الأربعاء 23 أبريل 2025 الموافق 25 شوال 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل يُسأل الآباء عن تقصيرهم في تربية الأبناء؟.. أستاذ بالأزهر يحسم الجدل

القارئ نيوز

الأبناء هم أمانة عظيمة في أعناق آبائهم وأمهاتهم، فهم النبتة التي تُزرع في البيوت وتُروى بالقيم والمبادئ وتنمو وسط ما يغرسه الآباء من تربية وتوجيه، ولذا فإن تربية الأبناء ليست مجرد واجب اجتماعي، بل هي في الأصل مسؤولية دينية وشرعية يُحاسب عليها الإنسان يوم القيامة، وهو ما بيّنه الدكتور ربيع الغفير، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، من خلال تسليطه الضوء على أحد أبرز الأحاديث النبوية التي تؤسس لمفهوم المسؤولية في الإسلام وهو الحديث الشريف: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.

الحديث النبوي الذي يضع الأبناء تحت مظلة الرعاية الإلهية

قال الدكتور ربيع إن هذا الحديث النبوي الشريف يُعد من الركائز الأساسية التي تحدد طبيعة العلاقة بين الإنسان ومن يعول، وفي مقدمتهم الأبناء، حيث أكد النبي صلى الله عليه وسلم من خلاله أن كل فرد في المجتمع مكلف برعاية غيره، وأن تلك الرعاية ليست اختيارية بل هي مسؤولية حتمية ومحاسبة إلهية، وأضاف أن هذا التوجيه النبوي يأتي منسجمًا مع التوجيه القرآني الذي يضع قواعد واضحة لغرس الشعور بالمسؤولية لدى المسلم.

المسؤولية ليست دينية فقط بل شعور داخلي عميق

أوضح الدكتور ربيع الغفير أن الحديث الشريف لا يُحدد فقط التكليف الشرعي تجاه الأبناء، بل يُغرس في نفس الإنسان إحساسًا داخليًا بالمسؤولية، وأشار إلى أن هذه المسؤولية تبدأ من النفس وتمتد إلى الأسرة ثم إلى المجتمع والوطن، فالإنسان المسلم مطالب بأن يعي هذه الأدوار المتداخلة، وأن يدرك أن تربية الأبناء ليست مهمة ثانوية بل هي أولوية شرعية ومجتمعية، كما شدد على أن كل من يتولى أمرًا في حياته هو في موضع رعاية ومحاسبة أمام الله سبحانه وتعالى.

دلالة القرآن الكريم على مسؤولية الآباء تجاه الأبناء

استشهد الأستاذ بجامعة الأزهر بآيات من القرآن الكريم لتأكيد أهمية تربية الأبناء، ومنها قوله تعالى: “وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا”، حيث أشار إلى أن هذا التوجيه الإلهي الصريح يكشف مدى عمق العلاقة بين الإيمان والرعاية الأسرية، فالقرآن يُعلّم الإنسان أن يزرع في أبنائه القيم الدينية والصبر على تعليمها، وهذه هي اللبنة الأولى لبناء مجتمع صالح، فلا إصلاح مجتمعي بلا تربية سليمة للأبناء داخل البيت.

السنة النبوية تُفصّل مفاهيم التربية وتعمقها

أكد الدكتور ربيع أن السنة النبوية الشريفة جاءت لتُفصّل هذه المسؤولية بأسلوب عملي، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه، حفظ أم ضيع”، وهو حديث شديد الوضوح في تحديد مصير من أهمل مسؤولياته، خاصة تلك التي تتعلق بالأبناء، فهذا الحديث يُعطي تصورًا مرعبًا لحجم المسؤولية المُلقاة على عاتق الآباء، فهم ليسوا فقط مؤتمنين على الجسد والغذاء، بل على الروح والقيم والإيمان.

التربية مسؤولية تُسأل عنها يوم القيامة

شدد الأستاذ بالأزهر على أن التربية لا تنتهي عند حدود التعليم أو الإنفاق، بل تشمل الرعاية القيمية والسلوكية، وهو ما جاء في حديث: “ربوا أولادكم وأحسنوا أدبهم”، وهذا الحديث يحمل في طياته دعوة مباشرة للآباء أن يُنشئوا أبناءهم على الأدب والخلق الحسن، وأن يسهروا على تنشئتهم كما يسهرون على غذائهم وكسائهم، وأكد أن من ضيع أبناءه فقد ضيّع أمانة عظيمة وسيُسأل عنها أمام الله، إذ أن الأبناء لا يُتركون للزمن بل يُربّون على عين من يخاف الله ويرجو ثوابه.

المجتمع يبدأ من الأسرة وتكوين الأبناء

أوضح الدكتور ربيع أن الإسلام يضع بداية إصلاح المجتمع في البيت، وتحديدًا في حسن تربية الأبناء، فكل أب وأم هما المسؤولان الأوائل عن نشأة هذا الجيل، وإذا صلح الأبناء صلح المجتمع بأسره، ومن هنا فإن تربية الأبناء تُعد من أعظم المهام التي لا ينبغي أن تُؤجل أو تُهمل، لأنها الأساس الذي تبنى عليه الأجيال القادمة، والتي تتحمل فيما بعد مسؤولياتها بنفسها، فإذا تأسست على القيم والمبادئ فإن البناء كله سيكون متماسكًا وقويًا.

التقصير في تربية الأبناء جريمة معنوية لا تغتفر

أكد الدكتور ربيع أن تقصير الآباء في تربية الأبناء لا يُعد مجرد إهمال بل جريمة معنوية تمتد آثارها لأجيال متعاقبة، فحين يتخلى الأب عن دوره التربوي، ويترك أبناءه للشوارع أو وسائل الإعلام أو رفقة السوء، فهو يُسهم دون أن يشعر في نشر الفساد والجهل والانحراف، لأن الأبناء هم مرآة آبائهم، وإذا غابت الرعاية الحقيقية، ظهر الخلل في الشخصية والسلوك، ولهذا فإن الآباء سيُسألون عما أنشؤوا، وهل حافظوا على فطرتهم الطيبة أم أفسدوها بالتقصير واللامبالاة.

دعوة لتجديد الوعي بمسؤولية تربية الأبناء

اختتم الدكتور ربيع الغفير حديثه بالتأكيد على أن القيم الإسلامية المتعلقة بالمسؤولية ليست مجرد نصوص تُتلى، بل يجب أن تتحول إلى سلوك عملي يومي في حياة كل مسلم، وأكد أن على كل أب وكل أم أن يُدركا أن الأبناء هم الثمرة الحقيقية في هذه الحياة، وأن نجاحهم هو نجاح للأسرة والمجتمع، كما دعا إلى ضرورة دعم الآباء نفسيًا وتعليميًا ومعنويًا لتمكينهم من أداء دورهم التربوي بنجاح.

تم نسخ الرابط