الإفتاء توضح تأثير طلاء الأظافر والمكياج على صحة الوضوء

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال يستفسر عن حكم الوضوء في حالة وجود طلاء الأظافر أو المكياج، حيث تساءلت إحدى السيدات عن صحة وضوئها إذا قامت بتطبيق المكياج بعد وضوئها لصلاة الفجر، ثم أرادت أن تتوضأ لصلاة الظهر وهي لا تزال تضع مساحيق التجميل، فهل يجب عليها إزالة المكياج بالكامل قبل الوضوء أم يجوز لها الوضوء دون مسحه؟ كما تطرقت السائلة إلى الحكم ذاته بالنسبة لطلاء الأظافر وما إذا كان يؤثر على صحة الوضوء أم لا.
الإفتاء توضح حكم المسألة
جاء رد دار الإفتاء المصرية موضحًا أن الحكم في هذه المسألة يعتمد على طبيعة المواد المستخدمة، فإذا كانت مساحيق التجميل أو طلاء الأظافر تمنع وصول الماء إلى البشرة أو الأظافر، فيجب إزالتها قبل الوضوء لضمان صحة الطهارة، أما إذا لم تكن تشكل حاجزًا يمنع الماء من الوصول إلى الجلد، فلا حرج في الوضوء مع وجودها، ومن خلال هذا التوضيح يمكن للسائلة أن تتبع الحكم وفق طبيعة المكياج أو الطلاء الذي تستخدمه.
أهمية البقاء على طهارة وفوائد الوضوء المستمر
وقالت الإفتاء إن البقاء على طهارة دائمة من الأمور المستحبة في الإسلام، وهو ليس فقط شرطًا لصحة الصلاة، بل يحمل العديد من الفضائل والبركات في حياة المسلم، فقد وردت أحاديث كثيرة تبين فضل الوضوء وأثره الروحي والبدني، ومن هذه الفضائل أن الوضوء يحمي الإنسان من شرور الشيطان، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ” وهذا الحديث يدل على أن الوضوء له تأثير إيجابي في تهدئة النفس وتخفيف الغضب، وهو أمر له انعكاسات إيجابية على حياة الإنسان وعلاقاته بالآخرين.
وتابعت الإفتاء كما أن بقاء المسلم متوضئًا يزيد في عمره ويحببه إلى الملائكة، فقد روى الطبراني في “المعجم الأوسط” و”المعجم الصغير” أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأنس بن مالك رضي الله عنه: “يَا بُنَيَّ، أَسْبِغِ الْوُضُوءَ يَزِدْ فِي عُمُرِكَ، وَيُحِبُّكَ حَافِظَاكَ” وهذا الحديث يشير إلى أن الطهارة الدائمة لها بركات دنيوية وأخروية، فهي تزيد في بركة العمر وتكسب المسلم محبة الملائكة الذين يحفظونه بأمر الله.
ومن الفضائل الأخرى للوضوء أنه سبب في محو الذنوب وتطهير الإنسان من الخطايا، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “إِذَا تَوَضَّأَ الْمُسْلِمُ ذَهَبَ الإِثْمُ مِنْ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ” وهذا يدل على أن الوضوء ليس مجرد تنظيف حسي، بل هو تطهير روحي يغسل الذنوب عن الجوارح ويهيئ المسلم للعبادة بقلب طاهر ونفس نقية.
الوضوء وأثره في قبول الدعاء ونيل الشفاعة
من فوائد البقاء على طهارة دائمة أن الوضوء سبب من أسباب قبول الدعاء، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: “مَا مِنْ رَجُلٍ يَبِيتُ عَلَى طُهْرٍ ثُمَّ يَتَعَارُّ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَسْأَلُ خَيْرًا مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُ” وهذا يدل على أن الطهارة قبل النوم تجعل الإنسان أقرب إلى رحمة الله وتفتح له أبواب الإجابة عند دعائه.
كما أن الوضوء يجعل المسلم في حالة استعداد دائم للقاء الله، فمن مات وهو على وضوء نال درجة الشهادة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله لأنس رضي الله عنه: “يَا بُنَيَّ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا تَبِيتَ إِلَّا عَلَى وَضُوءٍ فَافْعَلْ، فَإِنَّهُ مَنْ أَتَاهُ الْمَوْتُ وَهُوَ عَلَى وَضُوءٍ؛ أُعْطِيَ الشَّهَادَةَ” وهذا دليل على أن الطهارة المستمرة تجعل المسلم في حالة استعداد روحي للقاء ربه في أي وقت.
الوضوء علامة تميز أمة النبي يوم القيامة
من بركات الوضوء أنه يجعل المحافظين عليه من أولياء النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة، حيث تكون لهم علامة خاصة تميزهم عن غيرهم، فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قيل له: “كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ تَرَ مِنْ أُمَّتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: “هُمْ غُرٌّ مُحَجَّلُونَ بُلْقٌ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ” وهذا الحديث يدل على أن أثر الوضوء يبقى نورًا في وجوه المؤمنين يوم القيامة، مما يجعلهم معروفين عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم وينالون شفاعته.
استغفار الملائكة للمتوضئ وبركة الطهارة أثناء النوم
من فضائل الوضوء أن الملائكة تدعو للمسلم الذي ينام على طهارة، فقد ورد في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “مَنْ بَاتَ طَاهِرًا بَاتَ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِكَ فُلَانٍ، فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِرًا” وهذا يدل على أن النوم على وضوء يجلب رحمة الله للعبد ويجعله في حفظ الملائكة.
التأكيد على سنة المداومة على الوضوء
إضافةً إلى ما سبق، فإن تكرار الوضوء والبقاء عليه طوال الوقت من السنن النبوية المؤكدة، حيث كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحرص على تجديد وضوئه حتى لو لم يكن بحاجة إليه، وقد ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحرصون على البقاء متوضئين اقتداءً به، وقد قال الإمام الخطيب الشربيني في “الإقناع”: “يندب إدامة الوضوء” أي أنه من المستحب أن يكون المسلم على طهارة في كل وقت حتى لو لم يكن مقبلًا على الصلاة.
الوضوء ليس مجرد شرط لصحة الصلاة، بل هو عبادة عظيمة لها فوائد روحية وجسدية، فمن أراد أن يحظى بحفظ الله ومحبة الملائكة واستجابة الدعاء، فليحرص على البقاء متوضئًا قدر الإمكان، كما أن الطهارة المستمرة تجعل المسلم مستعدًا دائمًا للقاء ربه وتكون سببًا في نيل الشفاعة يوم القيامة، لذلك فإن المحافظة على الوضوء من أعظم الأعمال التي ينبغي للمسلم الحرص عليها في حياته اليومية.