ليس فرط النشاط فقط.. تعرّف على أنواع أمراض الغدة الدرقية

تعد الغدة الدرقية من أهم الغدد الصماء في جسم الإنسان، حيث تلعب دورًا حيويًا في تنظيم عمليات الأيض وإنتاج الطاقة والحفاظ على وظائف العديد من الأعضاء، ويعتقد البعض أن أمراض الغدة الدرقية تقتصر على فرط النشاط فقط، إلا أن هذه الغدة يمكن أن تصاب بأمراض متعددة تتراوح بين الخمول والتضخم والتهاب الغدة الدرقية وغيرها، وسنتناول في هذا المقال أهم أنواع أمراض الغدة الدرقية وأعراضها وتأثيرها على الصحة.
قصور الغدة الدرقية
يحدث قصور الغدة الدرقية عندما تفشل الغدة في إنتاج كمية كافية من الهرمونات الدرقية، مما يؤدي إلى تباطؤ عمليات الأيض في الجسم، ومن أبرز أسبابه التهاب الغدة الدرقية الناتج عن اضطراب مناعي ذاتي مثل التهاب هاشيموتو، كما قد يكون القصور نتيجة لنقص اليود أو استئصال جزء من الغدة الدرقية بسبب الأورام أو العقيدات الدرقية.
تشمل أعراض قصور الغدة الدرقية الشعور الدائم بالتعب والإرهاق وزيادة الوزن رغم انخفاض الشهية، بالإضافة إلى جفاف الجلد وتقصف الشعر والاكتئاب واضطرابات الذاكرة، كما قد يعاني بعض المرضى من بطء ضربات القلب والشعور بالبرودة المستمرة، ويتم تشخيص المرض من خلال تحليل مستوى الهرمونات الدرقية في الدم، أما العلاج فيعتمد على تناول هرمون الثيروكسين الصناعي لتعويض النقص وتحسين وظائف الجسم.
فرط نشاط الغدة الدرقية
على عكس القصور، يحدث فرط نشاط الغدة الدرقية عندما تنتج الغدة كمية زائدة من الهرمونات، مما يؤدي إلى تسريع عمليات الأيض وزيادة النشاط البدني والعصبي، ويعد مرض جريفز من أكثر أسباب فرط النشاط شيوعًا، وهو اضطراب مناعي ذاتي يؤدي إلى تحفيز الغدة الدرقية لإفراز كميات كبيرة من الهرمونات، كما قد يحدث فرط النشاط نتيجة لوجود عقيدات درقية مفرزة أو التهاب الغدة الدرقية المؤقت.
تشمل أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية فقدان الوزن السريع رغم زيادة الشهية، وزيادة معدل ضربات القلب والتعرق المفرط ورجفة اليدين، بالإضافة إلى العصبية والتوتر والأرق، كما قد يعاني المرضى من جحوظ العينين في حالة الإصابة بمرض جريفز، ويتم تشخيص المرض من خلال تحليل الهرمونات واختبارات التصوير، أما العلاج فقد يشمل الأدوية المثبطة لنشاط الغدة أو العلاج باليود المشع أو الجراحة في الحالات الشديدة.
التهاب الغدة الدرقية
يعتبر التهاب الغدة الدرقية من المشكلات الشائعة التي قد تؤدي إلى اضطرابات في إفراز الهرمونات، وهناك عدة أنواع من التهاب الغدة الدرقية، أبرزها التهاب هاشيموتو وهو مرض مناعي ذاتي يؤدي إلى تدمير أنسجة الغدة ببطء، كما قد يحدث التهاب الغدة نتيجة للعدوى الفيروسية أو البكتيرية أو بعد الولادة فيما يعرف بالتهاب الغدة الدرقية التالي للوضع.
تعتمد أعراض التهاب الغدة الدرقية على نوع الالتهاب ومرحلته، ففي البداية قد يعاني المريض من أعراض فرط النشاط بسبب إفراز كميات كبيرة من الهرمونات نتيجة لتدمير خلايا الغدة، ثم يتبع ذلك مرحلة من قصور الغدة عندما تصبح غير قادرة على إنتاج الهرمونات بشكل طبيعي، وقد يشعر المرضى بألم في الرقبة وتضخم الغدة وصعوبة في البلع، ويعتمد العلاج على نوع الالتهاب ودرجته، حيث قد يتم استخدام مسكنات الألم أو الأدوية المثبطة للمناعة أو العلاج الهرموني التعويضي في حالات القصور.
سرطان الغدة الدرقية
يعد سرطان الغدة الدرقية من الأمراض التي تصيب الغدة نتيجة لحدوث نمو غير طبيعي للخلايا، وهناك عدة أنواع من سرطان الغدة الدرقية، مثل السرطان الحليمي الذي يعد الأكثر شيوعًا، والسرطان الجريبي، والسرطان الكشمي الذي يعتبر من الأنواع النادرة ولكنه أكثر خطورة، كما يوجد السرطان النخاعي الذي يرتبط باضطرابات وراثية في بعض الحالات.
لا يسبب سرطان الغدة الدرقية في مراحله المبكرة أعراضًا واضحة، ولكن مع تطور المرض قد يظهر تورم في الرقبة أو بحة في الصوت أو صعوبة في البلع، ويتم التشخيص من خلال الفحص السريري وأشعة الموجات فوق الصوتية وتحليل عينة من الأنسجة، ويعتمد العلاج على نوع السرطان ومرحلته، حيث قد يتم اللجوء إلى الجراحة لاستئصال الغدة بالكامل أو جزء منها، بالإضافة إلى العلاج باليود المشع والعلاج الإشعاعي في بعض الحالات.
العقيدات والتضخم الدروي
تظهر العقيدات الدرقية على شكل كتل أو أورام صغيرة داخل الغدة، وقد تكون صلبة أو مملوءة بسائل، وعلى الرغم من أن معظم العقيدات تكون حميدة ولا تسبب مشكلات صحية، إلا أن بعضها قد يكون نشطًا ويفرز هرمونات زائدة، كما أن نسبة صغيرة منها قد تتحول إلى أورام سرطانية، ويتم تشخيص العقيدات من خلال الفحص بالموجات فوق الصوتية وأخذ عينة للتحليل إذا لزم الأمر.
أما التضخم الدروي فهو زيادة في حجم الغدة الدرقية نتيجة لنقص اليود أو اضطرابات الهرمونات، وقد يكون التضخم مصحوبًا بقصور أو فرط نشاط الغدة، أو يكون غير وظيفي دون تأثير على الهرمونات، ويتم علاجه حسب السبب، حيث قد يتم اللجوء إلى مكملات اليود أو العلاج الدوائي أو التدخل الجراحي إذا كان التضخم كبيرًا ويسبب ضغطًا على القصبة الهوائية.
كيفية الحفاظ على صحة الغدة الدرقية
للحفاظ على صحة الغدة الدرقية وتجنب اضطراباتها، ينصح بتناول نظام غذائي متوازن يحتوي على كميات كافية من اليود والسيلينيوم، وهما عنصران ضروريان لوظيفة الغدة، كما يجب تجنب التعرض للملوثات البيئية التي قد تؤثر على الغدة، وإجراء الفحوصات الدورية خاصةً لمن لديهم تاريخ عائلي للإصابة بأمراض الغدة الدرقية، بالإضافة إلى مراجعة الطبيب فور ظهور أي أعراض تدل على اضطراب في وظائف الغدة، مثل تغيرات الوزن غير المبررة أو الشعور بالتعب المستمر أو تسارع ضربات القلب.
لا تقتصر أمراض الغدة الدرقية على فرط النشاط فقط، بل تشمل العديد من الاضطرابات التي قد تؤثر على صحة الجسم بشكل عام، لذا فإن الوعي بهذه الأمراض وأعراضها يساعد على التشخيص المبكر والعلاج الفعال للحفاظ على صحة الغدة والجسم بشكل عام.