لقاء سري في باريس.. إسرائيل وقطر تبحثان صفقة الرهائن ووقف النار بغزة

الأربعاء 20/أغسطس/2025 - 10:26 م

شهدت العاصمة الفرنسية باريس، أمس الثلاثاء، لقاءً بارزًا جمع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر مع وفد من كبار المسؤولين القطريين، وذلك في إطار جولة مفاوضات حساسة تتعلق بملف الرهائن ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

اللقاء جاء في وقت بالغ الدقة، حيث تتسارع وتيرة التحركات الدبلوماسية بين أطراف إقليمية ودولية للتوصل إلى صيغة اتفاق قد يضع حدًا للأزمة المستمرة منذ أشهر.

تمسك إسرائيلي بصفقة شاملة

وبحسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، شدد ديرمر خلال الاجتماع على أن إسرائيل لن تقبل سوى بصفقة شاملة، يتم بموجبها الإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس دفعة واحدة، إلى جانب الالتزام بشروط إسرائيل المتعلقة بترتيبات ما بعد الحرب وتسليم السلطة.

وأكد الوزير الإسرائيلي أن أي صيغة مرحلية أو جزئية لا تحقق الأهداف الاستراتيجية لتل أبيب، لن تكون مقبولة لدى حكومته.

في المقابل، أشار تقرير القناة 12 العبرية إلى أن إسرائيل تتجنب حتى الآن الرد المباشر على مقترح حماس الأخير، الذي وافقت فيه الحركة على صفقة مرحلية تقضي بإطلاق سراح عدد من الرهائن مقابل وقف لإطلاق النار.

وأوضح التقرير أن تل أبيب لم تحدد موعدًا رسميًا لاجتماع مجلس الأمن الوزاري لمناقشة هذا المقترح، رغم أنه يتطابق إلى حد كبير مع خطة المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، التي سبق لإسرائيل أن أبدت موافقتها عليها الشهر الماضي.

خطط عسكرية للسيطرة على مدينة غزة

في موازاة الحراك السياسي، كشف موقع «أكسيوس» الأمريكي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجه الجيش للإسراع في وضع وتنفيذ خطط السيطرة الكاملة على مدينة غزة.

ويأتي هذا التوجيه في إطار الاستعدادات العسكرية المستمرة على الأرض، والتي تواكب المفاوضات غير المباشرة مع الوسطاء.

الخطط العسكرية الإسرائيلية تعكس توجهًا مزدوجًا يجمع بين الضغط الميداني من جهة، والانخراط في مسار دبلوماسي معقد من جهة أخرى، وهو ما يشير إلى أن تل أبيب تسعى لتحقيق مكاسب سياسية على طاولة المفاوضات عبر تعزيز موقعها العسكري ميدانيًا.

مقترح الوسطاء.. صفقة جزئية ووقف إطلاق النار

الاجتماع في باريس جاء بعد يومين فقط من رد حماس الإيجابي على مقترح مشترك تقدمت به كل من مصر وقطر.

وتضمن المقترح إطلاق سراح 10 رهائن أحياء و18 رهينة متوفين مقابل وقف لإطلاق النار لمدة 60 يومًا، إلى جانب الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

ووفقًا لمصادر دبلوماسية، تم تسليم الرد الرسمي لحماس عبر الوسطاء إلى الجانب الإسرائيلي، إلا أن تل أبيب لم تصدر حتى الآن ردًا واضحًا، مكتفية بالتأكيد على تمسكها بصفقة شاملة تشمل جميع الرهائن.

الشروط الإسرائيلية.. هزيمة حماس وإنهاء الحرب

ونقل مصدر مطلع على تفاصيل الاجتماع في باريس، أن الوزير الإسرائيلي ديرمر أبلغ المسؤولين القطريين أن أي صفقة محتملة يجب أن تتضمن شرطين أساسيين من وجهة نظر تل أبيب: أولهما الإفراج عن جميع الرهائن دفعة واحدة، وثانيهما ضمان هزيمة حماس كشرط لإنهاء الحرب بشكل نهائي.

هذه الشروط تعكس الرؤية الإسرائيلية التي تسعى إلى ربط أي مسار تفاوضي بمخرجات سياسية وأمنية طويلة المدى، وليس مجرد تفاهمات مرحلية قد تعيد الأزمة إلى نقطة الصفر لاحقًا.

سرية مشددة ومفاوضات حساسة

من جانبه، أكد مسؤول إسرائيلي كبير أن المفاوضات الجارية تجري بسرية تامة بعيدًا عن الأضواء الإعلامية، مشيرًا إلى أن المرحلة الراهنة تُعد من أخطر وأدق المراحل التي قد تحدد مستقبل الحرب في غزة.

وقال المسؤول: «نحن أمام أيام حساسة ومصيرية، والقرارات التي ستُتخذ في هذه الفترة قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة سواء استمرت العمليات العسكرية أو تم التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد».

في ظل هذه الأجواء المتشابكة بين التحركات الدبلوماسية والميدانية، يبقى الملف مفتوحًا على كل الاحتمالات.

فبينما تراهن إسرائيل على الضغط العسكري لتحقيق مكاسب في المفاوضات، يواصل الوسطاء الإقليميون جهودهم لتقريب وجهات النظر والوصول إلى صيغة وسطية.

وبين تمسك تل أبيب بصفقة شاملة، وتمسك حماس بمراحل تدريجية، يبقى مستقبل الهدنة وملف الرهائن رهين قرارات الأيام القليلة المقبلة، التي وصفها المسؤولون الإسرائيليون بأنها «مصيرية وحاسمة».

اللقاء في باريس يعكس أهمية المفاوضات، وعودة الوساطة القطرية – المصرية في باريس قد تحدد مصير الرهائن قريبًا.

عرب وعالم