زيت عباد الشمس والقلب.. علاقة صحية أم خطر صامت؟

زيت عباد الشمس بات أحد الزيوت الأكثر استخدامًا في المطابخ حول العالم، ويُروَّج له باعتباره خيارًا صحيًا بفضل احتوائه على الدهون غير المشبعة، إلا أن التساؤلات حول تأثيره طويل المدى على صحة القلب لا تزال تثير اهتمام الباحثين والمتخصصين، فهل زيت عباد الشمس هو بالفعل الخيار المثالي لصحة القلب أم أنه يخفي خلف مذاقه الخفيف وقوامه الشفاف خطرًا صامتًا يتسلل ببطء إلى الشرايين؟.
ما هو زيت عباد الشمس؟
يستخرج زيت عباد الشمس من بذور نبات عباد الشمس، ويُصنف من الزيوت النباتية الغنية بالأحماض الدهنية غير المشبعة، وخاصة حمض اللينوليك، وهو أحد أنواع أحماض أوميغا 6، ويحتوي هذا الزيت أيضًا على فيتامين E المعروف بدوره كمضاد أكسدة، مما جعله يدخل في صناعة الأغذية ومستحضرات التجميل والعلاجات المنزلية المتنوعة.
إلا أن وجود هذه العناصر الغذائية لا يعني بالضرورة أن زيت عباد الشمس آمن بشكل مطلق لصحة القلب، بل إن هناك توازنًا دقيقًا يجب الحفاظ عليه بين الأحماض الدهنية المختلفة، وتحديدًا بين أوميغا 3 وأوميغا 6، وهو ما يشكل جوهر الجدل الطبي حول هذا الزيت.
فوائد زيت عباد الشمس للقلب
عند التحدث عن الإيجابيات، لا يمكن تجاهل أن زيت عباد الشمس يحتوي على نسب عالية من الدهون غير المشبعة، والتي تساهم في خفض مستويات الكوليسترول الضار LDL، وهو ما يدعم صحة القلب ويساعد على تقليل فرص الإصابة بتصلب الشرايين، كما أن وجود فيتامين E يجعله فعالًا في تقليل الالتهابات التي قد تؤثر على الأوعية الدموية.
كما تشير بعض الدراسات إلى أن استخدام زيت عباد الشمس باعتدال ضمن نظام غذائي متوازن قد يساهم في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية، ولكن يشترط لذلك ألا يكون مصحوبًا بإفراط في تناول الدهون الأخرى أو قلة في استهلاك أوميغا 3.
الوجه الآخر.. مخاطر محتملة على المدى البعيد
رغم الفوائد الظاهرة لزيت عباد الشمس، إلا أن هناك أبحاثًا تشير إلى أن الإفراط في استخدامه قد يكون له آثار سلبية على صحة القلب، فالنسبة العالية من أوميغا 6 فيه، إذا لم تقابلها كمية مناسبة من أوميغا 3، قد تؤدي إلى حالة التهابية مزمنة في الجسم، وهذه الحالة تعتبر من العوامل المساهمة في أمراض القلب والسكتات الدماغية.
علاوة على ذلك، فإن بعض أنواع زيت عباد الشمس المعالجة صناعيًا تتعرض لعمليات تكرير تؤدي إلى فقدان كثير من القيم الغذائية، كما أن هذه العمليات قد تنتج عنها مركبات ضارة، مثل الألدهيدات، عند استخدام الزيت في القلي المتكرر بدرجات حرارة عالية، وهو ما يجعل من الضروري الانتباه إلى نوع الزيت وطريقة استخدامه.
زيت عباد الشمس والدهون المؤكسدة
من الأمور التي تثير القلق في الدراسات الحديثة أن زيت عباد الشمس، عند تسخينه لفترات طويلة، يكون عرضة لتكوين مركبات مؤكسدة قد تؤثر سلبًا على خلايا القلب، وهذا التأثير لا يظهر فورًا، بل يتراكم على المدى الطويل، وهو ما دفع بعض الخبراء إلى التحذير من استخدامه في الطهي المتكرر أو في قلي الأطعمة بعمق.
كما أن هذه المركبات المؤكسدة قد تزيد من مستويات الكوليسترول المؤكسد في الدم، وهو ما يزيد من احتمالية انسداد الشرايين، لذلك يُنصح باستخدام زيت عباد الشمس في الطهي الخفيف أو إضافته باردًا على السلطات بدلًا من تعريضه لدرجات حرارة عالية.
التوازن هو الحل
لا يمكن الجزم بأن زيت عباد الشمس مفيد أو ضار بشكل مطلق، بل إن المسألة تعتمد على كمية الاستخدام ونوعية النظام الغذائي العام، فإذا تم استخدامه باعتدال، ضمن حمية غنية بالألياف والخضروات وأحماض أوميغا 3، يمكن الاستفادة من فوائده دون التعرض للمخاطر المحتملة.
لكن في المقابل، إذا كان النظام الغذائي يعتمد بشكل مفرط على زيت عباد الشمس، دون وجود مصادر أخرى متوازنة من الدهون الصحية، فقد يكون لذلك تأثير سلبي على صحة القلب، لا سيما في ظل نمط حياة غير نشط أو ارتفاع مستويات التوتر.
من الأفضل تنويع مصادر الدهون في الطعام وعدم الاعتماد على زيت عباد الشمس وحده، كما يُنصح بمراجعة الطبيب أو أخصائي التغذية لتحديد أفضل الزيوت المناسبة للحالة الصحية لكل فرد، فالقلوب تستحق منا العناية وليس المجازفة، خصوصًا إذا كان الأمر يتعلق بمكونات يومية نتناولها دون تفكير.