الخارجية الإيرانية تكشف كواليس مفاوضات روما النووية مع واشنطن

أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم السبت، أن المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة في العاصمة الإيطالية روما، تُعقد في قاعتين منفصلتين، وتُدار كليًا عبر وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، الذي يقوم بدور الوسيط بين الجانبين.
وأوضح بقائي، في تصريحات نقلتها وكالة «تسنيم» الإيرانية، أن الآلية المتبعة في جولة المحادثات الثانية تشبه تمامًا الجولة الأولى التي استضافتها مسقط، عاصمة سلطنة عمان، حيث يجلس كل وفد في قاعة مستقلة، ويتولى الوزير العماني نقل الرسائل والاقتراحات بين الطرفين.
لقاء تمهيدي بين إيران وعمان
وأشار المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إلى أن وزير الخارجية عباس عراقجي عقد اجتماعًا تمهيديًا مع وزير الخارجية العماني قبيل انطلاق الجلسة الأولى من المحادثات، بهدف تنسيق الجهود وضمان استمرار المسار التفاوضي دون عوائق.
وفي وقت سابق من اليوم، أجرى عراقجي لقاءً مع نظيره الإيطالي، الذي أعرب عن ترحيبه باستضافة بلاده لهذه الجولة الحساسة من المحادثات، مؤكدًا استعداد إيطاليا لتوفير الأجواء الملائمة لإنجاح الحوار.
طهران ترد على أخبار كاذبة
وفي معرض رده على ما تم تداوله من تقارير إعلامية تحدثت عن وجود مفاوضات مباشرة أو صيغ غير متفق عليها في روما، شدد بقائي على أن كل ما يُنشر من أخبار خارج إطار القنوات الرسمية لا أساس له من الصحة.
وأضاف: "إنتاج الأخبار الكاذبة ليس أمرًا جديدًا بالنسبة لنا، لكننا نعمل بهدوء وبدقة، ولا نلتفت إلى المحاولات الهادفة لخلق هوامش تعيق التقدم في العملية التفاوضية".
وأكد أن إيران متمسكة بالمسار الدبلوماسي، وتخوض هذه الجولة بهدف تحقيق نتائج ملموسة دون التفريط في ثوابتها الوطنية، مشيرًا إلى أن الوفد الإيراني يملك "كامل الصلاحيات" لإنجاز اتفاق إذا ما توفرت الإرادة السياسية من الجانب الآخر.
طموحات محدودة ومخاوف قائمة
ورغم أجواء التكتم الشديد على تفاصيل الملفات التي يتم التفاوض بشأنها، إلا أن المراقبين يرون أن المحادثات تتركز على البرنامج النووي الإيراني، في ظل ضغوط أمريكية لإعادة ضبطه بشروط مشددة، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية على طهران.
ولا تزال المخاوف قائمة من أن تؤدي أي انتكاسة في هذه الجولة إلى تصعيد محتمل في المنطقة، خصوصًا في ظل التوترات الإقليمية وتعثر المساعي الدبلوماسية خلال الأشهر الماضية.
تحديات أمام الوساطة العمانية ومخاوف من التعقيدات الإقليمية
تواجه الوساطة العمانية تحديات كبيرة في تقريب وجهات النظر بين الوفدين الإيراني والأمريكي، في ظل تشدد كل طرف بمطالبه الأساسية.
وبحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، فإن إيران تتمسك برفع فوري وكامل للعقوبات الاقتصادية، بالإضافة إلى تقديم ضمانات بعدم الانسحاب مجددًا من أي اتفاق يتم التوصل إليه، وهو ما تعتبره طهران "شرطًا أساسيًا" للمضي قدمًا في المحادثات.
في المقابل، تطالب واشنطن بفرض قيود أكثر صرامة على برنامج إيران النووي، وإدراج ملفات إقليمية تتعلق بنفوذ طهران في بعض دول الشرق الأوسط، وهي نقاط ترفضها القيادة الإيرانية حتى اللحظة.
ويُعدّ التوتر الإقليمي المتصاعد، خاصة في ظل استمرار الحرب في غزة والقلق الدولي من احتمالات توسع رقعة المواجهات، عاملاً ضاغطًا على مسار المفاوضات، إذ تخشى عدة أطراف دولية من أن يؤدي فشل هذه المحادثات إلى انفجار جديد في المنطقة.
ورغم هذه التحديات، تؤكد سلطنة عمان التزامها الكامل بدور الوسيط "الحيادي والبنّاء"، مشيرة إلى أن الجولة الحالية من المحادثات ما تزال في مراحلها الأولية، مع وجود رغبة واضحة لدى الطرفين في تجنّب المواجهة المباشرة والبحث عن تسوية تحفظ ماء الوجه للطرفين.
إشادة دولية بدور روما في استضافة المحادثات
حظيت استضافة العاصمة الإيطالية روما للجولة الثانية من المحادثات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بإشادة دبلوماسية دولية، واعتُبرت خطوة إيجابية نحو إعادة بناء الثقة بين الجانبين.
وأكد مراقبون أن اختيار روما يعكس الرغبة في بيئة تفاوضية هادئة ومحايدة بعيدًا عن التأثيرات السياسية المباشرة، خاصة في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
وفي السياق ذاته، أوضح مصدر أوروبي مطلع أن الاتحاد الأوروبي يُراقب سير المحادثات عن كثب، ويُبدي استعدادًا لتقديم الدعم الفني والسياسي لإنجاحها، مشيرًا إلى أن التوصل إلى اتفاق شامل من شأنه تهدئة الأوضاع الإقليمية وفتح الباب أمام مزيد من التعاون الدولي مع طهران.