الأحد 04 مايو 2025 الموافق 06 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

من دموع الحب إلى رصاصة في القلب.. عبدالوهاب في سطور لا تُنسى

القارئ نيوز

يوافق اليوم الأحد، 4 مايو، الذكرى الرابعة والثلاثين لرحيل الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، أحد أهم أعمدة الموسيقى العربية، الذي ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الفن العربي، واستحق عن جدارة لقب «موسيقار الأجيال»، نظير ما قدّمه من أعمال شكلت نقطة تحول فارقة في مسيرة الغناء العربي الحديث.

ولد محمد عبدالوهاب في بدايات القرن العشرين، وسط مجتمع موسيقي محافظ يميل إلى القوالب الكلاسيكية الصارمة، لكنه تمرد على التكرار، وابتكر ألحانًا جديدة تمزج بين الأصالة والتجديد، فبات صوته ولحنه مرآة لتطور الفن العربي عبر عقود من التغيرات السياسية والاجتماعية.

«أمير الشعراء».. من mentor إلى بوابة المجد

ربما لا يمكن الحديث عن عبدالوهاب دون استحضار العلاقة الخاصة التي جمعته بـ «أمير الشعراء» أحمد شوقي، تلك العلاقة التي انطلقت عام 1924، عندما كان عبدالوهاب لا يزال في مقتبل عمره، ويغني في أحد كازينوهات الإسكندرية بحضور رجال دولة وأدباء كبار، بعد انتهاء الحفل، طلب شوقي مقابلته، ومنذ ذلك اليوم أصبح راعيه الفني والإنساني.

على مدى سبع سنوات، عاش عبدالوهاب في كنف شوقي، وهي السنوات التي اعتبرها لاحقًا الأهم في مسيرته، حيث تعلم منه الكثير، ليس فقط في الشعر والموسيقى، بل حتى في اللغة الفرنسية، لغة النخبة آنذاك. 

وقدمه شوقي إلى رموز الفكر والصحافة من أمثال طه حسين وعباس العقاد، كما عرفه إلى قادة سياسيين مثل سعد زغلول والنقراشي باشا، ما فتح أمامه أبوابًا واسعة لم تكن لتُفتح لولا هذه العلاقة الفريدة.

موسيقى عبدالوهاب.. الحداثة في ثوب شرقي

امتاز عبدالوهاب بقدرته الاستثنائية على دمج الموسيقى الشرقية التقليدية مع الأساليب الغربية الحديثة، دون أن يفقد هويته، لم يكن يخشى التجريب، فاستعان بالآلات الغربية مثل الكمان والتشيلو والبيانو، وأدخل الإيقاعات السيمفونية إلى الأغنية العربية، فحوّل الغناء من طرب تقليدي إلى تجربة موسيقية متكاملة.

أعماله كانت ثورة ناعمة، غيّرت قواعد اللعبة الفنية، وصنعت لنفسها مدرسة موسيقية مستقلة، تتلمذ عليها كبار المطربين والملحنين الذين جاءوا بعده، منهم عبدالحليم حافظ، وأم كلثوم التي لحّن لها عددًا من روائعها.

السياسة والموسيقى.. حين تعزف الأوطان

امتدت شهرة عبدالوهاب إلى دوائر السلطة، فكان موضع تقدير من زعماء مصر على اختلاف العصور،  حصل على رتبة لواء شرفية من الرئيس الراحل أنور السادات، وارتدى الزي الرسمي أثناء قيادته لعزف النشيد في حفل توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، في مشهد يعكس الثقة التي أوليت له كممثل فني للوطن.

كما قلّده الرئيس جمال عبدالناصر «وسام الاستحقاق»، ولقبه بـ «فنان الشعب»، وكرّمته الدولة لاحقًا في أكثر من مناسبة، تقديرًا لمسيرته الفنية والسياسية.

عبدالوهاب في السينما.. نغمة وصورة

لم تقتصر عبقرية عبدالوهاب على التلحين والغناء، بل امتدت إلى شاشة السينما، حيث شارك في عدد من الأفلام الغنائية التي ما زالت تُعرض حتى اليوم، منها «الوردة البيضاء»، و«دموع الحب»، و«غزل البنات»، و«ممنوع الحب»، و«رصاصة في القلب»، و«لست ملاكًا»، وهي أعمال جمعت بين الأداء التمثيلي الراقي والصوت الطربي الخالد.

من الشاشة إلى الدراما.. تجسيد العبقري

أدرك صنّاع الدراما أهمية عبدالوهاب كرمز ثقافي وتاريخي، فتم تجسيد شخصيته في العديد من الأعمال، منها «العندليب: حكاية شعب»، و«أسمهان»، و«الشحرورة»، و«أنا قلبي دليلي»، و«مشرفة: رجل لهذا الزمان»، و«أبو ضحكة جنان»، و«السندريلا»، و«حليم»، وذلك ضمن محاولات لاستعادة ملامح عصره الذهبي بكل ما فيه من وهج فنّي.

تكريم لا يُنسى.. وتمثال يخلد الذكرى

نال عبدالوهاب خلال حياته وبعد وفاته عددًا من التكريمات الرسمية، منها: «الميدالية الذهبية في العيد الذهبي للإذاعة»، و«الجائزة التقديرية في الفنون»، و«قلادة الكوكب الأردنية»، و«جائزة الجدارة». كما أنشأت الدولة متحفًا خاصًا بمقتنياته بجوار معهد الموسيقى العربية، وخلّدت ذكراه بتمثال في ميدان باب الشعرية، مسقط رأسه.

الرحيل.. وسيرة لا تغيب

رحل الموسيقار محمد عبدالوهاب عن عالمنا في مثل هذا اليوم، 4 مايو من عام 1991، عن عمر ناهز 81 عامًا، إثر إصابته بجلطة في المخ.

 وقد أقيمت له جنازة عسكرية مهيبة، بناءً على قرار من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ليودع الوطن أحد أعظم من أنجبتهم الساحة الموسيقية.

ورغم مرور 34 عامًا على رحيله، إلا أن صوته وألحانه ما تزال حيّة، تصدح بها الإذاعات، وتحملها القلوب بحنين، لتؤكد أن موسيقار الأجيال لم يكن مجرد فنان، بل كان حالة إنسانية وفنية ستظل حاضرة ما بقي الطرب والذوق.

تم نسخ الرابط