حكم كثرة الحلف بالله دون حاجة وهل تجب فيه كفارة؟.. الإفتاء توضح

أوضح الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الإكثار من الحلف بالله دون ضرورة يُعد أمرًا غير مستحب في الإسلام، مؤكدًا أن الشريعة الإسلامية دعت المسلمين إلى تعظيم اسم الله وعدم استخدام الحلف به في أمور الحياة اليومية دون حاجة، كما أن الله سبحانه وتعالى نهى عن جعل اسمه عرضة للأيمان.
مما يشير إلى أهمية عدم التهاون في الحلف بالله دون وجود سبب يستدعي ذلك، وخلال بث مباشر عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، استشهد الشيخ أحمد وسام بقول الله تعالى في كتابه الكريم: “وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (البقرة: 224)، موضحًا أن هذه الآية الكريمة تدل بوضوح على ضرورة تجنب كثرة الحلف، خاصة عندما لا يكون هناك داعٍ لذلك.
الصدق والأمانة
وأضاف الشيخ وسام بدار الإفتاء أن الإسلام يحث المسلمين على التحلي بالصدق والأمانة دون الحاجة إلى كثرة القسم، لأن كثرة الحلف قد تؤدي إلى فقدان هيبته وقيمته في نفوس الناس، مشيرًا إلى أن الشخص لا يُؤاخذ على الحلف إلا إذا كان قد قصده ونوى الالتزام به، وهو ما يُعرف باليمين المعقود، واستشهد في ذلك بقول الله تعالى في سورة المائدة: “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ” (المائدة: 89)، موضحًا أن معنى اليمين اللغو هو القسم الذي يصدر عن الإنسان دون قصد أو نية انعقاد اليمين، وهو لا يستوجب كفارة أو مسؤولية شرعية، أما اليمين الذي يُعقد بنية التزام معين ثم يخالفه صاحبه، فهو الذي يستلزم الكفارة.
كفارة الحلف بالله
وأشار الشيخ بدار الإفتاء إلى أن الكفارة التي تجب على من حنث في يمينه محددة في الشريعة الإسلامية، وتتمثل في إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم الإنسان أهله، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، ومن لم يجد شيئًا من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام، وذلك تصديقًا لقول الله تعالى: “فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ” (المائدة: 89)، موضحًا أن هذه الكفارة تهدف إلى تهذيب النفس وتأكيد احترام القسم بالله وعدم التهاون فيه.
كما أشار إلى أن ما يصدر عن المسلم من ألفاظ الحلف بشكل عفوي ومتكرر دون نية انعقاد اليمين، رغم كونه غير مستحب، إلا أنه لا يستوجب كفارة، لكنه من الأفضل تجنبه حفاظًا على قدسية اسم الله، وأوضح أن المسلم مطالب بالحفاظ على كلامه، وتجنب كثرة الحلف حتى في الأمور العادية، لأن ذلك قد يجعله يقع في الحنث باليمين دون أن يشعر، وقد يقلل من هيبة القسم في نظره ونظر من حوله.
انتقاء ألفاظهم وعدم الإكثار من الحلف
وفي ختام حديثه، نصح الشيخ أحمد وسام بدار الإفتاء المسلمين بالحرص على انتقاء ألفاظهم وعدم الإكثار من الحلف، مؤكدًا أن الحلف بالله يجب أن يكون في الأمور المهمة التي تستدعي القسم، وليس في الأمور التافهة أو العادات اليومية، وذلك تعظيمًا لاسم الله واحترامًا لمكانته في القلوب.
كما أكد أن التزام الصدق في القول والفعل يجعل الإنسان في غنى عن الحلف المتكرر، فالمسلم الصادق لا يحتاج إلى تأكيد كلامه بالقسم، لأن الناس يصدقونه دون الحاجة إلى ذلك، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “إياكم وكثرة الحلف، فإنه لا يأتي بخير”، مشددًا على ضرورة أن يكون الحلف بالله وسيلة لإظهار الحق في المواضع التي تستلزم ذلك، وليس عادة تجري على اللسان بلا ضرورة.