كيف تحمي طفلك من النرجسية؟.. خطوات تضمن تنشئته بشكل صحي

تعد تربية الأطفال مسؤولية عظيمة، وأي خطأ فيها قد يؤثر على شخصية الطفل وسلوكياته في المستقبل، ومن بين أهم المشكلات التي قد تظهر لدى الأطفال نتيجة التربية غير السليمة هي النرجسية، وهي حالة تجعل الشخص يشعر بأهمية مبالغ فيها لنفسه، مما يؤثر سلبًا على علاقاته بالآخرين، لذلك من الضروري أن يكون الوالدان على دراية بأساليب التربية التي تبعد الطفل عن النرجسية وتساعده على أن يكون شخصًا متوازنًا نفسيًا واجتماعيًا.

1- تعليم الطفل التعاطف ومراعاة مشاعر الآخرين

الأطفال الذين ينشأون على قيم التعاطف يكونون أكثر قدرة على بناء علاقات صحية وسليمة مع الآخرين. من الضروري أن يتعلم الطفل أنه ليس محور الكون، وأن مشاعره ليست الأهم على الإطلاق، ولكن في الوقت ذاته يجب أن يدرك أن مشاعر الآخرين لها قيمة ويجب احترامها، يمكن تعزيز هذا الشعور لديه من خلال مناقشته حول مشاعر الآخرين في المواقف المختلفة، مثل سؤاله عن سبب حزن شخص ما، أو مشاركته الفرح مع الآخرين والتحدث معه عن إحساسه بذلك، بالإضافة إلى ذلك، يعد الوالدان القدوة الأولى للطفل في التعاطف، حيث يتعلم الطفل من تصرفاتهما أكثر مما يتعلم من الكلمات وحدها.

2- تجنب المبالغة في المدح أو النقد

هناك فرق كبير بين تقديم المديح للطفل بهدف تحفيزه، وبين جعله يشعر بأنه الأفضل دائمًا، إذا حصل الطفل على مديح مبالغ فيه على كل أفعاله، فقد يبدأ في الاعتقاد بأنه متفوق على الجميع، مما قد يجعله غير قادر على تقبل النقد أو التطور. وعلى الجانب الآخر، فإن النقد القاسي والمستمر قد يؤدي إلى فقدانه الثقة بنفسه، مما يدفعه إلى تعويض ذلك بسلوكيات نرجسية لإثبات قوته. الحل الأمثل هو تحقيق التوازن بين المديح والتوجيه، بحيث يُثنى على أفعاله الجيدة بطريقة واقعية، وعند ارتكابه للأخطاء، يتم توجيهه وتصحيح سلوكه دون إشعاره بالذنب أو النقص.

3- غرس قيمة الجهد وليس التفوق فقط

الأطفال الذين ينشؤون على فكرة أن النجاح هو العنصر الأهم في حياتهم قد يتحولون إلى شخصيات نرجسية، حيث يصبحون مهووسين بإثبات تفوقهم على الآخرين بأي وسيلة، لذلك من الضروري تعليم الطفل أن الجهد المبذول هو الذي يصنع الفرق، وليس مجرد تحقيق النتائج، يجب أن يدرك الطفل أن المحاولة والاجتهاد يستحقان التقدير، حتى إن لم يحقق النجاح المطلوب. ليس من الضروري أن يكون الأول دائمًا، ولكن من المهم أن يتحلى بروح المثابرة والاجتهاد.

4- عدم تلبية جميع رغباته بلا قيود

تلبية جميع طلبات الطفل دون وضع حدود تجعله يعتقد أنه يستحق كل شيء دون أي مجهود، مما قد يؤدي إلى نشوء شخصية أنانية تظن أنها أفضل من الآخرين. من الضروري وضع قواعد واضحة لرغبات الطفل، بحيث لا يتم تنفيذ كل طلباته على الفور، بل يجب أن يتعلم معنى الانتظار والصبر، كما ينبغي أن يعتاد على فكرة أنه لن يحصل دائمًا على كل ما يريده، فهذه إحدى حقائق الحياة التي يجب أن يستوعبها، مما يساعده على تقدير الأشياء وعدم التعود على الأنانية أو التطلب الزائد.

5- تشجيعه على بناء علاقات قائمة على الاحترام والتقدير

الطفل النرجسي يميل إلى الاهتمام بمصلحته الشخصية فقط، مما يجعله يواجه صعوبة في تكوين صداقات حقيقية، لذا من الضروري تعليمه قيمة العلاقات الصحية من خلال تشجيعه على مشاركة ألعابه مع الآخرين، وتعريفه بأن الصداقة لا تقوم فقط على المتعة، بل تعتمد أيضًا على الدعم المتبادل والاهتمام بالآخرين، كذلك من المهم غرس قيمة احترام آراء الآخرين، حتى لو كانت مختلفة عن رأيه، لأن ذلك يجعله أكثر مرونة في التعامل مع المواقف المتنوعة.

تربية طفل متوازن نفسيًا ليست مهمة سهلة، لكنها تستحق الجهد، فالأطفال الذين يتلقون تربية سليمة يكونون أكثر قدرة على مواجهة الحياة بطريقة صحية، مما ينعكس إيجابيًا على مستقبلهم، على الوالدين أن يدركا حجم دورهما في تشكيل شخصية الطفل، وباتباع هذه الخطوات، يمكن تنشئة طفل واثق من نفسه دون غرور، طموح دون تعالٍ، وقادر على النجاح مع الاحتفاظ بقلب متعاطف يشعر بالآخرين.