ودعي الحلول الخاطئة.. الطريقة الآمنة للتعامل مع حروق الزيت في المطبخ

حروق الزيت في المطبخ من أكثر الإصابات المنزلية شيوعًا بين ربات البيوت والعاملين في إعداد الطعام، حيث يمكن لرشة صغيرة من الزيت الساخن أن تسبب ألماً شديداً وتهيجاً في الجلد، وفي كثير من الحالات تُتبع هذه الحروق بأساليب خاطئة قد تؤدي إلى تفاقم الحالة بدلاً من علاجها، فكم من مرة تم اللجوء إلى استخدام معجون الأسنان أو الثلج كإسعاف أولي دون وعي بالعواقب، وهو ما يجعلنا نطرح تساؤلاً هاماً، كيف يمكن التعامل مع هذه الحروق بطريقة صحيحة وآمنة بعيداً عن الموروثات القديمة والمفاهيم المغلوطة؟.
أخطاء شائعة في التعامل مع الحروق
من أبرز الأخطاء التي تتكرر عند الإصابة بحروق الزيت هو وضع الثلج مباشرة على الجلد المحترق، رغم أن هذا الفعل قد يعطي إحساساً فورياً بالبرودة إلا أنه يتسبب في تضييق الأوعية الدموية مما يعيق تدفق الدم إلى الأنسجة المتضررة، وبالتالي يزيد من حدة الإصابة ويؤخر عملية الشفاء.
إضافة إلى ذلك، يعد استخدام معجون الأسنان من أكثر العادات المنتشرة رغم خطورتها، إذ يحتوي على مواد كيميائية قد تتفاعل مع الجلد المتضرر وتؤدي إلى تهيج والتهاب، مما قد يزيد من فرصة التلوث ويُطيل مدة التعافي، فضلاً عن وضع مواد مثل الزبدة أو الزيت أو حتى العطور، وهي ممارسات تفتقر لأي دليل علمي وتُعد مضرة أكثر من كونها مفيدة.
الطريقة الآمنة لإسعاف الحروق
عند التعرض إلى حروق الزيت، فإن أول خطوة يجب اتخاذها هي إزالة مصدر الحرارة فوراً والابتعاد عن مكان الانسكاب لتجنب تفاقم الإصابة، ثم يُنصح بوضع الجزء المصاب تحت ماء جارٍ فاتر لمدة لا تقل عن 15 إلى 20 دقيقة، حيث تساعد هذه الخطوة في خفض درجة حرارة الجلد وتقليل عمق الضرر.
بعد تبريد الجلد يجب تجفيف المنطقة بلطف باستخدام منشفة نظيفة دون فرك، ثم يمكن استخدام كريم مخصص للحروق يحتوي على مضادات للبكتيريا ومواد مرطبة تهدئ الالتهاب وتحفز على التئام الجرح، وفي حال عدم توفر كريم علاجي يمكن استخدام جل الألوفيرا النقي كخيار بديل مؤقت.
ويُفضّل عدم تغطية الحروق بضمادات سميكة أو أقمشة قد تلتصق بالجلد، بل من الأفضل استخدام شاش معقم خفيف، كما يجب مراقبة الحالة باستمرار، وإذا ظهرت علامات تدل على التلوث مثل زيادة الألم أو ظهور صديد أو تورم، فيُستحسن التوجه إلى الطبيب فوراً.
متى تكون الحروق خطيرة وتحتاج إلى عناية طبية؟
ليست كل الحروق يمكن علاجها منزلياً، فهناك أنواع من الحروق تستدعي التدخل الطبي الفوري، مثل الحروق العميقة أو التي تغطي مساحة واسعة من الجلد، وكذلك الحروق التي تصيب الوجه أو اليدين أو المناطق الحساسة، كما أن الحروق المصحوبة بفقاعات مائية كبيرة أو فقدان للإحساس في المنطقة المصابة قد تشير إلى ضرر أكبر يتطلب علاجاً متخصصاً.
كما ينبغي الحذر من حروق الأطفال وكبار السن، حيث يكون الجلد لديهم أكثر رقة وعرضة للتلف السريع، وفي هذه الحالات يجب عدم التهاون أو الاعتماد على الإسعافات الأولية فقط.
دور الوقاية في تجنب الحروق
الوقاية تظل دائماً الخيار الأفضل، فمن خلال اتخاذ بعض الاحتياطات البسيطة يمكن تقليل فرص الإصابة بحروق الزيت بشكل كبير، ومن هذه التدابير استخدام أغطية لمقالي الزيت، والحرص على عدم ملء المقلاة بشكل مفرط، كما يجب الانتباه لوجود الأطفال في المطبخ أثناء القلي، واختيار ملابس مناسبة غير قابلة للاشتعال بسهولة.
أيضاً يُنصح بعدم الاقتراب المفرط من الزيت عند القلي، واستخدام أدوات ذات مقابض طويلة لتقليل احتمالية تلامس الجلد مع الزيت الساخن، كما أن تجهيز مطفأة حريق صغيرة في المطبخ قد تكون خطوة ذكية في حال حدوث طارئ أكبر من مجرد حرق بسيط.
الاستشارة الطبية تضمن التعافي السليم
رغم أن بعض حروق الزيت قد تبدو طفيفة في البداية، إلا أن إهمالها أو علاجها بطريقة خاطئة قد يؤدي إلى مضاعفات غير متوقعة، لذلك فإن استشارة طبيب مختص تُعد خطوة ضرورية لضمان شفاء الحروق دون ترك آثار أو ندوب، لا سيما في حال تكرار الإصابة أو وجود تاريخ للحساسية الجلدية.
ويُنصح بتجنب الخلطات الشعبية والعلاجات المنزلية التي يتم تداولها عبر الإنترنت دون مرجعية علمية، فهي قد تُفاقم الحروق بدلاً من شفائها، بل يُفضل الاعتماد على منتجات طبية معتمدة واتباع إرشادات السلامة التي تُوصي بها الجهات الصحية المختصة.
حروق الزيت ليست بالأمر الهين، ولكنها ليست خطيرة بالضرورة إذا تم التعامل معها بطريقة صحيحة، والابتعاد عن الحلول التقليدية غير المثبتة علمياً كفيل بتقليل الألم وتسريع الشفاء، لذا ودّعي الثلج والمعجون، واستثمري في المعرفة الصحيحة التي تحميك وتحافظ على صحة جلدك من مضاعفات لا داعي لها.