هل بلع البلغم يؤثر على صحة الصيام؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي

مع حلول شهر رمضان المبارك، تكثر التساؤلات حول صحة الصيام وما يُبطل أو لا يُبطل الصوم، ومن بين هذه الأسئلة الشائعة: هل بلع البلغم أثناء الصيام يُفسد الصوم؟، وقد أجابت دار الإفتاء المصرية على هذا التساؤل عبر موقعها الرسمي، موضحة الحكم الشرعي بالتفصيل.
حكم بلع البلغم أثناء الصيام
أكدت دار الإفتاء المصرية أن بلع البلغم أثناء الصيام لا يُفطر إلا في حالة واحدة، وهي إذا خرج البلغم إلى الفم وتم ابتلاعه عمدًا، أما إذا لم يتجاوز الحلق ولم يصل إلى الفم، فلا يؤثر على صحة الصيام.
وقد استندت دار الإفتاء في فتواها إلى ما ورد في كتاب “المجموع” للإمام النووي، حيث جاء فيه:
“إذا لم يحصل البلغم في حد الظاهر من الفم، فإنه لا يُفطر بإجماع العلماء، أما إذا نزل إلى الفم وصرفه الصائم أو لفظه فلا شيء عليه، ولكن إذا ابتلعه بعد وصوله إلى الفم، فإنه يُفطر على المذهب المعتمد عند جمهور الفقهاء.”
موقف المذاهب الفقهية من بلع البلغم
1.مذهب الجمهور (الشافعية والحنابلة والحنفية):
إذا ابتلع الصائم البلغم بعد وصوله إلى الفم متعمدًا، فإن صيامه يُفسد ويجب عليه قضاء ذلك اليوم.
إذا لم يخرج البلغم إلى الفم أو ابتلعه قهرًا دون قدرة على دفعه، فلا شيء عليه وصيامه صحيح.
2.مذهب المالكية:
يرى المالكية أن بلع البلغم لا يُفطر مطلقًا، سواء خرج إلى الفم أو بقي في الحلق، ويُعد الصيام صحيحًا في جميع الحالات.
يمكن لمن يواجه مشقة في تجنب بلع البلغم أن يُقلد مذهب المالكية ولا يُلزم بقضاء الصوم.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن من يجد حرجًا أو صعوبة في تجنب بلع البلغم أثناء الصيام يمكنه الأخذ برأي المالكية، وهو رأي قوي مدعوم بأدلة فقهية معتبرة.
حكم بلع القيء أثناء الصيام
إلى جانب مسألة البلغم، يطرح الكثيرون سؤالًا حول حكم بلع القيء وهل يُفسد الصوم. وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية الفرق بين القيء الذي يغلب الإنسان (القسري) وبين القيء المتعمد:
القيء غير المتعمد: إذا غلب القيء الصائم وخرج منه بدون قصد، فلا يُفطر، وصيامه صحيح ولا يلزمه القضاء، بشرط أن يتجنب ابتلاع شيء منه قدر الإمكان.
القيء المتعمد: إذا تعمد الصائم إخراج القيء من جوفه، سواء بإدخال إصبعه في فمه أو بأي وسيلة أخرى، فإن صيامه يُبطل حتى وإن لم يرجع شيء منه إلى الحلق، ويلزمه قضاء ذلك اليوم.
وقد استدل العلماء في هذا الحكم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:
“من ذرعه القيء (أي غلبه) فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمدًا فليقضِ.”
متى يُبطل الصيام بسبب القيء أو البلغم؟
إذا خرج القيء أو البلغم إلى الفم وتعمد الصائم ابتلاعه، فهذا يُبطل الصيام ويجب عليه القضاء.
إذا خرج إلى الفم دون قصد أو اختيار ولم يبتلعه الصائم، فإن صيامه صحيح ولا شيء عليه.
نصيحة دار الإفتاء للمسلمين في رمضان
نصحت دار الإفتاء المصرية المسلمين بتجنب الشكوك والوساوس في مثل هذه الأمور، مؤكدين أن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده، فلا يُفطر الصائم إلا إذا ابتلع شيئًا عمداً مع العلم بحرمة ذلك.
كما أكدت الدار على أهمية الاجتهاد في العبادة خلال الشهر الفضيل وعدم الانشغال الزائد بالتفاصيل التي قد تُسبب قلقًا لا داعي له.
شددت دار الإفتاء على أن العبادات في الإسلام مبنية على اليسر ورفع الحرج، وأن الأصل في الصيام هو التيسير على المسلمين ما لم يتعمد الصائم فعل شيء يُفطره بوضوح، ومن ابتُلي بمثل هذه الأمور، يمكنه أن يُقلد مذهب المالكية ولا يلزمه القضاء.