الإفتاء توضح حكم إفطار مريض السكر الذي يتضرر أو يشتد عليه الصيام

مع حلول شهر رمضان المبارك، تكثر التساؤلات حول الأحكام الشرعية المتعلقة بصيام المرضى، خاصة المصابين بالأمراض المزمنة مثل مرض السكري، ومن بين الأسئلة التي وردت إلى دار الإفتاء المصرية كان السؤال حول حكم إفطار مريض السكر الذي يتضرر من الصيام ولا يُرجى شفاؤه، وهل عليه إخراج فدية أم لا، وقد أجابت دار الإفتاء عن هذا التساؤل موضحة الحكم الشرعي والضوابط المتعلقة به.
حكم إفطار مريض السكر في رمضان
أكدت دار الإفتاء المصرية أن مريض السكر الذي يتضرر من الصيام ويؤثر ذلك سلبًا على حالته الصحية، يجوز له الإفطار في رمضان دون إثم، خاصة إذا كان المرض من النوع الذي لا يُرجى شفاؤه، حيث إن الشريعة الإسلامية تقوم على رفع الحرج والمشقة عن المسلم، وقد أباح الله الإفطار للمرضى الذين قد يتسبب لهم الصيام في تفاقم المرض أو تأخير الشفاء.
كما أوضحت دار الإفتاء أن المريض الذي يفطر بسبب مرضه المزمن، عليه إخراج فدية عن كل يوم أفطره، وتقدر الفدية بمبلغ 30 جنيهًا كحد أدنى عن كل يوم، ومن زاد في القيمة فهو خير له، ويجوز إخراج الفدية دفعة واحدة عن الشهر كله، أو يومًا بيوم حسب القدرة والاستطاعة.
حالات مرضى السكر وحكم الصيام لكل حالة
نظرًا لأن مرض السكري له درجات مختلفة من حيث شدته وتأثيره على صحة المريض، فإن حكم الصيام يختلف تبعًا لنوع العلاج الذي يخضع له المريض، وقد قسم الأطباء مرضى السكري إلى ثلاث فئات رئيسية، ولكل فئة حكم شرعي خاص بها.
الحالة الأولى: مرضى السكر الذين يعتمد علاجهم على تنظيم الغذاء والرياضة
تعد هذه الفئة من المرضى الأقل تأثرًا بالصيام، حيث يعتمد علاجهم فقط على تنظيم الوجبات الغذائية وممارسة بعض التمارين الرياضية دون الحاجة إلى أدوية، وبالتالي يمكنهم الصيام دون مشكلة، طالما أن الصيام لا يسبب لهم أي مضاعفات صحية، ومع ذلك إذا تبين أن الصيام يؤثر سلبًا على حالتهم الصحية بناءً على توصية الطبيب، يجوز لهم الإفطار، وعليهم دفع الفدية عن كل يوم لم يتمكنوا من صيامه.
الحالة الثانية: مرضى السكر الذين يتناولون أدوية عن طريق الفم
تنقسم هذه الفئة إلى نوعين من المرضى، ولكل منهما حكم مختلف حسب عدد الجرعات اليومية ومدى تأثير الصيام على صحتهم:
النوع الأول: المرضى الذين يتناولون العقاقير مرة واحدة يوميًا
هؤلاء المرضى يمكنهم الصيام دون مشكلة، حيث يمكنهم تناول الجرعة اليومية من الدواء قبل الفجر، وبالتالي لا يوجد مانع شرعي من صيامهم، طالما أن حالتهم الصحية مستقرة ولا يؤثر الصيام عليهم بالسلب.
النوع الثاني: المرضى الذين يتناولون العقاقير مرتين أو ثلاث مرات يوميًا
في هذه الحالة، إذا كان من الممكن تعديل مواعيد تناول الدواء بحيث يأخذ المريض الجرعات قبل الفجر وبعد الإفطار دون أن يتسبب ذلك في ضرر، يمكنه الصيام، أما إذا كان الصيام يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمريض نتيجة تأخير الدواء أو عدم تناوله بانتظام، فيجوز له الإفطار، وعليه دفع الفدية عن الأيام التي لم يتمكن من صيامها.
الحالة الثالثة: مرضى السكر الذين يعتمد علاجهم على حقن الأنسولين
أما المرضى الذين يحتاجون إلى حقن الأنسولين مرة أو مرتين يوميًا أو أكثر، فحكم صيامهم يختلف حسب حالتهم الصحية ومدى تأثرهم بالصيام، فإذا كان بإمكانهم الصيام مع أخذ الحقن دون حدوث أي ضرر، فيجوز لهم ذلك، حيث إن حقن الأنسولين لا تفطر لأنها ليست طعامًا أو شرابًا، أما إذا كان الصيام قد يؤدي إلى انخفاض أو ارتفاع حاد في نسبة السكر في الدم، أو يؤثر على صحة المريض بشكل خطير، فيجب عليه الإفطار حفاظًا على صحته.
الإفطار واجب في حالات الضرر الصحي
أكدت دار الإفتاء أن الإسلام يدعو إلى التيسير وعدم تحميل الإنسان ما لا يطيق، ولذلك فإن أي مريض قد يؤدي الصيام إلى تدهور حالته الصحية، يجب عليه الإفطار، وليس مجرد رخصة يمكنه الأخذ بها أو تركها، بل هو واجب شرعي في هذه الحالة، لأن الله تعالى قال: “وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا”، كما أن النبي ﷺ قال: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ”، وهذا يؤكد أن الرخصة الشرعية يجب العمل بها إذا كان هناك ضرر مؤكد من الصيام.
الفدية وتعويض الصيام للمريض
أوضحت دار الإفتاء أن المريض الذي يفطر بسبب مرض مزمن لا يُرجى شفاؤه، عليه دفع الفدية عن كل يوم لم يصمه، وتقدر الفدية بمقدار 30 جنيهًا عن كل يوم، ومن أراد أن يزيد فهو خير له، كما يجوز إخراج الفدية على مدار الشهر أو دفعة واحدة، أما إذا كان المريض يُرجى شفاؤه بعد رمضان، فيجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها بمجرد تحسن حالته الصحية.
أكدت دار الإفتاء أن الحكم الشرعي لصيام مرضى السكري يعتمد على حالتهم الصحية ومدى تأثرهم بالصيام، فإذا كان الصيام لا يسبب لهم ضررًا، فيجب عليهم الصيام، أما إذا كان يؤثر سلبًا على صحتهم، فيجوز لهم الإفطار مع دفع الفدية إذا كان المرض مزمنًا، أما إذا كان المرض مؤقتًا ويُرجى شفاؤه، فيجب قضاء الأيام التي أفطرها بعد رمضان.