رئيس وزراء اليمن أحمد عوض بن مبارك يعلن استقالته رسميًا

أعلن رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك، اليوم السبت 3 مايو 2025، استقالته رسميًا من منصبه، في خطوة مفاجئة أعادت تسليط الضوء على تعقيدات المشهد السياسي اليمني وتوازنات السلطة داخل الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا.
وفي بيان رسمي، أوضح بن مبارك أن قرار استقالته جاء بعد فترة طويلة من الصعوبات والتحديات التي واجهها أثناء توليه رئاسة الحكومة، مشيرًا إلى أن أبرز تلك التحديات تمثلت في عدم تمكينه من ممارسة صلاحياته الدستورية، بما في ذلك اتخاذ القرارات الضرورية لإجراء إصلاحات عاجلة داخل مؤسسات الدولة، وتنفيذ التعديل الحكومي الذي وصفه بـ"المستحق".
بن مبارك يبرر قراره.. لا أعمل وفق الدستور
قال بن مبارك في بيانه: «لقد واجهت الكثير من الصعاب والتحديات، لعل أهمها عدم تمكيني من العمل وفقًا لصلاحياتي الدستورية في اتخاذ القرارات اللازمة لإصلاح عدد من مؤسسات الدولة، وعدم تمكيني من إجراء التعديل الحكومي المستحق، رغم الحاجة الماسة إليه لتحسين الأداء الحكومي».
وأضاف: «أؤمن بضرورة أن تعمل الحكومة بكامل صلاحياتها، وأؤمن بأن استمرار الأوضاع على ما هي عليه يمثل عائقًا أمام أي جهود حقيقية لبناء الدولة وإخراج اليمن من أزماته المركبة».
وتابع بن مبارك، الذي شغل مناصب دبلوماسية سابقة أبرزها سفير اليمن لدى واشنطن، بأنه اختار الانسحاب من المشهد التنفيذي حفاظًا على ما تبقى من مؤسسات الدولة، ولمنح فرصة لبديل يستطيع أن يحظى بدعم كافٍ لممارسة صلاحياته الدستورية كاملة دون عوائق.
خلفيات التوتر في الحكومة اليمنية
تأتي استقالة أحمد عوض بن مبارك في سياق سياسي معقد، إذ تشهد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا خلافات داخلية متكررة بين مكوناتها، خاصة بين المجلس الرئاسي والحكومة، فضلًا عن النفوذ المتزايد لبعض الفصائل المسلحة والمكونات السياسية المدعومة من أطراف إقليمية.
ورغم اتفاق الرياض الذي وُقِّع عام 2019 بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، فإن تنفيذ بنود الاتفاق ظل متعثرًا، ما انعكس على أداء الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية، وزاد من حالة الشلل الإداري والسياسي.
وتشير تقارير إلى أن بن مبارك حاول على مدار الأشهر الماضية إجراء تعديلات على عدد من الوزراء الذين وصف أداءهم بالضعيف أو غير المتعاون، لكن محاولاته قوبلت برفض غير معلن من قبل أطراف في المجلس الرئاسي، ما دفعه إلى التلويح بالاستقالة أكثر من مرة.
تفاعل سياسي يمني وإقليمي
أثار إعلان الاستقالة تفاعلًا واسعًا داخل الساحة السياسية اليمنية، إذ أبدى بعض النواب والمسؤولين السابقين دعمهم لموقف بن مبارك، واعتبروا استقالته «صرخة في وجه الفوضى السياسية»، بينما رأى آخرون أن الاستقالة قد تعمّق أزمة الثقة داخل الحكومة وتؤثر على علاقاتها الدولية، خصوصًا مع الدول الداعمة لها مثل السعودية والإمارات.
وفي أول تعليق دولي غير رسمي، أشارت مصادر دبلوماسية عربية إلى أن الاستقالة قد تفتح الباب أمام مشاورات عاجلة لاختيار رئيس وزراء بديل يتمكن من الإمساك بزمام الأمور في هذه المرحلة الدقيقة، خاصة مع التحديات الاقتصادية والإنسانية التي تمر بها البلاد.
من هو أحمد عوض بن مبارك؟
يُعد بن مبارك واحدًا من أبرز الشخصيات السياسية والدبلوماسية اليمنية خلال العقد الأخير، حيث سبق له أن شغل منصب الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، وسفير اليمن في الولايات المتحدة، قبل أن يُكلف برئاسة الحكومة في عام 2022.
وتميّزت فترة رئاسته للوزراء بمحاولاته المستمرة لاستعادة أداء مؤسسات الدولة، والعمل على تحسين الوضع الاقتصادي وتفعيل الخدمات، إلا أن جهوده كانت دائمًا تصطدم بعراقيل سياسية داخلية وخارجية.
ماذا بعد الاستقالة؟
تفتح استقالة بن مبارك الباب أمام تساؤلات عدة حول من سيخلفه في المنصب، وما إذا كان سيتم الاتفاق سريعًا داخل المجلس الرئاسي على اسم يحظى بقبول داخلي ودعم خارجي، في وقت تحتاج فيه اليمن إلى خطوات حاسمة لإعادة ترتيب أولوياتها السياسية والاقتصادية.
ويُتوقع أن تشهد الساعات المقبلة مشاورات مكثفة داخل أروقة الحكومة الشرعية لاختيار رئيس وزراء جديد، خاصة مع اقتراب استحقاقات مهمة على رأسها إعادة هيكلة عدد من مؤسسات الدولة، وتجديد الالتزامات الدولية المتعلقة بالمساعدات الإنسانية.