حكم استعمال بخاخة الربو أثناء الصيام.. الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يتضمن استفسارًا حول حكم استعمال بخاخة الربو أثناء الصيام، وما إذا كان ذلك يؤثر على صحة الصوم، وقد جاء رد دار الإفتاء المصرية موضحًا لحكم هذه المسألة الشرعية بناءً على الأدلة الفقهية والطبية ذات الصلة.
دار الإفتاء تحسم الجدل حول بخاخة الربو والصيام
أوضحت دار الإفتاء أن الرأي الفقهي المختار في هذه المسألة هو أن استعمال بخاخة الربو أثناء الصيام لا يفسد الصوم، ولا يؤثر على صحته بالنسبة لمرضى الجهاز التنفسي الذين يحتاجون إليها، وقد استندت الفتوى إلى مجموعة من الأدلة الشرعية التي تؤكد عدم تأثير استخدام هذه البخاخة على صحة الصيام.
البخاخة تحتوي على هواء ضروري للتنفس
أشارت دار الإفتاء إلى أن الهواء المستنشق من بخاخة الربو أثناء نوبة الربو هو هواء ضروري لعملية التنفس الطبيعية، إذ تساعد البخاخة على توسيع الشعب الهوائية، وفتح الممرات الرئوية، وإزالة المخاط المتراكم في الرئة، مما يسمح للمريض بالتنفس بشكل طبيعي مرة أخرى، وبذلك فإن ما يدخل إلى الجسم عبر البخاخة لا يعد طعامًا أو شرابًا، ولا يشبه المفطرات التي تؤدي إلى بطلان الصوم.
قياس بخاخة الربو على الهواء الممزوج بالغبار والدخان
أوضحت الفتوى أن الدواء الذي يتم استنشاقه عبر بخاخة الربو يتحول إلى رذاذ دقيق يختلط بالهواء المستنشق، بحيث يصبح جزءًا من الهواء نفسه، ولا يمكن تمييزه عنه، وبذلك فإنه لا يختلف عن الهواء الذي قد يختلط بعناصر أخرى مثل غبار الطريق، أو الدخان المتصاعد، أو حبوب اللقاح، أو ما تحمله الرياح، وكلها أمور لا يمكن تجنبها أثناء التنفس، وقد نص الفقهاء على أن استنشاق مثل هذه العناصر لا يؤدي إلى فساد الصيام، حتى وإن كان ذلك ناتجًا عن عمل الصائم في مهنته، مثل الخباز أو البناء، حيث لا يمكنهم الامتناع عن استنشاق هذه الجزيئات أثناء عملهم.
وبناءً على ذلك، فإن قياس بخاخة الربو على المائع المفطر غير صحيح، لأن السوائل التي تفسد الصيام تمتاز بالجريان وعدم الاستقرار، بينما الدواء المستنشق من البخاخة يكون على شكل رذاذ دقيق الحجم جدًا، مما يمنع اعتباره من المائعات التي تفطر الصائم.
عدم تأثر الصوم ببقاء أثر الدواء في الحلق
أكدت دار الإفتاء أنه حتى لو بقي شيء من أثر الدواء الذي تم استنشاقه عبر بخاخة الربو في الحلق، أو داخل مجرى التنفس، أو على اللسان، فإنه لا يؤدي إلى فساد الصوم، لأن هذا الأثر يكون مختلطًا بالهواء وغير مميز عن اللعاب، وحتى لو شعر الصائم بطعم الدواء في حلقه أو ابتلع ريقه بعد استخدام البخاخة، فإن ذلك لا يؤثر على صحة الصيام، كما أن الصائم غير مكلف بالمضمضة لإزالة أثر الدواء، لأنه لا يتميز عن ريقه، وبذلك يصبح في حكم المستهلك الذي لا يترتب عليه حكم الإفطار.
الفقهاء يجيزون استنشاق الهواء المختلط بعناصر أخرى
استدلت دار الإفتاء المصرية بآراء الفقهاء الذين أكدوا أن استنشاق الغبار أو الدخان أو طعم الأدوية أو روائح العطور لا يؤدي إلى إفساد الصيام، لأن التحرز منها غير ممكن، وقد ذكر الإمام ابن مازه الحنفي في كتابه “المحيط البرهاني” أن وجود هذه العناصر في الحلق لا يفطر الصائم، لأن اجتنابها بشكل كامل غير ممكن، وهو ما ينطبق على بخاخة الربو، حيث لا يمكن للمريض الامتناع عن استخدامها في حالة الحاجة إليها.
استعمال بخاخة الربو أثناء الصيام لا يؤثر على صحة الصوم، ولا يعد من المفطرات، بناءً على الأدلة الشرعية والفقهية التي تؤكد أن ما يدخل إلى الجسم عبر البخاخة لا يعتبر طعامًا أو شرابًا، ولا يشبه المائعات التي تفسد الصيام.