الأربعاء 04 يونيو 2025 الموافق 08 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

نبيل أبوالياسين.. بلجيكا تكسر الصمت .. هل يتبعها العالم؟

القارئ نيوز

بينما يتساءل العالم بأسره، بقلبٍ يغلي غضبًا، كيف يُمكن للإبادة والتجويع أن يستمر في غزة تحت مرأى ومسمع ملياري مسلم وعربي، تبرز أصوات جريئة من قلب أوروبا، لتدق ناقوس الخطر بوضوح. 

فها هي بلجيكا، ممثلة بوزير خارجيتها، ترفض تبريرات الدفاع عن النفس وتُحذّر من فخ معاداة السامية لتغطية الجرائم. 

هذا التحرك الأوروبي، الذي يتزامن مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، مناسبة مقدسة تدعو للتضحية، يطرح سؤالاً مؤلماً: متى تتجاوز أمتنا مرحلة البيانات وتُقدم على قرارات تاريخية تليق بكرامتها، تسبق بها خطوات الآخرين في نصرة غزة؟.

صوت الحق.. بلجيكا تكشف زيف التبريرات

لقد عبر وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، عن موقف يتجاوز المجاملات الدبلوماسية، مؤكداً أن ما يحدث في غزة من تهجير وانتهاكات «تجاوز كل الخطوط»، ومُتهماً إسرائيل بالتسبب في مجاعة متعمدة، وهذا الموقف البلجيكي، الذي يرفض تبرير العمليات العسكرية تحت مسمى «الدفاع المشروع عن النفس» ويُدين استخدام اتهامات «معاداة السامية» بطريقة مضللة، هو بمثابة شهادة دولية تُعرّي جرائم الاحتلال الصهيوني، إنه صوت حق يخرق جدار الصمت الدولي الذي غذى غطرسة المعتدين، ويُعلي من شأن الضمير على حساب المصالح الضيقة.

غضبٌ من الداخل.. حين يُطالب الإسرائيليون بوقف الإبادة

المفارقة أن الغضب ليس مقتصراً على بلجيكا أو أوروبا وحسب؛ ففي قلب المجتمع الإسرائيلي، وبخاصة بين المغتربين في المدن الأوروبية الكبرى، تصاعدت دعوات لوقف الحرب على غزة وإعادة المحتجزين، وهذه الاحتجاجات المنسقة في 13 مدينة أوروبية تطالب بفرض حظر كامل على إمدادات الأسلحة لإسرائيل وتعليق الاتفاقيات التجارية، حتى يتم السماح بإدخال المساعدات الإنسانية، إنهم يصرخون «أنقذونا من أنفسنا»، مؤكدين أن «كلمات القلق لم تعد كافية»، وأن استمرار التعامل كالمعتاد مع الاحتلال يجعل أوروبا «متواطئة في الجريمة» وهذا الحراك الداخلي يُعد دليلاً آخر على اتساع دائرة الرفض لسياسات نتنياهو.

فخ المساعدات.. شراكة أمريكية تُمعن في التجويع

في ظل هذه المعطيات، تتكشف صورة أخرى للوضع الكارثي، حيث أصبح توزيع المساعدات الإنسانية في غزة «فخاً مميتاً» كما وصفت الأونروا، فبعد استشهاد العشرات من الفلسطينيين أثناء توجههم لمركز مساعدات تديره شركة أمريكية غربي رفح، يتأكد ما حذرنا منه مراراً: أن أمريكا وإسرائيل تخدعان العالم وتُمعنان في إبادة وتجويع الفلسطينيين تحت غطاء المساعدات، وهذه الجرائم تكشف عن نوايا خبيثة، فبينما يتم الحديث عن «هدنة» أو «صفقة أسرى»، لا تزال نوايا إسرائيل، بتخطيط أمريكي، تتجه نحو قضم أوراق المقاومة والاستمرار في الإبادة، مما يجعل كل حديث عن حلول مجرد ذريعة لمزيد من القتل والتجويع.

ترامب والديمقراطيون.. عجز السياسة وعزلة متزايدة

تُظهر استطلاعات الرأي تآكلاً واسعاً لدعم إسرائيل بين الأمريكيين، وتراجعاً كبيراً في مشاركة الناخبين بسبب تعنت الديمقراطيين بشأن غزة، وهذه التحولات الدرامية تكشف أن رفض المؤسسة الديمقراطية أخذ القضية على محمل الجد أصبح عبئاً سياسياً، وحتى مع محاولات الدفاع عن الديمقراطية، يصوت بعض السناتورات ضد منع مبيعات الأسلحة لإسرائيل، رغم انتهاكاتها، ويزداد تقويض الديمقراطية في الداخل والقانون الدولي في الخارج، مما يزيد من عزلة الولايات المتحدة دولياً ويُسرّع من تآكل شعبية ترامب داخلياً، ويؤكد أن الإدارة الأمريكية الحالية، بسياستها المنحازة، تسير نحو منحدر غير مسبوق في عزلتها.

نداء الكرامة.. متى يسبق العرب أوروبا في نصرة غزة؟

إن المأساة في غزة، التي وصفها مدير برنامج الغذاء العالمي بـ«قطرة في دلو» مقارنة بالاحتياج الحقيقي، حيث يوجد نصف مليون شخص على شفا المجاعة، تتطلب تدخلاً على نطاق واسع، وفي مواجهة تدمير المستشفيات وحرمان الفلسطينيين من حقهم في الصحة، تجاهلت المؤسسة الطبية الإسرائيلية أبسط المبادئ الأخلاقية، وهذا الواقع يطرح سؤالاً جوهرياً على الأمة العربية والإسلامية: إذا كانت بلجيكا وأصوات الضمير الأوروبي تكسر حاجز الصمت وتطالب بإجراءات حقيقية، ألا يجدر بنا أن نكون السباقين في هذا الميدان؟ أليس الأولى بنا، كأمة هي الأقرب والأكثر تضرراً، أن نُفاجئ العالم بقرارات تاريخية تسبق كل تحرك دولي، قرارات تُفرح الشعوب وتكمل فرحة العيد وتُنهي الإبادة قبل فوات الأوان؟.

وأختم وكلي حسرة وأقول: هذا المقال ليس مجرد قطعة صحفية عابرة، بل هو صرخة وجدانية عميقة، تحمل رسالة استغاثة وتنبيه للعالم العربي والإسلامي،  وإنها دعوة صادقة للنهوض: من سبات عميق، ولتحويل الغضب الهادر إلى فعلٍ تاريخي غير مسبوق، فبينما تتوالى صفعات الضمير الأوروبي على الاحتلال، وتتجلّى للعالم أجمع بشاعة الإبادة والتجويع.

 هنا، تقع على عاتقنا أمانة تاريخية وإنسانية كبرى: ألا ندع غزة تُخذل مرتين؛ لا بصمتٍ مطبقٍ ولا بعجزٍ لا مبرر له. 

ومع حلول عيد الأضحى المبارك، نأمل أن يكون هذا العيد موعدًا لقرارات حاسمة، لا لبيانات اعتيادية. لنجعل مواقفنا السبّاقة في نصرة الحق، لا مجرد ردود فعل تبعية لما يتحرك به الآخرون. 

فالعالم التاريخي يرقب كل لحظة، والضمائر حيّة لا تموت، وغزة تستحق منا ما يفوق الكلمات.
 

تم نسخ الرابط