لماذا يُسمى يوم الشك؟ ولماذا نهى الفقهاء عن صيامه في حالات معينة؟

يعد يوم الشك هو اليوم الثلاثون من شهر شعبان عندما يكون هناك تردد في رؤية هلال شهر رمضان، فإذا لم تثبت رؤية الهلال بطريقة شرعية يصبح هذا اليوم موضع شك فيما إذا كان من شهر رمضان أم أنه مجرد إتمام لشهر شعبان، وقد اختلف الفقهاء في تعريفه، إلا أن الرأي الراجح عند جمهور العلماء، بمن فيهم المالكية والشافعية.
وكذلك رواية عن الإمام أحمد بن حنبل، يرون أنه اليوم الذي لم تثبت فيه رؤية الهلال بشكل رسمي، أو إذا شهد برؤيته شخص لا تُقبل شهادته بسبب فسقه أو عدم استيفائه لشروط الشهادة الشرعية.
اختلاف العلماء في تحديد يوم الشك
اختلف العلماء في تحديد مفهوم يوم الشك بشكل دقيق، إلا أن الجمهور يرى أنه يوافق اليوم الثلاثين من شعبان عندما يُثار الحديث عن رؤية الهلال لكن دون ثبوتها شرعًا، أو إذا شهد بها شخص لم يُقبل لقلة عدالته، وقد استندوا في ذلك إلى حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه الذي قال: “من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم”، وهو حديث رواه أبو داود وغيره، ويشير هذا الحديث إلى أن صيام يوم الشك لا يجوز لأنه قد يكون بدعة في الدين، أو تحريفًا لمواقيت الصيام التي أمر بها الشرع.
لماذا يُطلق عليه يوم الشك؟
تعود تسمية يوم الشك إلى عدم التيقن من دخول شهر رمضان، إذ إن الأشهر القمرية تعتمد على رؤية الهلال، وقد يكون هناك غياب للرؤية بسبب ظروف الطقس أو عدم وضوح الهلال، مما يجعل الناس يتساءلون عما إذا كان يجب عليهم الصيام أم لا، ولذلك أُطلق عليه يوم الشك لأنه يقع بين احتمالين، إما أنه اليوم الأخير من شعبان أو اليوم الأول من رمضان، وهذه المسألة جعلت الفقهاء يضعون ضوابط واضحة لصيام هذا اليوم لتجنب اللبس في العبادة.
حكم صيام يوم الشك
أوضحت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية أن صيام يوم الشك غير جائز إلا في حالات محددة، فالأصل في الشرع أنه لا ينبغي للمسلم أن يصوم هذا اليوم بنية الاحتياط لرمضان، وذلك استنادًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه”، ويعني هذا الحديث أن من كان له عادة صيام، مثل صيام يومي الإثنين والخميس، أو كان عليه قضاء أو نذر أو كفارة، فإنه يجوز له الصيام في هذا اليوم، أما من يصومه بنية الاحتياط أو الشك في دخول رمضان، فهذا أمر منهي عنه.
أقوال العلماء في صيام يوم الشك
الإمام النووي ذكر أن علماء السلف أجمعوا على أن صيام يوم الشك ليس واجبًا، بل كرهه جمهور العلماء، إلا إذا كان ضمن صيام اعتاد عليه الشخص، كأن يكون ضمن أيام يصومها بانتظام أو كجزء من قضاء فوائت الصيام، وذهب بعض الفقهاء إلى التفريق بين نيات الصيام في هذا اليوم، فمن صامه بنية التطوع المطلق كره ذلك، ومن صامه بنية قضاء صيام سابق أو كفارة فلا حرج عليه، أما إذا صامه بنية الاحتياط لرمضان فهو منهي عنه.
لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة؟
كره الفقهاء صيام اليوم الذي يسبق رمضان لمن ليس لديه عادة في الصيام أو سبب شرعي يدعوه لذلك، وقد أوضح ابن رجب الحنبلي في كتابه “لطائف المعارف” بعض الأسباب لهذا النهي، منها أن صيام يوم الشك قد يؤدي إلى زيادة غير مشروعة في عدد أيام رمضان، وهو ما وقع فيه أهل الكتاب حين زادوا على عباداتهم الشرعية، ولهذا نُهي عن صيام يوم العيد أيضًا حتى لا تختلط العبادات ببعضها دون سند شرعي، كما أن صيام يوم الشك يؤدي إلى طمس الحد الفاصل بين الفرض والنفل، والشريعة الإسلامية تُحبذ التفريق بين الفريضة والنافلة، مثلما شُرع الفصل بين صلاة الفرض والسنة.
متى يجوز صيام يوم الشك؟
رغم النهي عن صيام يوم الشك في المطلق، إلا أن الفقهاء استثنوا بعض الحالات التي يجوز فيها الصيام في هذا اليوم، ومنها أن يكون الشخص معتادًا على صيام أيام معينة مثل صيام الإثنين والخميس، أو أن يكون عليه قضاء أيام من رمضان الماضي، أو أن يكون صائمًا لنذر أو كفارة، ففي هذه الحالات لا يكون الصيام ممنوعًا لأنه يؤدي غرضًا مشروعًا، كما أن بعض الفقهاء ذهبوا إلى أن من بدأ الصيام في النصف الأول من شعبان واستمر في صيامه حتى نهايته، فله أن يكمل صيامه إذا صادف يوم الشك، وذلك لأن صيامه ليس بنيّة الاحتياط لرمضان، بل استمرارًا لعبادة بدأها قبل ذلك.
الفرق بين يوم الشك وصيام النصف الثاني من شعبان
بعض الفقهاء فرقوا بين صيام يوم الشك وصيام النصف الثاني من شعبان، فبينما يُنهى عن صيام يوم الشك لمن لم تكن له عادة صيام، فإن صيام النصف الثاني من شعبان مختلف، إذ وردت بعض الأحاديث التي تشير إلى جوازه، خاصة لمن أراد التقرب إلى الله، إلا أن بعض العلماء يرون أن الأفضل عدم الإكثار من الصيام بعد منتصف شعبان إلا لمن كان له صيام معتاد، وذلك منعًا للإرهاق قبل دخول رمضان.
صيام يوم الشك موضوع اختلف فيه العلماء، ولكن الرأي الراجح والمفتى به أنه لا يجوز الصيام في هذا اليوم احتياطًا لرمضان، وذلك لمنع اللبس في عدد أيام الصيام التي فرضها الله، ومع ذلك فقد أجاز الفقهاء صيامه لمن كان عليه قضاء أو نذر أو اعتاد الصيام في أيام معينة، كما أن التفريق بين صيام الفريضة والنافلة من الأمور التي شدد عليها الإسلام، حتى لا يحدث خلط بين ما هو واجب وما هو تطوع، ولذلك من الأفضل للمسلم الالتزام بتعليمات الشريعة وعدم تقديم صيام رمضان بيوم أو يومين كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.