هاتوا الفوانيس يا ولاد.. مراحل تطور الفانوس على مر العصور
كتبت -أميرة الصياد
ارتبط شهر رمضان المبارك بعدد من الطقوس التي تضيف البهجة للمنازل والشوارع خاصة مع استمرارها منذ زمن بعيد،حيث يعد فانوس رمضان من أشهر هذه الطقوس.
وما زالت العائلات تحرص على اقتنائه لتزيين المنازل والشوارع والمتاجر والشرقات، كما أنه يمنح الأطفال بهجة خاصة للشهر الكريم.
بداية شكل الفانوس:
وبالعودة إلى الماضي نجد أن الفانوس كان في الأصل مصباحا، استخدمه الناس كوسيلة للإنارة خاصة عند الذهاب إلى المساجد ليلا، وبمرور الوقت تحول إلى تقليد رمضاني.
اصل فكرة الفانوس:
وترجع فكرة الفانوس إلى عصر الدولة الفاطمية في مصر، وانتقلت بعد ذلك وانتشرت في جميع الدول العربية، ثم إلى جميع دول العالم.
بدأت قصة الفانوس منذ ما يزيد قليلا على ألف عام، عندما كان القاهريون يتوقعون وصول الخليفة الفاطمي المعز لدين الله ليلا في الخامس من رمضان عام 358 هجرية.
وأمر القائد العسكري جوهر الصقلي ونائب الملك في ذلك الوقت سكان المدينة بإضاءة الطريق بالشموع، فوضع سكان القاهرة الشموع على قواعد خشبية وغطوها بالجلود، لتجنب انطفائها، ومن هنا كانت بداية ظهور الفانوس كطقس رمضاني.
حكايات الفانوس:
تتعدد حكايات الفانوس حيث يحكى أن أسر وعائلات القاهرة اعتادت مرافقة الخليفة الفاطمي في رحلته عبر المدينة، مرورا ببوابات القاهرة القديمة، باب النصر وباب الفتوح في طريقه إلى المقطم لاستطلاع هلال رمضان.
خلال تلك الرحلة كان الجميع كبارا وصغارا يحملون فانوسا لإضاءة الطريق وهم يغنون احتفالا بقدوم الشهر الكريم.
وتقول رواية أخرى إن الخليفة الفاطمي المعز لدين الله أراد إضاءة المساجد طوال شهر رمضان بالفوانيس والشموع، فأمر بتعليق فانوس على باب كل مسجد.
من الحكايات المدونة عن تاريخ ظهور الفانوس تبقى حكاية الخليفة الحاكم بأمر الله هي الأغرب.
وتحكي القصة إنه في القرن العاشر الميلادي، حرم الحاكم بأمر الله خروج النساء من منازلهن طوال العام، باستثناء شهر رمضان،واستعملت الفوانيس من قبل غلام يقود النساء في طريقهن إلى المساجد، حتى يلاحظ المارة وجودهن في الطريق فيفسحوا لهن المجال للمرور.
علاوة على ذلك، أصدر الخليفة الحاكم بأمر الله أمرا بتركيب فوانيس في كل زقاق وأمام كل منزل، وتغريم كل من يعصي الأمر، لذلك ازدهرت صناعة الفوانيس في القاهرة بشكل ملحوظ.
تطورات شكل الفانوس عبر الزمن:
صنعت الفوانيس في بداية الأمر من الصفيح الرخيص، ثم تطورت وأصبحت فنا حرفيا، وأصبح الفانوس يزين بالنقوش والزخارف اليدوية، وصنع من النحاس والزجاج الملون، مع قاعدة خشبية توضع فيها الشمعة.
وتطور مع الوقت شكل الفانوس واستخدم الزجاج المصقول مع فتحات مختلفة تغير شكل الإضاءة.
وتغيرت بعد ذلك أحجام الفوانيس، وأصبحت تضاء بالفتيل والزيت بدلا من الشموع.
وحدث ذلك التطور في صناعة الفانوس بسبب أهمية الاحتفالات والأعياد في العصر الفاطمي، والتي كانت ذات أهمية ملحوظة بالنسبة للمصريين، وقد تحول الفانوس من أداة إنارة للمنازل والمساجد والمتاجر إلى عنصر زخرفي واحتفالي ارتبط بشهر رمضان الكريم، خاصة عندما استخدمه المسحراتي ليلا أثناء مناداته للسحور.
ورويدا رويدا تسرب الفانوس المصري إلى دول الجوار مثل دمشق وحلب والقدس وغزة وغيرها.
وأصبح بعد ذلك هناك اسم لكل فانوس، منها فانوس تاج الملك وفانوس الملك فاروق وفانوس البرلمان الذي يشبه القبة الشهيرة للبرلمان المصري.