هل يؤثر استنشاق الأكسجين على صحة الصيام؟

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال حول تأثير استخدام جهاز التنفس (الأكسجين) على صحة الصيام، وبعد دراسة الأمر والاستماع إلى آراء الخبراء المتخصصين في مجال الطب، أكدت دار الإفتاء أن استخدام المريض لجهاز التنفس أو بخاخات الربو أثناء الصيام لا يؤثر على صحة الصيام، ويرجع ذلك إلى أن الهواء المستنشق من خلال هذه الأجهزة ضروري لعملية التنفس الطبيعية، ولا يضر الصيام اختلاط الدواء به، لأنه عند امتزاجه بالهواء يصبح جزءًا من عناصره الأساسية التي تساعد مريض الربو على التنفس بشكل طبيعي، ولذلك فإن استخدام هذه البخاخات لا يفسد الصيام.
القياس الفقهي على المعفوَّات في الصيام
أوضحت دار الإفتاء أن العلماء نصّوا على وجود بعض الأمور التي لا تُفسد الصيام لأنها تندرج تحت ما يُعرف بالمعفوَّات، وهي الأشياء التي لا يمكن للإنسان أن يتحكم بها أو يمتنع عنها، ومن أمثلة ذلك استنشاق الصائم لغبار الطريق أو غربلة الدقيق أو استنشاق دخان الحريق أو حبوب اللقاح، وهذه الأمور تمتزج بالهواء ولا يمكن تمييزها عنه، وبالتالي فإنها لا تؤثر على صحة الصيام، وبناءً على ذلك فإن استخدام بخاخات الربو أو أجهزة التنفس لا يُعد من المفطرات، لأنه يشبه تلك الحالات التي نص الفقهاء على أنها غير مفسدة للصوم.
كما أشارت دار الإفتاء إلى أنه حتى في حال بقاء أثر الدواء في الفم أو وجود طعمه في الحلق بعد الاستنشاق، فإن ذلك لا يؤثر على الصيام، كما أن بلع الريق الناتج عن استخدام البخاخ لا يُفسد الصوم، والصائم في هذه الحالة غير مُلزم بالمضمضة بعد استخدام الجهاز، لأنه لا يُعد من المفطرات.
أنواع أجهزة الاستنشاق لمرضى الربو
في ظل التطورات الطبية الحديثة، أصبح هناك العديد من أجهزة الاستنشاق المستخدمة لعلاج مرضى الربو والجهاز التنفسي، ولذلك تزداد أهمية دراسة هذه المسألة الفقهية كلما طرأت تطورات جديدة في المجال الطبي، ويُعتبر مرض الربو من الأمراض المزمنة التي تؤثر على الجهاز التنفسي، ويعاني منه عدد كبير من الأشخاص حول العالم، ولذلك تُستخدم أجهزة الاستنشاق كوسيلة علاجية تساعد المرضى على التحكم في أعراض المرض والتعايش معه بطريقة صحية مستقرة.
ومع تطور التقنيات الطبية وظهور أنواع مختلفة من أجهزة الاستنشاق، أصبحت الحاجة مُلحَّة إلى إعادة النظر في أحكام الصيام المرتبطة باستخدام هذه الأجهزة، وقد تم الاستماع إلى آراء الأطباء المتخصصين في هذا المجال، وتمت دراسة تأثير هذه الأجهزة على الصيام وفقًا للمقررات الفقهية التي تحدد أحكام الصيام.
بخاخة الربو وتأثيرها على الصيام
تُعد بخاخة الربو واحدة من أهم وسائل العلاج التي يستخدمها مرضى الجهاز التنفسي، وهي جهاز استنشاق يحتوي على أدوية تساعد على توسيع الشعب الهوائية وتحسين عملية التنفس، وهناك نوعان رئيسيان من بخاخات الربو، وهما البخاخات الوقائية التي تُستخدم بانتظام للوقاية من النوبات، والبخاخات الإسعافية التي تُستخدم أثناء حدوث نوبة الربو لتخفيف الأعراض بسرعة، ونظرًا لأن الدواء الموجود في البخاخ يمتزج بالهواء ويتم استنشاقه دون أن يصل إلى الجهاز الهضمي، فإنه لا يُعتبر من المفطرات، ولذلك فإن استخدام بخاخة الربو أثناء الصيام لا يؤثر على صحة الصيام.
تأثير التقدم الطبي على الفتاوى الشرعية
مع التقدم الطبي المستمر، أصبحت هناك العديد من العلاجات الحديثة التي قد يكون لها تأثير على الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام، ولذلك تحرص المؤسسات الدينية مثل دار الإفتاء المصرية على دراسة هذه الأمور بعناية والاستماع إلى آراء الأطباء المتخصصين قبل إصدار الفتاوى، ويُعتبر هذا النهج مهمًا لضمان توافق الفتاوى الشرعية مع التطورات العلمية الحديثة، وخاصة فيما يتعلق بالأمور الطبية التي تؤثر على صحة الإنسان.
بناءً على ما سبق، فإن دار الإفتاء المصرية أكدت أن استخدام جهاز التنفس أو بخاخات الربو أثناء الصيام لا يُبطل الصيام، وذلك لأنها تُستخدم لتحسين عملية التنفس ولا تُعد من الأطعمة أو الأشربة التي تفسد الصيام، كما أن الدواء المستنشق من خلالها لا يصل إلى المعدة، وإنما يقتصر تأثيره على الجهاز التنفسي، وبذلك فإن المرضى الذين يحتاجون إلى استخدام هذه الأجهزة يمكنهم الصيام دون قلق، وفي حال كانت هناك حاجة طبية ماسة لاستخدام أدوية أخرى تؤثر على الصيام، فإنه يمكنهم الإفطار وقضاء الأيام التي أفطروها بعد انتهاء شهر رمضان إذا سمحت حالتهم الصحية بذلك.