات إرهابية علي المواقع الحيوية أو التحكم في خطوط الملاحة الجوية أو البرية.
ومن أمثلة ذلك في 2008 عندما تم قطع الكابل الرابط ما بين الشرق الأوسط وأوروبا، والقريب من ساحل دبي وخليج عمان مما أدي لخسائر بقطاع الإتصالات والتعاملات الإلكترونية أو شل محطات إمداد الطاقة والماء.
حيث تشير مصادر كلية الحرب الأمريكية إلي ضرب مولدات الطاقة الكهربائية العراقية قد أدي إلي موت ما بين 90:70ألف مواطن عراقي كنتيجة لعدم توافر الطاقة الكهربية.
الخاتمة
من العرض السابق يتضح مدي خطورة الإرهاب الإلكتروني، وخصائصه، وكذلك أهم الوسائل التي يستخدمها، وأسباب ظهوره، وكذلك تأثيره علي الأمن القومي للدول ومنها مصر، وكيف أنه يشكل تهديد أمني وسياسي واقتصادي واجتماعي مما يهدد الأمن القومي بشكل عام.
ومن ثم فإنه يمكن عرض مجموعة من التوصيات والتي قد تساعدنا علي التقليل من أثاره السلبية، وذلك لأنه من الصعب القضاء عليه بشكل كامل، وذلك نتيجة ارتباطه بالتكنولوجيا ومن هذه التوصيات:
- وضع خطط استراتيجية شاملة ومترابطة مبنية علي دراسات ميدانية في هذا المجال.
- ضرورة وجود بيئة تشريعية لمعالجة هذا النوع من الجرائم، حتي يسهل تحديد أليات للتحقيق فيه.
- ضرورة تنسيق وتوحيد الجهود ما بين أجهزة الدولة المختلفة لمواجهة خطر الإرهاب الإلكتروني.
- رصد ومتابعة المواقع الإلكترونية المشبوهة من خلال فرق متخصصة في المجال.
- تعزيز التعاون الإقليمي والدولي بين مختلف دول العالم في متابعة ورصد هذه المواقع وتبادل المعلومات.
- التركيز علي إجراء الدراسات والأبحاث حول الإرهاب وصوره وأثاره، ورفع التوصيات للجهات المختصة لوضع التشريعات اللازمة.
- توعية الجمهور والأفراد بمخاطر جرائم الإرهاب الإلكتروني، وبيان وتوضيح طرق ووسائل الجماعات المتطرفة الإرهابية في استدراج وجذب الأفراد وتجنيدهم.
- نشر أسماء المواقع الإلكترونية المشبوهة، وتحذير الأفراد من التعامل معها.
- إعداد وتأهيل فرق متخصصة للتحقيق في هذا النوع من الجرائم، وكذلك تدريبهم علي الوسائل الحديثة للتحقيق في جرائم الإرهاب الإلكتروني.
- تخطيط وتنفيذ الضربات الوقائية الاستباقية ضد الخلايا الإرهابية وإحباط مخططاتها.
- استهداف وإضعاف القيادات الإرهابية، وزعزعتها وضرب إتصالاتها.
- مراجعة التكتيكات والتدريبات المستخدمة في مواجهة الإرهاب الإلكتروني وجرائمه.
- وضع رموز حماية للمواقع الهامة عن طريق استخدام نبرة الصوت أو بصمة الأصابع.
- تشفير البيانات المهمة المنقولة عبر الانترنت.
- عدم استخدام شبكات الحاسب الألي المفتوحة لتداول المعلومات الأمنية.