هل السخرية بالآخرين من الكبائر؟.. 16 عاقبة وخيمة قد تواجهك فاحذر
السخرية هي واحدة من الظواهر التي تكاد تكون شائعة في حياتنا اليومية، سواء في مجال الحديث العادي أو في الإعلام، وحتى على منصات التواصل الاجتماعي، هذا الفعل الذي يبدو بسيطاً قد يبدو للبعض غير مهم أو حتى غير ضار، لكن الحقيقة أن السخرية تحمل في طياتها ضرراً اجتماعياً وأخلاقياً كبيراً.
ولعل هذا هو ما دفع العديد من العلماء والمفكرين إلى التساؤل عن ما إذا كانت السخرية فعلاً من الكبائر أم لا؟ وما هو تأثيرها على الفرد والمجتمع؟ في هذا السياق تبرز مسألة السخرية كأحد الأفعال التي حذر منها الدين الإسلامي في العديد من نصوصه، سواء في القرآن الكريم أو في السنة النبوية الشريفة،
فما هو مفهوم السخرية في هذا الإطار؟ وهل فعلاً تعتبر السخرية من الكبائر؟
لقد اهتمت دار الإفتاء المصرية بهذه المسألة، مؤكدة في أكثر من مناسبة على أن السخرية ليست مجرد فعل عابر بل هي تصرف مذموم يترتب عليه أضرار اجتماعية ونفسية كبيرة، في معرض الإجابة عن سؤال “هل السخرية من الكبائر؟”، أكدت دار الإفتاء أن السخرية من الآخرين تعتبر من الأفعال المذمومة التي نهى عنها الشرع الحنيف في أكثر من موضع، كما أشارت إلى أن هذه الظاهرة تمثل نوعاً من الاحتقار والاستهانة بالآخرين، وهو ما يعارض المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع.
القرآن الكريم واضح في تحذيره من السخرية والتعالي على الآخرين، كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11]، هذه الآية الكريمة تحث المؤمنين على تجنب السخرية والاحتقار والتعالي على الآخرين، وتوضح أن السخرية تفضي إلى الفسق، وهو أمر يتعارض مع الإيمان والتقوى.
من جهة أخرى، تؤكد السنة النبوية أيضاً على خطورة السخرية والتهكم على الآخرين، فقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: «بِحَسْبِ امرِئٍ من الشرِّ أن يَحقِرَ أخاهُ»، وهو حديث يبين أن مجرد احتقار الآخر يعد فعلاً مذموماً، ولو لم يصاحبه كلام جارح أو سخرية علنية، إن هذا الحديث يكشف لنا أن الإسلام يعتبر أي تصرف يهدف إلى احتقار أو الاستهزاء بالآخرين من الأخطاء الكبرى التي تفسد المجتمع وتؤدي إلى تدهور العلاقات الإنسانية.
لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن الدكتور مجدي عاشور، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أضاف أن السخرية من الآخرين، حتى وإن كانوا من العصاة أو ضعفاء الإيمان، محظورة تماماً في الإسلام، وذلك لأننا لا نعلم ما في قلوبهم أو ما بينه وبين الله، وبالتالي فإن الحكم على الناس بهذه الطريقة هو أمر مخالف لتعاليم الإسلام، بل إن هذا الفعل يعد من الكبائر، ويترتب عليه عقوبات دينية وأخلاقية كبيرة.
السخرية
وتعريف السخرية في اللغة العربية جاء ليؤكد على قبح هذا الفعل، حيث أن السخرية تعني الاستهزاء والاحتقار والتقليل من شأن الآخرين، وتعود جذور الكلمة إلى معاني الهزل والضحك على حساب الآخرين، أما في الاصطلاح فالسخرية هي محاولة إظهار عيوب الآخرين بطريقة تهدف إلى تقليل احترامهم في عيون الآخرين.
وفي إطار الإجابة على تساؤلات تهمّ ملايين المسلمين حول العالم، ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤالٌ في غاية الأهمية، يتعلق بالحديث النبوي الشريف الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والذي يشير فيه إلى تقديم حقّ الأم في البرّ على حقّ الأب، جاء السؤال ليبحث عن سبب هذا التفضيل، وأثره على السلوك الاجتماعي والشرعي في الحياة اليومية، وهو حديثٌ يتردد في الأذهان، ويُعدّ أحد المبادئ الكبرى في التربية الإسلامية والعلاقات الأسرية، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المعروف: “أحق الناس بحسن صحابتي؟”، فكان الجواب: “أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك”.
تعدّ هذه الإجابة من النبي الكريم تأكيدًا على مكانة الأم في الإسلام، وتبرز لها الفضل الكبير في حياة المسلم، إذ يتجلى هذا الفضل في التفضيل المتكرر للأم على الأب، وهو ما يعكس عناية الإسلام بالأسرة وتقدير دور الأم في تربية الأبناء ورعايتهم، وقد جاءت دار الإفتاء المصرية لتوضّح في بيان مفصّل السبب الذي دفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يُقدّم حقّ الأم على الأب، مشيرة إلى العوامل التي تميز الأم عن الأب، والتي تجعلها تستحق هذه المكانة السامية.
يعود هذا التفضيل إلى ما تنفرد به الأم من مشقة وأعباء في مراحل الحمل والوضع والرضاعة، فالأم هي التي تحمل طفلها في بطنها، وهي التي تعاني من صعوبة الحمل وألم الوضع، وتتحمل عناء الرضاعة والتربية لفترة طويلة، وهي مسؤولية شاقة تتطلب منها التضحية الكبيرة على مختلف الأصعدة، على عكس الأب الذي قد يتدخل في جوانب التربية والرعاية ولكن دون أن يعاني نفس المعاناة التي تتعرض لها الأم.