السبت 05 أكتوبر 2024 الموافق 02 ربيع الثاني 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
جريدة القارئ نيوز جريدة القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

أهمية التعليم الجيد في تحقيق التنمية المستدامة في مظلة الاقتصاد الأخضر

IMG-20230417-WA0052
IMG-20230417-WA0052

بقلم: د.ياسمين حمدي أبو عيشة

تشغل قضية التنمية المستدامة وتحقيق أهدافها الساحة العالمية، وذلك بالنظر إلى أبعادها الثلاثة وهم: الاجتماعي والاقتصادي والبيئي.

ويبلغ عدد أهداف التنمية المستدامة سبعة عشر(17) هدفا، حيث تعتمد هذه الأهداف على بعضها البعض سواء كان ذلك بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر من خلال تحقيق أهداف أخرى.

ونظرا لضيق حدود الدراسة فستناقش الورقة بشكل أساسي الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، ويتعلق بالتعليم الجيد، ومن ثم يبرز السؤال الرئيسي للورقة ويتمثل في:

" ما أهمية التعليم الجيد في تحقيق التنمية المستدامة، وعلاقته مع غيره من الأهداف في إطار مظلة الاقتصاد الأخضر؟"

وتتمثل الأسئلة الفرعية فيما يلي:

1- ما أهمية التعليم الجيد في تحقيق التنمية المستدامة؟

2- كيف يرتبط تحقيق التعليم الجيد بغيره من الأهداف؟

3- كيف يؤدي التعليم الجيد إلى العدالة؟

4- ما هي التحديات والعوائق التي تحول دون تحقيق التعليم الجيد في مصر؟

5- ماهي الفرص التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق التعليم الجيد في مصر؟( وخاصة نتيجة التحول للاقتصاد الأخضر)

6- ما هي السياسات المقترحة لتحقيق التعليم الجيد في مصر؟

أولا: أهمية التعليم الجيد في تحقيق التنمية المستدامة:

لتحقيق التعليم الجيد أهمية كبيرة لأفراد المجتمع ( على المستوى الفردي)، وكذلك ينعكس على المجتمع ككل. حيث أنه أساس ضروري ولازم لتحقيق التنمية عامة، والاستدامة فيها.

فالتعليم الجيد يساعد على تحرير الإنسان من الجمود الفكري، حيث يفتح له أفاق جديدة تؤدي إلى تغيير نظرته للمجتمع وللقضايا المختلفة، ولا يتوقف الأمر عند ذاك بل أنه يؤدي إلى تغيير نظرة الفرد لدوره ومسئوليته في المجتمع.

ومن ثم فإن التعليم الجيد يؤثر بدوره على تشكيل الوعي لأفراد المجتمع، وهو ما ينعكس على نمط الثقافة السياسية لأفراده.

 فالتعليم الجيد يؤثر على الوعي لفرد ومن ثم فإنه يدرك أهمية مشاركته في المجتمع، وتأثيره فيه، وأنه جزء من كل يسهم في تحقيق التنمية والنهوض بمجتمعه.

ومن ثم فإنه يعزز من ثقافة المشاركة. وعلى النقيض من ذلك فإن عدم توافر التعليم الجيد يؤدي إلى محدودية الوعي خاصة في ظل ثقافة العولمة – على الرغم من مميزاتها وعيوبها- والإتجاه إلى التقليد الأعمي.

دون وجود قيم ومبادئ راسخة تسهم في الحفاظ على كيان الفرد من الانصياع لأي أفكار ومعتقدات ربما تكون خاطئة أو على الأقل لا تتفق مع السياق المجتمعي.

فالتعليم الجيد يؤدي بدوره إلى خلق جيل واعي قادر على مواكبة المستجدات والتعامل مع المتغيرات المختلفة في جميع المجالات بشكل أكثر فاعلية وحكمة.

ويرتبط التعليم الجيد بقضية المواطنة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات متساوية بين أفراد المجتمع ككل.

حيث يعد التعليم الجيد أحد أهم حقوق المواطن في المجتمع، ومن ثم ينتج عنها تكافؤ الفرص في كل مجالات وجوانب المجتمع المختلفة.

أدركت الدولة المصرية أهمية تحقيق التعليم الجيد وذلك لمواكبة أهداف التنمية المستدامة بشكل عام ( على المستوى العالمي)، وظهر اهتمامها بالتعليم الجيد ( بشكل خاص) في استراتيجية 2030.

حيث ركز المحور السابع من استراتيجية 2030 على التعليم والتدريب، ومحاولة الارتقاء بوضع التعليم بمراحله المختلفة سواء. 

في التعليم الأساسي، أو التعليم الفني، أو التعليم العالي. وحاولت وضع بعض السياسات التي من شأنها تحقيق التعليم الجيد في إطار بناء الإنسان المصري.

ونظرا لضيق حدود الدراسة فإنه يمكن التركيز على التعليم الفني نظرا لأهميته الكبيرة في تحقيق التنمية. وارتباطه ببعض المدركات السلبية لدى بعض الأفراد في المجتمع.

وذلك على الرغم من اهتمام الدولة المصرية بقطاع التعليم الفني حاليا بشكل أكبر من الاهتمام به في الماضي.

وذلك فيما يتعلق بالعوائق والتحديات، والفرص التي يوفرها الاقتصاد الأخضر للنهوض به. فضلا عن التعرض لبعض السياسات المقترحة للنهوض بالتعليم الفني في مصر.

ثانيا: كيفية ارتباط تحقيق التعليم الجيد بغيره من الأهداف:

في إطار الحديث عن ارتباط التعليم الجيد بغيره من الأهداف يمكن القول بأن التعليم الجيد بكل أهداف التنمية المستدامة سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.

حيث يعد الأساس الذي تنطلق منه باقي أهداف التنمية المستدامة، ويمكن عرض العلاقة بين التعليم الجيد وبعض الأهداف، ذلك كما يلي:

1- العلاقة بين التعليم الجيد و القضاء على الفقر

القضاء على الفقر يستلزم توفير الاحتياجات الأساسية للحياة كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن، ويسهم التعليم الجيد في تسهيل فرصة الحصول على عمل. 

ومن ثم فإنه حتى ولو لم يدر عليه بدخل وفير فإنه يغطي الاحتياجات الأساسية له ولأسرته، ومن ثم يتضح جليا دور التعليم الجيد في المساهمة في القضاء على الفقر أو على الأقل التقليل من نسبة الفقر ذاته ومحاولة الاقتراب من المستوى العالمي.

2- العلاقة بين التعليم الجيد و القضاء على الجوع

يلعب التعليم الجيد دورا واضحا في القضاء على الجوع، حيث أن التعليم وتأثيره في الوعي ربما يسهم في الإتجاه إلى الابتكار والإبداع.

وذلك في مختلف المجالات ولكن نركز هنا على القضاء على الجوع. فربما يسهم الابتكار الناتج عن التعليم الجيد عن اختراع وسائل متقدمة في الزراعة تسهم في زيادة المحصول. 

وتقليل كمية المياه المستخدمة في الزراعة. وربما يؤدي إلى ابتكار أنواع جديدة من الأسمدة التي تؤدي إلى تحسين جودة المحاصيل.

ومن ثم تحقيق الاكتفاء الذاتي وإمكانية تصدير الإنتاج المتوفر من المحاصيل ذات الجودة العالية، ومن ثم يسهل تسويقها، وفي نفس الوقت تم سد احتياجات الدولة مما تحتاجه من محاصيل للغذاء.

3- العلاقة بين التعليم الجيد و الصحة الجيدة والرفاهة

يسهم التعليم الجيد في رفع مستوى الصحة للمواطنين. ويظهر ذلك في العديد من الأمور منها: أن التعليم يؤدي إلى تطوير البحث العلمي، ومن ثم السعي لاختراع أدوية للأمراض المزمنة والمستعصية.

وكذلك الفيروسات والميكروبات المستحدثة. ومن الجانب الأخر فإن التعليم الجيد يؤدي لانتشار الوعي لدى المواطنين فيما يتعلق بإجراءات الوقاية من بعض الأمراض.

كما يحدث حاليا مع تفشي فيروس كورونا. وفي إطار الوعي أيضا فإنه يؤدي إلى تغيير معتقدات المواطنين فيما يتعرضون له من أمراض.

فقديما في إطار انتشار الجهل والخرافات كان الناس يلجأ إلى طرق خرافية في علاج الأمراض، والتي كانت تودي بحياتهم إلى الهلاك.

وفي أحيان أخرى كانت تؤدي إلى زيادة شدة المرض عليهم. ومن ثم أسهم التعليم في الحد من كل هذه الطرق المدمرة.

وانتشرت ثقافة ضرورة زيارة الطبيب عند الشعور بالتعب، وضرورة تناول الأدوية بدلا من الطرق التقليدية في العلاج قديما.

4- العلاقة بين التعليم الجيد و المساواة بين الجنسين

يؤدي التعليم الجيد إلى الحد من التفرقة بين الجنسين. فحاليا تخرج الإناث إلى المدارس بمراحلها المختلفة والجامعات مثل الذكور.

بل غالبا ما تتفوق الفتيايات على أقرانهم من الذكور في التعليم والدراسة، ومن ثم فقد ساعد التعليم على إلغاء النظرة التفضيلية للذكور عن الإناث.

وذلك من منطلق أن جميعهم أصبحوا يخرجوا للمدارس ويدرسون نفس المحتوى، ويتعرضون لنفس الخبرات.

ومن ثم فعلى الرغم من الفروق الفردية بين البشر جميعا سواء كانوا ذكورا أم إناثا، إلا أنه على الأقل يضمن توفير أساس قريب إلى حد ما.

5- العلاقة بين التعليم الجيد و العمل اللائق ونمو الاقتصاد

يساعد التعليم الجيد على امتلاك الفرد للأساس الذي يمكن البناء عليه. حيث يسهم في تعزيز المهارات والقدرات والتي تؤهل الأفراد للحصول على العمل اللائق المناسب للفرد.

وينعكس ذلك على الاقتصاد بشكل مباشر، فمن الناحية النفسية فإن دافع الإنجاز في العمل يرتفع لمن يعمل في مجاله لائق ومناسب لقدراته ومؤهلاته ودراسته.

حيث يشعر الفرد حينئذ بقيمة نفسه وترتفع ثقته في نفسه، وهو ما يدفعه لبذل الكثير من الجهد والسعي المستمر لتطوير نفسه.

ومن ثم يؤدي ذلك لارتفاع معدل النمو الاقتصادي إذا تم حسابه بالنسبة لأفراد المجتمع ككل.  

6- العلاقة بين التعليم الجيد و الحد من أوجه عدم المساواة

يسهم تحقيق التعليم الجيد في الحد من أوجه عدم المساواة المختلفة. حيث يعمل التعليم الجيد بدوره على تحقيق تكافئ الفرص إلى حد كبير في حالة تكافؤ الخبرات والمهارات.

ومن ثم فإنه يؤدي إلى الحد من عدم المساواة في فرص العمل، وهو ما ينعكس بشكل أساسي على تحقيق المساواة الاقتصادية.

وفي إطار أخر يساعد التعليم الجيد على تكوين ثقافة سياسية لأفراده، ومن ثم تعزيز ثقافة المشاركة السياسية في النظام السياسي – بمفهومه الشامل- لأفراد المجتمع ككل.

بحيث يضمن التعليم الجيد للجميع تكافؤ الفرص السياسية أيضا. حيث يحق لجميع أفراد المجتمع المشاركة في التصويت دون تمييز بينهم، فضلا عن منح فرص الترشح لجميع الأفراد الذين يمتلكون مقومات وشروط معينة.

ومن ثم فإن التعليم الجيد يؤدي إلى الحد من أوجه عدم المساواة في أبعاد الظاهرة الاجتماعية الثلاثة وهم: البعد الاجتماعي، والبعد الاقتصادي، والبعد السياسي.

7- العلاقة بين التعليم الجيد و تحقيق السلام والعدل والمؤسسات القوية

يساعد التعليم الجيد على تحقيق السلام والعدل والمؤسسات القوية وإن كان ذلك بشكل غير مباشر. حيث يسهم الوعي الناتج عن تحقيق التعليم الجيد في تشكيل بنى رمزية لمعتقدات الشعوب والمجتمعات المختلفة.

بحيث تهدف بشكل أساسي إلى السعي لتحقيق السلام الدائم الشامل بينهم، فضلا عن دور التعليم الجيد وما يشكله من وعي في لجوء الدول إلى الاستعانة بألية المفاوضات السلمية في حل النزاعات القائمة فيما بينهم.

وينتج عن ذلك تعزيز السلام كوسيلة لحل النزاعات بين الدول بديلة عن استخدام القوة العسكرية والأسلحة العسكرية.

وغيرها من الأشكال المختلفة من الأسلحة البيولوجية والكميائية وغيرها، فضلا عن أن التعليم الجيد يسهم في تحقيق السلام بشكل أخر حيث ينتج عنه إدراك الشعوب بخطورة الأسلحة المختلفة وخاصة البيولوجية والكميائية والنووية.

وكذلك يسهم في فهم خطورة الأجيال المختلفة من الحروب ومنها حروب الجيل الرابع و حروب الجيل الخامس.

وتأثيرهم التدميري على المجتمعات المختلفة خاصة في ذلك المشكلات التي تعاني منها الدول النامية بشكل عام والدول العربية منها بشكل خاص.

وكنتيجة للوعي بكل الأمور السابقة يسهم التعليم الجيد في تعزيز السلام والعدل.

ثالثا: العلاقة بين التعليم الجيد و العدالة:

في إطار الحديث عن العلاقة بين التعليم الجيد و العدالة يمكن القول بأن العدالة تتحقق من خلال تكافؤ الفرص والتي يسهم في تحقيقها التعليم الجيد.

حيث ينتج عن التعليم الجيد توافر المهارات والمؤهلات المشتركة كأساس موحد بين الأفراد، ومن ثم تتحقق تكافؤ الفرص كنتيجة حتمية وهو ما ينعكس على تحقيق العدالة.

فضلا عن ارتباط التعليم الجيد بقضية المواطنة وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، ومن ثم ففي إطار المواطنة في المجتمع تتساوى جميع الحقوق والواجبات، وبالتالي تعزيز العدالة في المجتمع.

تم نسخ الرابط